بين العربية الفصحي واللهجات العربية - (1) تكوّن اللغة
ثبت أن المتحدثين بالعربية الباقية لم يكونوا طائفة واحدة رغم انتسابهم إلى العرب، وإنما كانوا قبائل كثيرة في انحاء الجزيرة العربية، بينهم اختلاف في الثقافة والمعرفة.
ثبت أن المتحدثين بالعربية الباقية لم يكونوا طائفة واحدة رغم انتسابهم إلى العرب، وإنما كانوا قبائل كثيرة في انحاء الجزيرة العربية، بينهم اختلاف في الثقافة والمعرفة.
ومن الثابت أن ايضا ان العربية في الجاهلية كانت لغة كل العرب؛ وقد حاول بعض العلماء اثبات ان أصل العربيه الفصحى الكلاسيكية هو عربية الشعر الجاهلي، والتى سادت في نجد وشرق الجزيرة العربية،
ويقولون: إن لغة الشعر الفصيحة هذه قد انتشرت من هذا الأقليم لغيره من مناطق الجزيرة، فمن نجد انتقلت لغة الشعر إلى مملكة الحيرة في الشمال.
ومن المفروض ايضا أن تكون تلك اللغة الوليدة قد انتقلت إالى المراكز التجارية المنتعشة في الجزيزة كمكة والمدينة.
وليس من المدهش أن تكون تلك اللغة هي نفس اللغة التى نزل بها القرآن الكريم في مكة بسبب مكانتها الأجتماعية المرتفعة، واستغراقها لقبائل العرب.
وقد غالى أصحاب هذه الرأي فذهبو إلى أن كل اللهجات هي من أصول لغة واحدة، فلغة الكلام الدارجة في العصر الجاهلي وصدر الأسلام لم تكن تختلف اختلافا كبيراً عن لغة الشعر ولغة القرآن الكريم.
وكان العرب ايضاً ينظرون إلى الشعراء وشعرهم على انهم حماه نوع رفيع من اللغات بما فيه من نظام الإعراب، وهي لغة اعلى من مستوى المتكلم العادى.
وقد تشكك الباحثون الغربيون في هذا الرأي الذي لا يتفق مع التطور اللغوي وقالوا: هناك فارق كبير بين اللغة الأدبية النموذجية التى صادفها الإسلام وقت ظهوره زادها ونماها القرآن الكريم بعد نزوله، وهي لا تنفي وجود اللهجات العربية المختلفة قبل الإسلام وبعده؛ ومن المؤكد أن عامة العرب لم تكن تنطق بلهجاتها الخاصه بل كانت تتفوه باللغة الأدبية والتي عرفت بالعربية الفصحى.
ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن "أقدم ما نستطيع تصوره في شأن شبه الجزيرة العربية، هو أن نتخيلها وقد انتظمتها لهجات محلية كثيرة، انعزل بعضها عن بعض، واستقل كل منها بصفات خاصه، ثم كانت تلك الظروف التي هيأت لبيئة معينة في شبه الجزيرة فرصة ظهور لهجتها ثم ازدهارها، والتغلب على اللهجات الأخرى.
ومع ذلك فالروايات اللغوية قد أكدت في كثير من نصوص اللهجات العربية صلتها القوية باللغة العربية الفصحى، وكثيرا ما ذكرت كتب اللغة النحو والأدب شواهد من لغة تميم، وقيس، وأسد، وطيء، وغيرها، وقد سجلت هذه الشواهد ظواهر لهجية تميز بها هؤلاء الأقوام عن اولائك، ومع كل ما سبق فهي ذات صلة قوية بما نجدة في العربية الفصحى.
لقد ابقي الشعر على خصائص اللغة الأدبية المشتركة؛ وجاء القرآن الكريم فزاد هذه الخصائص تثبيتا، كما ساعد على اضعاف شأن اللهجات التى لا ترقي إلى مستوى العربية الفصحى.
وعلى الرغم من أن الأمية قد أثرت في كيان اللغة الأدبية المشتركة بضياع تراثها، فإن حرص العرب على إقامة الإسواق الأدبية في العصر الجاهلي، وحرصم الدائم على تسجيل مآثرهم في قصائدهم وما عرف ب"المعلقات" قد حافظ على تراث هذه اللغة، ولاختفى كثير من خصائص العربية الفصحى قبل نزول القرآن الكريم بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأليف: محمد صالح توفيق
تلخيص: فريق عمل إسلام واي
- التصنيف:
- المصدر: