الحرب في ذاكرة ممرضة -4

منذ 2020-02-11

لقد رأوها بالفعل ولكنهم وقفوا جامدين أمامها لايملكون إلا بعض المناديل المهترئة ليقدموها لنا

كنت أتكيء بكامل ثقلي على جدار المشفى 

وحيدة أنا ودموعي التي تملأ وجهي ولا أريد أن  أمسحها

علها تبرد قليلا من نار قلبي. 

أتى إلي يتمتم بكلماته الانجليزية التي بالكاد أستطيع فهمها 

إنه فرنسي الجنسية انضم إلى فريق طبي لمعالجة جرحى الحرب في سوريا:

ليت العالم كله يرى دموعكم قالها بحزن ويأس شديد 

وكيف لايحزن وقد أمضينا وقتا طويلا نحاول إنقاذ جريح  خمسيني قطعت الشظايا شرايينه وأوردته وأمعاءه داخل بطنه

كنا نسبح في بحر من الدماء داخل بطنه

أملا في إيجاد مصدر الدم لنوقف النزيف المتدفق

كانت أطول قطعة من أمعائه لاتتجاوز العشرة سنتم

بقينا نحاول ونحاول تحت ضغط من ضميرنا وإنسانيتنا أولا

وتحت ضغط من الدموع والتوسلات التي تنتظرنا خارج باب الغرفة ثانيا

ولكن طبيب التخدير أيقظنا من حلمنا

وقطع علينا باب الأمل:

"توقفوا فكل شيء قد انتهى"

كلمات لا يمكنكم تخيل وقعها على  النفوس

لقد توفي! 

أجل توفي وتوفيت معه ضحكاته وأحلامه. 

توفيت معه سهرات العائلة الجميلة، 

وحماية الأب التي لاتعوض. 

توفي وتوفي معه ضمير العالم كله

وماذا سينفعنا أن يروا دموعنا؟! 

لقد رأوها بالفعل ولكنهم وقفوا جامدين أمامها لايملكون إلا بعض المناديل المهترئة ليقدموها لنا

على شكل سلة غذائية أو أدوات تنظيف. 

نظفوا أنفسكم أيها الناس

فنحن نظيفون

نظيفون من داخلنا  نظيفون في أفكارنا

وربما يأتي اليوم الذي نهديكم فيه أدوات تنظيف تزيل عن نفوسكم آثار المستنقعات التي تعيشون فيها.

فاطمة عبود

  • 6
  • 0
  • 1,340

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً