هديه صلى الله عليه وسلم في حجته وعُمره (1-2)
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
* أما هو صلى الله عليه وسلم فلم يحل من أجل هديه, وهناك قال: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي, ولجعلتها عمرة»
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
هديه صلى الله عليه وسلم في حجته وعُمره من زاد المعاد
* اعتمر صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة أربع عمر, كلهن في ذي القعدة.
* لم يكن في عُمَرِه عُمرَة واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم, وإنما كانت عُمرُهُ كُلُّها داخلاً إلى مكة, وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عته أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً.
* لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في السنة إلا مرة واحدة, ولم يعتمر في سنة مرتين.
* لم يحجَّ بعد هجرته إلى المدينة سوى حجه واحده, وهي حجةٍ واحدة, وهي حجة الوداع..وكانت سنة عشر.
* خير أصحابه عند الإحرام بين الأنساك الثلاثة, ثم ندبهم عند دنوهم من مكة إلى فسخ الحج والقرآن إلى العمرة لمن لم يكن معه هدي, ثم حتم ذلك عليهم عند المروة.
* أحرم صلى الله عليه وسلم قارناً....والحج الذي استقر عليه فعله وفعل أصحابه القرآن لمن ساق الهدى, والتمتع لمن لم يسق الهدى.
* لما أراد الإحرام اغتسل..إحرامه..ثم طيبته عائشة بيدها..في بدنه ورأسه..ثم لبس إزاره ورداءه, ثم صلى الظهر ركعتين, ثم أهلَّ بالحجِّ والعمرة في مصلاه... ولم ينقل عنه أنه صلى للإحرام ركعتين غير فرض الظهر...ثم ركب على ناقته, وأهلَّ أيضاً, ثم أهلَّ لما استقلت به على البيداء...ثم لبى فقال: ( «لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» ) ورفع صوته بهذه التلبية حتى سمعها أصحابه, وأمرهم بأمر الله له أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية.
* لما كان بسرف, «حاضت عائشة رضي الله عنها, وقد كانت أهلت بعمرة, فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي, قال: ( ما يبكيك لعلك نفست ؟ ) قالت: نعم. قال: ( هذا شيء قد كتبه الله على بنات آدم, افعلي ما يفعل الحاجُ, غير أن لا تطوفي بالبيت»
* ولما كان بسرف, قال لأصحابه: ( «من لم يكن معه هدى, فأحبَّ أن يجعلها عمرة فليفعل, ومن كان معه هدى فلا » ) وهذه مرتبة أخرى فوق رتبة التخير عند الميقات, فلما كان بمكة أمر أمراً حتماً من لا هدي معه أن يجعلها عُمرة, ويحلَّ من إحرامه, ومن معه هدي أن يُقيم على إحرامه, ولم ينسخ ذلك شيء البتة.
* ثم نزل بذي طوى, فبات بها, وصلى بها الصبح, ثم اغتسل من يومه, ونهض إلى مكة فدخلها نهاراً من أعلاها من الثنية العليا.وسار حتى دخل المسجد وذلك ضحى
* فلما دخل المسجد عند إلى البيت ولم يركع تحية المسجد, فإن تحية المسجد الطواف, فلما حاذى الحجر الأسود استلمه ولم يزاحم عليه, ولم يرفع يديه, ولم يقل: نويت بطوافي هذا الأسبوع كذا وكذا, ولا افتتحه بالتكبير...ثم أخذ عن يمينه, وجعل البيت عن يساره, ولم يدع عند الباب بدعاء, ولا تحت الميزاب, ولا عند ظهر الكعبة وأركانها, ولا وقت للطواف ذكراً معيناً, لا يفعله, ولا بتعليمه, بل حفظ عنه بين الركنين: ( { ربنا آتنا في الدنيا حسنة, وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار} )
* ورمل في طوافه هذا الثلاثة الأشواط الأول, وكان يسرع في مشيه, ويقارب بين خطاه, واضطبع بردائه فجعل طرفيه على أحد كتفيه, وأبدى كتفه الأخرى ومنكبه.
* كلما حاذى الحجر الأسود, أشار إليه أو استلمه بمحجنه, وقبّل المحجن....وثبت عنه أنه قبل الحجر الأسود, وثبت عنه أنه استلمه بيده, فوضع يده عليه ثم قبلها, وثبت عنه أنه استلمه بمحجن, فهذه ثلاث صفات.
* ثبت عنه أنه استلم الركن اليماني, ولم يثبت عنه أنه قبَّله, ولا قبَّل يده عند استلامه...وكلما أتى الحجر الأسود قال: ( الله أكبر )
* فلما فرغ من طوافه, جاء إلى خلف المقام, فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مُصلى } [البقرة:125] فصلى ركعتين, والمقام بينه وبين البيت, قرأ فيهما بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص...فلما فرغ من صلاته أقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه.
* ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يقابله, فلما قرب منه, قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة:159] أبدأ بما بدأ الله به.
* ثم رقي عليه حتى رأى البيت, فاستقبل القبلة, فوحد الله وكبره, وقال: ( «لا إله إلا الله وحده ولا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير, لا إله إلا الله, أنجز وعده, ونصر عبده, وهزم الأحزاب وحده » ) ثم دعا بين ذلك, وقال مثل هذا ثلاث مرات.
* ثم نزل إلى المروة يمشى, فلما انصبت قدما في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى.
* وكان صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى المروة رقي عليها, واستقبل البيت, وكبر الله ووحده, وفعل كما فعل على الصفا, فلما أكمل سعيه عند المروة, أمر كلَّ من لا هدي معه أن يحلَّ حتماً ولا بدَّ, قارناً كان أو مفرداً, وأمرهم أن يحلوا الحلَّ كُلَّه من وطء النساء والطيب ولبس المخيط, وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية
* أما هو صلى الله عليه وسلم فلم يحل من أجل هديه, وهناك قال: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي, ولجعلتها عمرة»
* وهناك دعا للمحلقين ثلاثاً, وللمقصرين مرة.
* وكان يصلي مدة مقامه بمكة إلى يوم التروية بمنزله الذي هو نازل بالمسلمين بظاهر مكة, فأقام بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصلاة, يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء, فلما كان يوم الخميس ضُحى, توجه بمن معه من المسلمين إلى مِنى, فأحرم بالحج من كان أحلَّ منهم من رحالهم, ولم يدخلوا المسجد فأحرموا منه, بل أحرموا ومكة خلف ظهورهم, فلما وصل إلى مِنى, نزل بها, وصلى بها الظهر والعصر, وبات بها, وكان ليلة جمعة,
* فلما طلعت الشمس سار منها إلى عرفة, وكان من أصحابه الملبي, ومنهم المكبر, وهو يسمع ذلك, ولا ينكر على هؤلاء ولا على هؤلاء, فوجد القُبَّة قد ضُربت له بنمره بأمره, فنزل بها, حتى إذا زالت الشمس..سار حتى أتى بطن الوداي من أرض عرنة, فحطب الناس وهو على راحلته خطبة عظيمة, قرر فيها قواعد الإسلام, وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية, وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها, وهي الدماء والأموال والأعراض, ووضع فيها أمور الجاهلية..ووضع ربا الجاهلية كُلَّه وأبطله, وأوصاهم بالنساء خيراً, وذكر الحق الذي لهن والذي عليهن,...أوصى الأمة فيها بالاعتصام بكتاب الله, وأخبر أنهم لن يضلوا ما دموا معتصمين به, ثم أخبرهم أنهم مسؤولون عنه, واستنطقهم: بما يقولون وبما يشهدون, فقالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت, فرفع أصبعه إلى السماء, واستشهد الله عليهم ثلاث مرات, وأمرهم أن يبلغ شاهدهم غائبهم.