فوائد من شرح العلامة عبدالعزيز الراجحي لصحيح البخاري كتاب الإيمان :2-2
ويدخل في المحبة والبغض كل من شارك الأنصار في الوصف كالدعاة وأنصار الحق والعلماء العاملين فمحبتهم علامة على الإيمان و بغضهم علامة على النفاق.
• حديث ( «آية الإيمان حب الأنصار و آية النفاق بغض الأنصار» ).
ويدخل في المحبة والبغض كل من شارك الأنصار في الوصف كالدعاة وأنصار الحق والعلماء العاملين فمحبتهم علامة على الإيمان و بغضهم علامة على النفاق.
قال ابن رجب رحمه الله : وسُئل بعضهم عن المحبة ، فقال : الموافقة في جميع الأحوال.
كل مؤمن وكل تقي وكل ولي تجب ولايته ، فمن علامات الإيمان محبة المؤمنين والمصلحين والمرشدين والوعاظ وأهل العلم وأهل الخير عموماً وأفضلهم في ذلك وأعظمهم الصحابة لما كانت لهم مزية الصحبة.
﴿ {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} ﴾ [التوبة: ١٠٠]
فمن أبغض الصحابة أو سبهم أو تنقصهم فقد كذَّب الله ورسوله ، فكيف يترضى عنهم الرب ويسبهم العبد ؟ ثم إن سبهم أيضاً سب للدين الذي حملوه ، فهم الذين حملوا إلينا الشريعة والقرآن والسنة ، فكيف يوثق في دين ينقله كفار أو فساق ، فمن سب الصحابة أو كفرهم أو فسقهم فهو مرتد مكذب لله ولرسوله.
قوله ﷺ ( «من سأل الناس أموالهم تكثيرا فإنما يسأل جمرة فليستقل أو ليستكثر» ) وفي هذا إشارة إلى أن إعطاء المال لمن لا يستحق ظاهره التحريم.
• قوله (( {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} ))
و حديث ( «إن أعلمكم بالله وأتقاكم أنا» )
فيه دليل على أن عمل القلب من الإيمان و أن الإيمان باللسان لايكفي حتى يصدق القلب.
قوله ﷺ (أعلمكم) العلم معرفة القلب ، وفيه أن العلم يتفاوت ، فعمل القلب إذن يتفاوت ويترتب عليه تفاوت الإيمان.
فيه الرد على الكرَّامية أتباع محمد بن كرام حيث يقولون : الإيمان قول باللسان فقط.
• حديث ( «أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان» ..)
فيه دليل على تفاضل الناس في الإيمان ، و أن إيمان المرء يضعف حتى لا يبقى منه إلا مثقال حبة من خردل زيادة على التوحيد.
• حديث ( «أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الل» ه .....)
الشاهد أنه سمى الإيمان عملا.
وكلمة التوحيد من المعلوم أنها لا تصح إلا بشروطها و من شروطها :
العلم المنافي للجهل.
الاخلاص المنافي للشرك.
اليقين المنافي للشك.
الصدق المانع من النفاق.
المحبة بهذه الكلمة والسرور بها.
الانقياد بحقوقها.
القبول المنافي للترك.
• ﴿ {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم} ﴾ [الحجرات: ١٤]
فسرها الإمام البخاري رحمه الله بمعنى استسلمنا وانقدنا للاسلام ظاهراً ونفاقاً فذهب رحمه الله إلى أن المراد بالإسلام هنا الإسلام الظاهر وهو إسلام المنافقين ، وماذهب إليه البخاري مع جلالة قدره فيه ضعف والصواب الذي عليه جمهور اهل السنة و الجماعة والمحققون أن هذه الآية ليست في المنافقين وإنما هي في ضعفاء الإيمان ، والإيمان الضعيف الذي يفعل صاحبه معه المعاصي لا يطلق على صاحبه مؤمن وإنما يطلق على صاحبه مطلق الإسلام ، فالعاصي يسمى مسلماً ولا يسمى مؤمنا عند الاطلاق إلا إذا قيد ، يقال : مؤمن ناقص الإيمان ، فإذا التزم أداء الفرائض وانتهى عن المحارم سمي مسلماً و سمي مؤمنا.
والدليل على صحة ماذهب إليه الجمهور قوله ﷻ في الآية ( {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم} ﴾ والمعنى : إن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا ولو كانوا منافقين لم يكن لهم ثواب فالمنافق ليس له ثواب ، ثم قال ﴿ {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} ﴾ [الحجرات: ١٥] أي : فهؤلاء هم المؤمنون الكاملون وهؤلاء هم الصادقون في إيمانهم أما أنتم فلستم صادقين في إيمانكم.
الفاسق والعاصي يقال له في الإثبات : مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمان فاسق بكبيرة وفي النفس لا تقول : ليس بمؤمن فحسب بل تقول : ليس بمؤمن حقا أو ليس بصادق الإيمان.
• باب كفران العشير وكفر دون كفر.
وحديث ( «أُريت النار فرأيت أكثر أهلها النساء يكفرن قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : يكفرن العشير ويكفرن الإحسان إن أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خيراً قط» ).
استدل المؤلف بالتراجم أن الكفر يتفاوت فكذلك الإيمان يتفاوت في المقابل ، فإذا كانت المرأة تكفر العشير فهذا معنى نقص في إيمانها وضعفه ، أما إذا لم تكفر العشير فيكون إيمانها أكمل فدل على أن الإيمان يتفاوت ، وفيه الرد على المرجئة.
• حديث ( «إنك امرؤ فيك جاهلية» )
وقول الله ﷻ ﴿ {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} ﴾ [النساء: ٤٨]
وقوله ﷻ ﴿ {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} ﴾ [الحجرات: ٩]
هذه الترجمة قصد بها المؤلف الرد على الطوائف الضالة الذين يكفرون بالمعاصي كالخوارج والمعتزلة بإيراد قوله (وان طائفتان..) و وجه الدلالة أنه سماهم مؤمنين وهم يتقاتلون مع أن القتال كبيرة ، فقتال المسلمين بعضهم بعضا من كبائر الذنوب ومع ذلك سماهم مؤمنين وأمر بالإصلاح بينهم فدل على مرتكب الكبيرة لا يكفر خلافاً للخوارج والمعتزلة.
والآية فيها دليل على أن الإيمان يزيد وينقص و لا ينتهي إلا إذا جاء الكفر الأكبر.
قوله ( «إنك امرؤ فيك جاهلية» ) دليل على أن الإيمان يزيد وينقص وأن الناس يتفاوتون في الإيمان وأنه قول وعمل.
• باب ظلم دون ظلم
قصد المؤلف بهذه الترجمة بيان أن الظلم أنواع وأقسام ، وأنه يتفاوت ، وإذا كان الظلم أقساماً وأنواعا دل على أن الإيمان يزيد وينقص ، فإذا ارتكب الإنسان نوعاً من أنواع الظلم نقص إيمانه وضعف.
• باب علامات النفاق وحديث ( «آية المنافق ثلاث : إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» )
المراد بالنفاق هنا النفاق الأصغر الذي لا يخرج من الملة ، وهذا يدل على أن الإيمان يتفاوت بالزيادة والنقصان فالمسلم إذا كان فيه شيء من علامات النفاق نقص ايمانه وضعف واذا سلم من علامات النفاق كمل إيمانه.
فيه الرد على المرجئة.
ليست علامات النفاق محصورة فيما ذكر فقط ، لأن المعنى : من آية المنافق ، فمفهوم العدد لا يفيد الحصر.
للنفاق علامات أخرى ومنها : الكسل عند الصلاة وعدم الطمأنينة فيها.
النفاق الأصغر قد يجر إلى الكفر ولكنه ليس كفراً ، وهذه الخصال تنقص الإيمان وتضعفه.
قوله ﷺ ( «أربع من كن فيه» ....)
قال بعض العلماء في معنى هذا الحديث : إن هذه الخصال إذا استحكمت وكملت في شخص جرت الإنسان إلى النفاق الأكبر وإلا هي معاصي لا تخرج من الإيمان.
• باب الصلاة من الإيمان وقول الله (( «وما كان الله ليُضيع إيمانكم» ))
دلت الآية و الحديث الذي في الباب أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان وهذا من أقوى الأدلة في الرد على المرجئة.
• باب حسن اسلام المرء
حديث ( «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه» ...)
استدل به المؤلف رحمه الله على أن الإيمان يزيد وينقص وهذا فيه الرد على المرجئة ، لأن الإسلام يكون حسنا ويكون غير حسن ، فالذي حسن اسلامه زاد ايمانه والذي لم يحسن اسلامه معناه أن إيمانه ناقص.
قوله ﷺ ( «والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها» ) فيه الرد على الخوارج والمعتزلة الذين يقولون : إن السيئة لا يتجاوز الله عنها بل يخلد صاحبه في النار.
في الحديث الرد على المرجئة والخوارج والمعتزلة.
• باب فضل من استبرأ لدينه
حديث ( «الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات» ....)
قوله : "استبرأ لدينه وعرضه" فيه بيان من استبرأ لدينه فقد كمل دينه و من كمل دينه فقد كمل إيمانه ، لأن الدين هو الإيمان ، وأن الدين عند الإطلاق يدخل فيه الإيمان ، و الإيمان عند الإطلاق هو الدين.
فيه دليل على أن من يفعل المشبهات لم يكمل دينه ولم يستبرأ لدينه وعرضه.
خالد البلوشي.
- التصنيف:
- المصدر: