(1) العاقل من اتعظ بغيره
محمد هشام راغب
يزعم البعض أن فيروس الأنفلونزا العادية (H1N1) يحصد كل عام آلاف أو عشرات الآلاف من الأرواح، ولا يسبب كل هذا الضجيج، وأن أنفلونزا الخنازير عام ٢٠٠٩ أثارت نفس الضجة وانتهت بسهولة، وأن حدوتة كورونا إنما هي مؤامرة لمصلحة شركات الدواء أو لأغراض سياسية
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
يزعم البعض أن فيروس الأنفلونزا العادية (H1N1) يحصد كل عام آلاف أو عشرات الآلاف من الأرواح، ولا يسبب كل هذا الضجيج، وأن أنفلونزا الخنازير عام ٢٠٠٩ أثارت نفس الضجة وانتهت بسهولة، وأن حدوتة كورونا إنما هي مؤامرة لمصلحة شركات الدواء أو لأغراض سياسية .. إلخ.
نفهم أن يصدر هذا الكلام في الخطاب الإعلامي الأهوج، أما أن يصدر من بعض الأطباء والسياسيين فهو أمر مؤسف.
فهذا الكلام ناقص ومضلل!
فالعبرة هنا أمام هذا الوباء الجديد بمدى الانتشار وبمعدلات الوفاة التي يسببها.
أولا: بالنسبة لأنفلونزا الخنازير
تقدر منظمة الصحة العالمية أن معدل الوفيات بفيروس كورونا أعلى من ٣٪، بينما يرى الاتحاد الأوروبي أن النسبة قريبة من ١٪ فقط.
دعونا نأخذ نموذجا أكثر دقة وشفافية، وهو بيانات كوريا الجنوبية التي انتفضت بجرأة لمواجهة الوباء، وفيها (حتى ٩ مارس ٢٠٢٠) إجمالي ٧٣٥٢ إصابة (شفي منهم ١٦٦ وخرجوا بالفعل من المستشفيات) و ٥١ وفاة. هذا = ٠,٦٢٪ نسبة وفاة.
في الولايات المتحدة تشير الأرقام الرسمية أنه في وباء أنفلونزا الخنازير من إبريل ٢٠٠٩ - إبريل ٢٠١٠ بلغ عدد المصابين بالفيروس ٦٠,٨ مليون وعدد الوفيات ١٢٤٦٩ ما يعني نسبة وفيات من ذلك الوباء = ٠,٠٢٪ (أي وفيتان لكل عشرة آلاف إصابة!
ما يعني، لو أن عدد الإصابات في الولايات المتحدة بفيروس كورونا هذا العام ٢٠٢٠ بلغ ٦٠ مليون إصابة (مثل أنفلونزا الخنازير) فإنه يتوقع أن يموت منهم أكثر من ٤٥٠ ألف إنسان!
ثانيا: بالنسبة للأنفلونزا الموسمية العادية، فضحاياها فعلا بالآلاف، ولكن المصابين بها بعشرات الملايين، وبالتالي فنسبة الوفيات منها أقل من ٠,١٪.
وعلى سبيل المثال الموسم الحالي منها في الولايات المتحدة (من ١ أكتوبر ٢٠١٩ – ١ مارس ٢٠٢٠)، أصاب ما بين (٣٤-٤٩) مليون شخص، تم علاج حوالي نصف مليون منهم بالمستشفيات وتوفي منهم ما بين (٢٠-٥٢) ألف مصاب، بحسب التقديرات الحكومية الأمريكية. نسبة الوفيات لا تقارن بفيروس كورونا، ولو أصيب نفس العدد بكورونا لتوفي منهم مئات الألوف.
أضف لذلك أن علاج الأنفلونزا الموسمية معروف وأعراضها متوقعة، وكل المعلومات عن الفيروس المتسبب لها واضحة ومتوفرة.
هذه هي المقارنة الصحيحة بين الحالتين.
التهوين من خطر كورونا ضرب من الجهل والعجز واللامبالاة.