انتصار ملاذ كرد
ممدوح إسماعيل
الولد السيد الأجل المؤيد المنصور المظفر السلطان الأعظم ملك العرب والعجم وسيد ملوك الأمم ضياء الدين غياث المسلمين ظهير الإمام كهف الأنام عضد الدولة القاهرة تاج الملة الباهرة سلطان ديار المسلمين برهان أمير المؤمنين حرس الله تمهيده وجعل من الخيرات مزيده.
- التصنيفات: التاريخ والقصص - التاريخ الإسلامي -
يوم من أيام الله فى 26 اغسطس عام 1071م حقق المسلمون انتصارا اعجازيا ساحقا خلده التاريخ فى موقعة "ملاذ كرد" التى انتصر فيها المسلمون السلاجقة الاتراك على الامبراطورية البيزنطية وأسروا الإمبراطور "ارمانوس" فى معركة ونصر يعتبر معجزة بمقاييس البشر والإحتفال بذكرى هذا النصر رسالة معنوية للمهزومين من المسلمين ان المسلمين أصحاب مجد وأنهم قادرون على النصر لو تحققت شروطه ورسالة للعالم الصليبى وسط غرورهم أننا اصحاب تاريخ ونصر للإسلام قابل للتكرار وهى رسالة سياسية خطيرة فى ظل احداث متسارعة على العالم الاسلامى اتوقف بداية مع اعظم كلمة قيلت فى المعركة هى كلمة شيخ الاسلام ابو نصر البخارى للملك الب رسلان قال له: (انما تقاتل عن هذا الدين الذى وعد الله بنصره وإظهاره على سائر اﻻديان) تلك هى كلمة الفصل من أحد علماء اﻹسلام للملك "الب ارسلان" فى موقعة "ملاذ كرد" التى تقابل فيها جيش المسلمين وعددهم عشرون ألف بجيش الروم وعلى رأسهم اﻻمبراطور "ارمانوس" وكانوا قوام الجيش الرومى 300 ألف معهم آلاف البطاركة متحدين على هدم الاسلام واحتلال القدس امام 20 ألف.
وقد فصل ذلك الإمام ابن كثير قال: وفيها أقبل ملك الروم ارمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والرخ والفرنج، وعدد عظيم وعُدد، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، ومعه مائتا ألف فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفاً، ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفاً، ومعه مائة ألف نقّاب وخفار، وألف روزجاري، ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير، وألفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغرادات والمناجيق، منها منجنيق عدة ألف ومائتا رجل، ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الإسلام وأهله،
القائد المسلم "الب ارسلان" علم بخبر بمسير جيش الروم وهو فى أحد غزواته ولم يكن مستعدا له ولكنه بمجرد علمه لم يترد واتجه بجيشه لملاقاة الروم وعند ميدان المعركة فكر بعد ماحدثت مناوشات و ضرب مقدمة جيش الروم فكر فى اختلال الأسباب والفارق العددى الرهيب وأراد تكتكيا استغلال الوقت بعقد هدنة لحين تقوية جيشه بالمدد القادم فرفض امبراطور الروم وصمم على إستئصال المسلمين والوصول للقدس.
فعقد ألب "الب ارسلان" العزم على الجهاد وقال: (انا احتسب عند الله نفسي وأن سعدت بالشهادة ففي حواصل الطيور الخضر من حواصل النسور الغبر رمسي. وإن نصرت فما أسعدني وأنا أمسي ويومي خير من أمسي..) " ولكنه نظر إلى جنوده نظرة فهمها شيخه ابو نصر البخارى فقال لهإنك تقاتل عن دين وعدَ الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله تعالى قد كتبَ باسمك هذا الفتح، فالقهم يوم الجمعة بعد الزوال بالساعة التي تكون الخطباء على المنابر فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة على الفور لبس ألب ارسلان كفنه وحدد يوم الجمعة للمواجهة للبركة بساعة اﻻجابة وخطب بالجنود وحثهم على الجهاد لنصرة اسلام وبكى السلطان تضرعا لله، فبكى الناس لبكائه،، فقال لهم "نحن مع القوم تحت الناقص وأريد أن أطرح نفسي عليهم في هذه الساعة التي يدعى فيها لنا وللمسلمين على المنابر. فإما أن أبلغ الغرض وإما أن أمضي شهيداً إلى الجنة، فمن أحب أن يتبعني منكم فليتبعني ومن أحب أن ينصرف فليمض مصاحباً عني فما هاهنا سلطان يأمر ولا عسكر يؤمر فإنما أنا اليوم واحد منكم وغاز معكم من أراد الإنصراف فلينصرف، فما ههُنا سلطان يأمر ولا ينهى.
وألقى القوس والنشاب، واخذ السيف، وعقد ذنب فرسه بيده، وفعل عسكره مثله، ولبس البياض وتحنط وقال: إن قتلت فهذا كفني الله أكبر على مثل هؤلاء ينزل نصر الله، وعندما يتأمل ماحدث أى مهزوم الفكر والعقيدة ﻻيصدق أبدا أن يقاتل 20 الف امام جيش من 300 الف اﻻسباب منقطعة عسكريا تماما ولكن منذ متى ونحن المسلمون نقاتل أعدائنا باﻻسباب الكاملة عسكريا منذ بدر حتى اﻵن نحن مأمورون باﻹعداد على قدر اﻻستطاعة فقط ومعاركنا معارك عقيدة لنصر اسلام والله ينصر من نصر دينه والتقى الجمعان ودارت بينهما حرب ضروس حامية الوطيس استمرت حتى زوال الشمس،
كان السلطان الب ارسلان في مقدمة الصفوف يقاتل بشجاعة منقطعة النظير ولكن البطل الب ارسلان كان قائدا عسكريا محنكا وكان يعلم أن المواجهة العسكرية التقليدية خطأ فاحش فوضع خطة تكتيكية للحرب تضمنت التظاهر بأنهم ينسحبون بينما مجموعات أخرى من الجنود تقوم بالاختباء فى نقاط قريبة من ميدان المعركة، حتى ظن الجيش البيزنطي أن السلاجقة يتقهقرون خوفاً منهم فأخذوا يتبعونهم إلا أنهم لم يتمكنوا من اللحاق بهم نظراً لكثرة عتادهم وثقل دروعهم بينما كان الفرسان الأتراك أخف وزناً وحركة.
وبعد فترة فجأة ظهرت مجموعات الجنود المختبئة تحيط بقلب الجيش البيزنطي من الخلف بشكل يشبه الهلال و أمطروهم بوابل من السهام قتل منهم الآلاف.. ثم غير الفرسان الذين كانوا يتظاهرون بالانسحاب اتجاههم وعادوا لمواجهة الجيش البيزنطي وبدأ السلاجقة بإبادة جيش البيزنطيين وتم أسر الإمبراطور رومانوس، وانتصار الب ارسلان وجنوده فى المعركة ليسجل التاريخ أعظم انتصارات المسلمين بفضل الله وما ان علم النصارى فى القسطنطنية بذلك حتى محوا اسم امبراطورهم من تاريخهم من العار........
وقد عمت الفرحة العالم الإسلامى وأرسل الخليفة العباسى رسالة للبطل الب ارسلان قال فيها ( " الولد السيد الأجل المؤيد المنصور المظفر السلطان الأعظم ملك العرب والعجم وسيد ملوك الأمم ضياء الدين غياث المسلمين ظهير الإمام كهف الأنام عضد الدولة القاهرة تاج الملة الباهرة سلطان ديار المسلمين برهان أمير المؤمنين حرس الله تمهيده وجعل من الخيرات مزيده.)
كان النصر فى ملاذ كرد رائعا وعظيما ويوم من ايام الله معاركنا معارك عقيدة ننتصر فيها بالاسلام والايمان وقيادة مؤمنة حكيمة غفر الله ﻻلب ارسلان وتقبله من الشهداء وادخله فسيح جناته