مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا

منذ 2019-10-06

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } . [المدثر]

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} :

الوليد بن عتبة مثال لكل من اعطاه الله المال والبنين فاغتر بعطاء الله ثم بارز الله العداء بنعم الله, وهاهنا يوبخه الله على رؤوس الأشهاد هو وكل من على شاكلته ويذكرهم بأنه خلقهم فرادى بلا أنيس في الرحم ثم نزلوا إلى الدنيا ضعفاء فقراء فأمدهم الله بالمال والذرية ومهد لهم سبل العيش والرخاء فما زادهم عطاء الله إلا عداء لله ورسله وأوليائه وكرها في شرائعه ورسالاته وحرباً لها, ثم يطمع أحدهم ويدعي متوقحاً أن الله سيكرمه في الآخرة كما أكرمه في الدنيا , فأي إكرام منتظر من الله لأعدائه؟؟؟ هو فقط مجرد غرور وجهل بالله وبالنفس الأمارة بالسوء, بل إن جزاء المعاندين لله وآياته هو العذاب الأليم والإهانة والمشقة التي لا راحة فيها.

قال تعالى:

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } . [المدثر]

قال السعدي في تفسيره:

هذه الآيات، نزلت في الوليد بن المغيرة، معاند الحق، والمبارز لله ولرسوله بالمحاربة والمشاقة، فذمه الله ذما لم يذمه غيره، وهذا جزاء كل من عاند الحق ونابذه، أن له الخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى، فقال: { {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} } أي: خلقته منفردا، بلا مال ولا أهل، ولا غيره، فلم أزل أنميه وأربيه,{ { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا} } أي: كثيرا,{ و } جعلت له { {بنين } } أي: ذكورا { {شُهُودًا} } أي: دائما حاضرين عنده،يتمتع بهم، ويقضي بهم حوائجه، ويستنصر بهم.{ {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا } } أي: مكنته من الدنيا وأسبابها، حتى انقادت له مطالبه، وحصل على ما يشتهي ويريد،{ ثُمَّ } مع هذه النعم والإمدادات { {يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} } أي: يطمع أن ينال نعيم الآخرة كما نال نعيم الدنيا.

{ { كَلَّا} } أي: ليس الأمر كما طمع، بل هو بخلاف مقصوده ومطلوبه، وذلك لأنه { { كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا } } أي: معاندا، عرفها ثم أنكرها، ودعته إلى الحق فلم ينقد لها ولم يكفه أنه أعرض وتولى عنها، بل جعل يحاربها ويسعى في إبطالها.

قال ابن كثير في تفسيره:

قال قتادة ، عن ابن عباس : صعود : صخرة [ في جهنم ] عظيمة يسحب عليها الكافر على وجهه .
وقال السدي : صعودا : صخرة ملساء في جهنم ، يكلف أن يصعدها .
وقال مجاهد : ( {سأرهقه صعودا } ) أي : مشقة من العذاب . وقال قتادة : عذابا لا راحة فيه . واختاره ابن جرير .

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 3
  • 0
  • 13,182
المقال السابق
فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ
المقال التالي
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ.فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً