نحو تجديد العقل المسلم - (٢٩) قانون المادة وأوامر الشرع
المؤمن يثاب لأنه يؤمن وهو قادر على الكفر، مطيع وهو قادر على المعصية. حرية الاختيار عليها مدار الثواب والعقاب.
لقوانين المادة على أجسامنا ضغوط نتحملها مكرهين مرغمين دون اختيار منا.
أما أوامر الشرع فمرتبطة بحرية الاختيار دون إكراه أو قهر مادي.
المؤمن يثاب لأنه يؤمن وهو قادر على الكفر، مطيع وهو قادر على المعصية. حرية الاختيار عليها مدار الثواب والعقاب.
وهنا مسألة دقيقة: وهي أن حرية الاختيار لا تتعارض مع "الضرورة" التي تُملَى بها أوامر الشرع، فضرورة الواجبات ليست هي الضرورة المادية التي يفرضها سلطان قوانين المادة على أجسامنا وحواسنا.
تأمل مثلا قوله تعالى {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.. ففيه تعبير عظيم عن لزوم أوامر الشرع. فأنت لك حرية الإيمان والاعتقاد، فإذا دخلت لساحة الإسلام والإيمان، فأمامك ضرورات الواجبات وضرورات الأخلاق لتنهض بها.
وهذه الواجبات الشرعية ترتقي بك فتقاوم بها ضغوط المادة عليك، في درجات ودرجات من علو الإيمان والرغبة فيما عند الله تعالى.
وتأمل وصف أهل الإيمان {الذين ينفقون في السراء والضراء}، ووصفهم في ساعة العسرة {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين}.
ثم انظر تنديد القرآن بالمنافقين في نفس الغزوة لعدم قيامهم على هذا {وقالوا لا تنفروا في الحر، قل نار جهنم أشد حرا، لو كانوا يفقهون}.
{لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي}
{أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} ؟!
{ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا}
- التصنيف:
- المصدر: