مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها

منذ 2019-12-06

{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33)} [ النازعات]

 

{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا} :

يا من كذبتم بالبعث بعد الموت , هل إعادتكم مرة أخرى أشد وأصعب أم بناء السماء ورفعها ووزنها بما فيها من أجرام هائلة الخلق ومسافات لم يصل الإنسان إلى نهايتها تتسع لملايين ملايين السنوات الضوئية وما هو أكبر وأدق من أدوات قياس المسافات, ولازالت السماء في امتداد واتساع متواصل لتدل على عظمة الخالق وضعف الإنسان وافتقاره إلى مولاه سبحانه.

سبحان من أظلم الليل وأخرج النهار ووضع في الأرض كنوزها ومنافعها وبحارها وأنهارها وثمارها وزروعها ورمالها وصخورها وسبلها, وجبالها الراسية , لينتفع بها الإنسان والأنعام وتستقر الحياة على الأرض.

أليس من خلق كل هذا من عدم بقادر على الإعادة والبعث والجزاء؟؟!!!

بلى

قال تعالى:

{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33)} [ النازعات]

قال السعدي في تفسيره:

يقول تعالى مبينا دليلا واضحا لمنكري البعث ومستبعدي إعادة الله للأجساد: { {أَأَنْتُمْ} } أيها البشر {أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} ذات الجرم العظيم، والخلق القوي، والارتفاع الباهر { {بَنَاهَا} } الله.

{ {رَفَعَ سَمْكَهَا} } أي: جرمها وصورتها، { {فَسَوَّاهَا} } بإحكام وإتقان يحير العقول، ويذهل الألباب،

{ {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} } أي: أظلمه، فعمت الظلمة جميع أرجاء السماء، فأظلم وجه الأرض، { {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} } أي: أظهر فيه النور العظيم، حين أتى بالشمس، فامتد الناس في مصالح دينهم ودنياهم.

{ {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ} } أي: بعد خلق السماء { {دَحَاهَا} } أي: أودع فيها منافعها,  أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا.

{ {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} } أي: ثبتها في الأرض. فدحى الأرض بعد خلق السماء، كما هو نص هذه الآيات [الكريمة]. وأما خلق نفس الأرض، فمتقدم على خلق السماء كما قال تعالى: { {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} } إلى أن قال: { {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وهي دخان فقال لها وللأرض ائتنا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} } فالذي خلق السماوات العظام وما فيها من الأنوار والأجرام، والأرض الكثيفة الغبراء، وما فيها من ضروريات الخلق ومنافعهم، لا بد أن يبعث الخلق المكلفين، فيجازيهم على أعمالهم، فمن أحسن فله الحسنى ومن أساء فلا يلومن إلا نفسه.

{مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 14
  • 3
  • 67,160
المقال السابق
هل أتاك حديث موسى
المقال التالي
فإذا جاءت الطامة الكبرى

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً