مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً
{ وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)} [ النبأ]
{وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} :
أنزل تعالى من السحاب ماء غزيراً منصباً ليكون مادة للحياة على الأرض , فيخرج بسببه ألوان النبات مختلف الطعوم والفائدة, فمنها الحب ومنها الخضر ومنها الفاكهة التي تجتمع في بساتينها وتلتف في جنات وارفة الخيرات والظلال.
قال تعالى:
{ وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)} [ النبأ]
قال ابن كثير في تفسيره:
عن ابن عباس : ( {من المعصرات } ) أي : من السحاب . وكذا قال عكرمة أيضا ، وأبو العالية ، والضحاك ، والحسن ، والربيع بن أنس ، والثوري . واختاره ابن جرير .
وقال الفراء : هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تمطر بعد ، كما يقال امرأة معصر ، إذا دنا حيضها ولم تحض .
وعن الحسن ، وقتادة : ( {من المعصرات} ) يعني : السماوات . وهذا قول غريب .
والأظهر أن المراد بالمعصرات : السحاب ، كما قال [ الله ] تعالى : ( {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله} ) [ الروم : 48 ] أي : من بينه .
وقوله : ( {ماء ثجاجا} ) قال مجاهد ، وقتادة ، والربيع بن أنس : ( {ثجاجا} ) منصبا . وقال الثوري : متتابعا . وقال ابن زيد : كثيرا .
وقوله : ( {لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا } ) أي : لنخرج بهذا الماء الكثير الطيب النافع المبارك {حبا } يدخر للأناسي والأنعام ، ( {ونباتا} ) أي : خضرا يؤكل رطبا ،
( {وجنات} ) أي : بساتين وحدائق من ثمرات متنوعة ، وألوان مختلفة ، وطعوم وروائح متفاوتة ، وإن كان ذهلك في بقعة واحدة من الأرض مجتمعا ; ولهذا قال : ( {وجنات ألفافا} ) قال ابن عباس ، وغيره : ( {ألفافا} ) مجتمعة . وهذه كقوله تعالى : {وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل} الآية [ الرعد : 4 ] .
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: