مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - فأين تذهبون
{ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) } [التكوير]
{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} :
إلى أي مذهب ذهبت عقولكم وهذا النور والذكر المبين بين أيديكم, كيف تصرون على ظلمات الجاهلية بينما نور الله نزل بين ظهرانيكم على رجل منكم تعرفون أمانته ونزاهته, دعاكم لتوحيد الله وطاعة امره واجتناب محارمه, وأوضح لكم طريق النجاة المتمثل في صراط الله المستقيم الواضح المبين, وهذه الرسالة بين أيديكم لمن شاء أن يتبع هدى الله ويستقيم عليه, والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
قال تعالى:
{ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) } [التكوير]
قال السعدي في تفسيره:
{ {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} } أي: كيف يخطر هذا ببالكم، وأين عزبت عنكم أذهانكم؟ حتى جعلتم الحق الذي هو في أعلى درجات الصدق بمنزلة الكذب، الذي هو أنزل ما يكون وأسفل الباطل؟ هل هذا إلا من انقلاب الحقائق.
{ {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } } يتذكرون به ربهم، وما له من صفات الكمال، وما ينزه عنه من النقائص والرذائل ، ويتذكرون به الأوامر والنواهي وحكمها، ويتذكرون به الأحكام القدرية والشرعية والجزائية، وبالجملة، يتذكرون به مصالح الدارين، وينالون بالعمل به السعادتين.
{ {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ } } بعدما تبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال.
{ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } } أي: فمشيئته نافذة، لا يمكن أن تعارض أو تمانع. وفي هذه الآية وأمثالها رد على فرقتي القدرية النفاة، والقدرية المجبرة كما تقدم مثلها
والله أعلم والحمد لله.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: