طفلي مريض لماذا ؟؟!
وعليه فإنه حينما تكثر المشكلات الزوجية بين الآباء والأمهات وتصبح مشاعرهما سلبية ومدمَرة دائمًا، يقع ضرر مباشر على الأبناء وقد يدوم مدى الحياة.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة -
دائما ما يبحث الآباء خلف سبب أي مرض عضوي أو نفسي لأبنائهم عن أسباب ملموسة يرونها ولكن الحقيقة أن هذا الأمر نسبي للغاية.
إذ أن نسبة كبيرة للغاية من الأمراض التي يعاني منها الأطفال تكون بسبب الآباء حيث تعتبر الخلافات بين الزوجين من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى مشاكل نفسية وعضوية . إن الأطفال لديهم حساسية شديدة تجاه الأبوين دونا عن جميع الناس ويعتبر الأب والأم هما المحطة الفاصلة التي تحدد وتشكل نفسية الطفل وأفكاره، حسنا إن الأمر صعب فليس هناك بيت يخلو من الخلافات الزوجية وهذه ليست المشكلة بل المشكلة الحقيقية حينما يتحول الشِجار إلى طقس طبيعي يمارسه الأب والأم حينها تحدث المشكلة والتي تتفاقم بتفاقم شكل وطريقة هذه الخلافات. حساسية الأطفال ناحية المشاكل تبلغ مدى بعيداً للغاية فمجرد نوم الأب والأم بجانب بعضهما تعتبر رسالة للطفل على الاتحاد، ومجرد قربهما العاطفي وعدم حدوث المشاكل تعتبر رسالة للطفل أن عالمه منطقة آمنة، وإذا كانت الأمور تسير عكس ذلك فيتسبب الأمر في تدمير الطفل.
إذ يقول إدوارد مارك كامينجز، أستاذ علم النفس بجامعة نوتردام الأمريكية، إن الأطفال ينتبهون بشدة إلى كل ما يخص مشاعر الوالدين لأنهم مصدر شعوره بالأمان داخل الأسرة.
وعليه فإنه حينما تكثر المشكلات الزوجية بين الآباء والأمهات وتصبح مشاعرهما سلبية ومدمَرة دائمًا، يقع ضرر مباشر على الأبناء وقد يدوم مدى الحياة.
وورد في بحث نشرته مجلة "تشايلد ديفلوبمنت" المعنية بأبحاث تنمية الطفل، أن مناخ التوتر الذي يعيش فيه الطفل في منزل اعتاد فيه الوالدان على الشجار قد يُضعف تحصيله الدراسي والمعرفي، كما أن هؤلاء الأطفال يكون لديهم صعوبة أكبر في تنظيم انتباههم وعواطفهم، وفي سرعة حل المشكلات .
يجب أن نحذر أنه لا قدر الله وكان هناك انفصال بين الزوجين أن يسئ أحد الطرفين للآخر أمام الأطفال أو يكون كثير الاتهامات له أنه بسبب سوء شخصيته أو أخلاقياته تم الانفصال حيث أن هذا يفقد الطفل الثقة أو الحب لكلا الطرفين.
بينت الدراسة أن الآثار النفسية والصحية على الأطفال الذين يعيشون في بيت يمتلئ بمشاكل الأبوين، هي نفسها الآثار التي يخلفها الطلاق والانفصال.
إذن يجب على الآباء والأمهات أن يحذروا حذراً شديداً حيث أن سلامة الطفل النفسية والعضوية تعتبر من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتقهم يجب أن يملأ علاقتهم الحب، و الحب ليس مجرد مشاعر أو كلمة أو مديح أو غزل ولكنه حياة كاملة من خلال سلوك حب ناضج بين الزوجين "أتعامل مع الطرف الآخر كما أحب أن يعاملني"
وأيضا أن يملأه التفاهم حيث أن التوافق لا يعنى التطابق في أسلوب الفكر والسلوك ووجهات النظر ولكنه يعنى إمكانية التفاهم رغم الاختلاف ، وإذا حصل لاقدر الله خلاف بينهم فليبقى بعيدا عن الأطفال في مكان لا يراهم أحدا من الأطفال وأن يحاولوا بشتى الطرق الوصول إلى حل يرضي الطرفين إذ أن ميل طرف على طرف آخر بدعوى أننا لا نريد مشاكل من أجل الأطفال يجعل طرفا متألما نفسيا وهذا بالطبع يؤثر بشكل كامل على الأطفال إذ أن لديهم استشعارا قويا للنظرات وللكلمات وطريقة التعبير ويفهمون من خلالها إذا كان الأبوان في خصام أم لا و إن لم يحدث أمامهم شئ.
من الأمراض الشائعة التي يعاني منها الأطفال وإن كانوا رضع لم يعوا العالم من حولهم جيدا هو إما أن ينشاء عدوانيا مفتعل مشاكل أو يصير جبانا مهتز الشخصية أو عصبي لا يتحكم في انفعالاته أو تجعله يواجه صعوبة في التعامل مع الطرف الآخر بأي شكل أو تجده متأخرا في مستواه الدراسي نظرا لتأخر نموه العقلي والكثير و الكثير من المشاكل النفسية والتي لا يسع هذا المقال الصغير في حصرها كلها ناهيك عن الأمراض العضوية، لذلك أرى أن سلامة المجتمع يبدأ من تربية الأطفال تربية سليمة يملؤها الحب والاحترام والرحمة والتقدير فيخلق ذلك في نفوسهم السلامة النفسية والاعتدال بدون عصبية أو عدوانية واتزان نفسي في التعامل مع أقرانه من نفس الجنس أو الجنس الآخر باعتباره تربى في بيئة مطمئنة. اتقوا الله في أبنائكم وإن لم تجدوا في أنفسكم القدرة على أن تكونوا آباء وأمهات صالحين فتعلموا وتثقفوا كثيرا أو لا تنجبوا أطفالا حيث أنكم بهذا الشكل تدمرون المجتمع وستحاسبون على أفعالهم .
الحياة قصيرة والدنيا لا تحتمل ضغطا من طرف على طرف ففيها من الابتلاءات والتعب والمشقة ما يحتاج أن نقف كلنا مع بعضنا البعض وأن نتعلم طريقة الحوار السليمة وطريقة النقد البناءة ليس فحسب من أجل أطفالنا بل من أجل أن نعيش حياة صحية سليمة.
أميرة السكري