الأندلس من الفتح إلى السقوط - (28) موقف عبد الرحمن الداخل من الثوار في الأندلس
ما زالت هناك بعض التعليقات على موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله من الثائرين، هل يجوز له أن يحارب الثائرين وإن كانوا من المسلمين
ذكرنا فيما سبق كيف دخل عبد الرحمن الداخل رحمه الله أرض الأندلس، وكيف سيطر على الموقف هناك، وضم إليه جميع القبائل، كذلك سيطر على جميع الثورات، وأقام ملكاً لبني أمية في أرض الأندلس، بعد قصة فرار طويلة من العباسيين، ومن الخوارج في المغرب.
ما زالت هناك بعض التعليقات على موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله من الثائرين، هل يجوز له أن يحارب الثائرين وإن كانوا من المسلمين؟
الجواب
أن موقفه سليم جداً في حرب الثائرين داخل أرض الأندلس؛ لأن جميع أهل الأندلس قد أجمعوا على أن يكون أميراً للبلاد، ودليل ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عرفجة رضي الله عنه في صحيح مسلم يقول:«من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، فأراد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم، فاضربوا رأسه بالسيف كائناً من كان»، فلذلك كان موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله صارماً مع من أراد الثورة؛ ليقمع هذه الانقلابات المتكررة في أرض الأندلس في ذلك الزمن، لكن من الإنصاف أن نذكر أنه كان رحمه الله يبدأ دائماً بالصلح، وبالاستمالة إلى السلم، ويكره الحرب إلا إذا كان مضطراً رحمه الله، والثورات التي حدثت في بدء ولاية عبد الرحمن الداخل رحمه الله كان ثمنها غالياً في بداية دخوله، وفي أول أربع سنوات من دخوله من سنة (138) إلى سنة (142) من الهجرة سقطت كل مدن المسلمين في فرنسا، بعد أن حكمت بالإسلام مدة (47) سنة متصلة، منذ أيام موسى بن نصير وحتى هذه اللحظات، فإن من سنن الله الثوابت أنه إذا انشغل المسلمون بأنفسهم كانت الهزيمة أمراً حتمياً.
- التصنيف:
- المصدر: