ولا يزالون مختلفين ....
الواجب على دعاة الإسلام أن ينبهوا على التركيز على مواطن الإتفاق قبل كل شيء، وأن يرفعوا شعار(التعاون فيما نتفق عليه)
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كثير منا لا يستطيع أن يتعايش مع من يختلف معه فى الرأى أو الطباع ظناً منه أن الإختلاف عيباً ولايرى أن الإختلاف سنة فى الخلق إذ يقول الله تعالى :".... جاء في سورة هو : {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ .....}
فالإختلاف تنوع وليس تضارب فالنباتات والحيوانات سلالات مختلفه كل يؤدى وظيفة وتخيل لو الكون على نمط واحد ماذا سيكون حالنا لولا الاختلاف لفسدت الأرض ، إذ يقول الله - تعالى -: " {ولَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} " [البقرة : 251].
حتى آيات القران فيها ما هو منصوص عليه وما هو مسكوت عنه وذلك لإعمال العقول للإجتهاد وإخراج الأحكام الفقهية فاختلاف المذاهب ليس ليعادى بعضنا بعضا ولكن ليرحم كل منا الأخر .
جاء رجلان للنبي -صلى الله عليه وسلم- كل منهم قرأ بقراءة، فقال: " «كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم أختلفوا فهلكوا» ".رواه البخارى
وإختلاف أطفال الأسرة الواحده عن بعضهم ليس للمقارنة وإشعار الطفل بالنقص ولكن للإستمتاع بهم على إختلافهم والاختلاف بين الزوجين لأن كل منهم يؤدى وظيفة معينة المهم أن لا يكون الاختلاف مذموم وللإختلاف المذموم أسباب ما بين إعجاب الرجل برأيه أو سوء ظن بالآخر أو تعصب لمذهب أو قلة علم أو اتباع هوى فلينظر كل منا داخل نفسه قبل معاداة الآخر واتهامه أن يطهر نفسه وليتخلق بأخلاق أصحاب المذاهب نفسهم فقد اختلف أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ولم يحاول أحد منهم أن يحمل الآخرين على رأيه أو يتهمهم في علمهم أو دينهم من أجل مخالفتهم.
فعن الشافعي -رحمه الله - أنه صلى مع جماعة من الأحناف في مكان قرب قبر أبي حنيفة فترك القنوت في صلاة الصبح مع أنه سنة مؤكدة عنده.
وفى عصر المنصور أبو جعفر أراد أن يحمل الناس على موطأ مالك فقال مالك : يا أمير المؤمنين إن أصحاب رسول الله قد تفرقوا في الأمصار، ومع كل منهم علم، فدع الناس وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم. فقال الخليفة: وفقك الله يا أبا عبد الله تُرى أى إخلاص هذا وأى تجرد من أجل أن لا يحدث فرقة بين المسلمين ماذا لو حدث ذلك فى عصرنا ؟لوجدنا التشاحن والتباغض بينهم فكل حزب بما لديهم فرحون وهذا ما يُسهل على أعداء الإسلام مهمتهم فى تفتيت وحدة المسلمين ولايدرى أحدهم أن وحدة الأمة فريضة وإختلاف المذاهب رحمة فلا تجعلوها عذاب يعم الأمة ولنتأسى بالشافعى عندما ناظره أحدهم فاختلف معه فقال له يا فلان ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن اختلفنا في مسألة وإن كان ولابد من الاختلاف فلنتأدب بأدب الاختلاف وأن نجدد نية أن الهدف من النقاش هو الوصول إلى الحق والتواضع له فيرى الطرف الآخر معينا له وليس خصما والإتفاق على أصل واحد يرجع اليه كلاهما فقال - سبحانه -: {(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} )[النساء: 59]. وأن يعذر بعضنا بعض فقد يكون الطرف الأخر جاهل بالأمر ويحتاج لمن ينير له الطريق .
فى النهاية: إن مشكلة المسلمين ليست فيمن يجهر بالبسملة أو يخفضها أو لا يقرؤها في الصلاة، ومن يرفع يديه عند الركوع أو الرفع منه إنما المشكلة فيمن لم ينحنى يوماً لله ساجدا أو راكعاً وفيمن يمر عليه رمضان تلو رمضان كما يمر عليه باقى شهور السنة لا يعرف صيامًا ولا قيامًا، بل يفطر عمدًا جهارًا بلا خشية مشكلة المسلمين ليست فى فرضية النقاب من عدمه، بل في تعري الرؤوس والنحور، ولبس القصير الفاضح، والشفاف الوصاف،إن المشكلة حقًّا هي فساد العقيدة، وانهيار الأخلاق وإضاعة الصلوات، ومنع الزكوات، واتباع الشهوات، والتفريط فى دعائم الإيمان، وقواعد الإحسان
الواجب على دعاة الإسلام أن ينبهوا على التركيز على مواطن الإتفاق قبل كل شيء، وأن يرفعوا شعار(التعاون فيما نتفق عليه) فإن هذا التعاون فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدين وضرورة يحتملها الواقع ولنرأب صدع هذه الأمة ونغلق أبواب الفتن ومداخلها حتى نصل بالمجتمع إلى بر الأمان وننتبه إلى المشكلات الأكبر من الإختلاف في الفرعيات ولننتبه للعدو الأكبر المتربص بالعالم الإسلامي.
إيمان الخولى