أقسام اللذات

منذ 2019-09-16

فاللذة الجثمانيةُ: لذة الأكل, والشُّرب, والجماع, وهذه اللذة يشترك فيها مع الإنسان الحيوانُ البهيمُ, فليس كمالُ الإنسان بهذه اللذة, لمشاركة أنقص الحيوانات له فيها

قال الإمام ابن القيم في روضة المحبين:

أقسام اللذات:

أقسام اللذات ثلاثة: لذة جثمانية, ولذة خيالية وهمية, ولذة عقلية روحانية.

فاللذة الجثمانيةُ: لذة الأكل, والشُّرب, والجماع, وهذه اللذة يشترك فيها مع الإنسان الحيوانُ البهيمُ, فليس كمالُ الإنسان بهذه اللذة, لمشاركة أنقص الحيوانات له فيها, ولأنها لو كانت كمالاً لكان أفضل الإنسان, وأشرفهم, وأكملهم أكثرهم أكلاً, وشرباً, وجماعاً, وأيضاً: لو كانت كمالاً, لكان نصيب رُسُل الله وأنبيائه وأوليائه منها في هذه الدار أكمل من نصيب أعدائه. فلمَّا كان الأمرُ بالضد, تبين أنها ليست في نفسها كمالاً.

وأمَّا اللذة الوهميَّةُ الخيالية: فلَّذة الرئاسة, والتعاظم على الخلق, والفخر, والاستطالة عليهم, وهذه وإن كان طُلابها أشرف نفوساً من طلاب اللذة الأولى, فإن آلامها وما توجبه من المفاسد والمضار أعظم من التذاذ النفس بها, فإن صاحبها منتصب لمعاداة كلِّ من تعاظم وترأس عليه.

وأما اللذة العقلية الروحانية: فهي كلذة المعرفة, والعلم, والاتصاف بصفات الكمال, من: الكرم, والجود, والعفة, والشجاعة, والصبر, والحلم, والمروءة وغيرها فإن الالتذاذ بذلك من أعظم اللذات, وهو لذة النفس الفاضلة العلوية الشريفة, فإذا انضمت اللذة بذلك إلى لذة معرفة الله تعالى, ومحبته, وعبادته وحده لا شريك له, والرضا به, عوضاً من كلِّ شيءٍ, - ولا يُتعوض بغيره عنه – فصاحبُ هذه اللذة في جنةٍ عاجلةٍ نسبتها إلى لذات الدنيا, كنسبة لذة الجنة إلى لذة الدنيا, فإنه ليس للقلب والرُّوح ألذ, ولا أطيبً, ولا أحلى, ولا أنعم من محبة الله, والإقبال عليه, وعبادته وحده, وقرة العين به, والأنس بقربه, والشوق إلى لقائه ورؤيته, وإن مثقال ذرة من هذه اللذة لا يُعدل بأمثال الجبال من لذات الدنيا.

طريق الإسلام

  • 14
  • 1
  • 7,204

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً