ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا
أبو الهيثم محمد درويش
{ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا (18)} [الإنسان]
- التصنيفات: التفسير -
{وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} :
كل ما في الجنة من نعيم لا يشترك مع مثيله في الدنيا إلا في الأسماء فقط, فنعيم الجنة ليس كمثله نعيم.
يطاف على الأبرار بآنية الفضة وأكواب فيها بياض الفضة مع صفاء الزجاج كما قال ابن عباس رضي الله عنه, ويسقون من كؤوس خمر ممزوج بالزنجبيل المتفجر من عين سلسبيل.
قال تعالى:
{ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا (18)} [الإنسان]
قال ابن كثير في تفسيره:
وقوله : ( {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب} ) أي : يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام ، وهي من فضة ، وأكواب الشراب وهي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم .
وقوله : ( { قواريرا} )وقوله : ( {قوارير من فضة} ) فالأول منصوب بخبر " كان " أي : كانت قوارير . والثاني منصوب إما على البدلية أو تمييز ; لأنه بينه بقوله : ( {قوارير من فضة } )
قال ابن عباس ومجاهد والحسن البصري ، وغير واحد : بياض الفضة في صفاء الزجاج ، والقوارير لا تكون إلا من زجاج ، فهذه الأكواب هي من فضة ، وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها ، وهذا مما لا نظير له في الدنيا .
قال ابن المبارك ، عن إسماعيل ، عن رجل ، عن ابن عباس : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : ( {قدروها تقديرا } ) أي : على قدر ريهم ، لا تزيد عنه ولا تنقص ، بل هي معدة لذلك ، مقدرة بحسب ري صاحبها . هذا معنى قول ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح ، وقتادة ، وابن أبزى ، وعبد الله بن عبيد الله بن عمير ، وقتادة ، والشعبي ، وابن زيد . وقاله ابن جرير وغير واحد . وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( {قدروها تقديرا } ) قدرت للكف . وهكذا قال الربيع بن أنس . وقال الضحاك : على قدر أكف الخدام . وهذا لا ينافي القول الأول ، فإنها مقدرة في القدر والري .
وقوله : ( {ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا} ) أي : ويسقون - يعني الأبرار أيضا - في هذه الأكواب {كأسا} ) أي : خمرا ، ( {كان مزاجها زنجبيلا} ) فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد ، وتارة بالزنجبيل وهو حار ، ليعتدل الأمر ، وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة . وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفا ، كما قاله قتادة وغير واحد . وقد تقدم قوله : ( { عينا يشرب بها عباد الله } ) وقال هاهنا ( {عينا فيها تسمى سلسبيلا} ) أي : الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلا .
قال عكرمة : اسم عين في الجنة . وقال مجاهد : سميت بذلك لسلاسة سيلها وحدة جريها .
وقال قتادة : ( {عينا فيها تسمى سلسبيلا} ) عين سلسة مستقيد ماؤها .
وحكى ابن جرير عن بعضهم أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق . واختار هو أنها تعم ذلك كله ، وهو كما قال .
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن