وباء كورونا - (9) وفيات كورونا في ألمانيا

منذ 2020-04-02

لماذا معدل وفيات فيروس كورونا في ألمانيا

لماذا معدل وفيات فيروس كورونا في ألمانيا

منخفض جدا عن باقي دول العالم؟

منذ عدة أسابيع يثار هذا السؤال بين العامة وكذلك بين علماء الفيروسات: لماذا يبلغ معدل الوفيات بين المصابين الألمان بفيروس كورونا منخفضا جدا مقارنة بباقي دول العالم؟

 في إيطاليا تبلغ النسبة أكثر من ٩٪ وفي فرنسا والصين وبريطانيا أكثر من ٤٪ وفي الولايات المتحدة ١,٣٪ (وترتفع) وحتى في كوريا الجنوبية التي أبلت بلاء متميزا في مواجهة كورونا بلغت ١,٣٪، بينما في ألمانيا لم تتعدى ٠,٤٪ (حتى إحصاء ٢٩ مارس)

السبب الأول والرئيسي هو ما فعلته ألمانيا في بداية ظهور المرض على أراضيها، إذ قامت بتتبع مجموعات العدوى واختبارها واحتوائها، وكانوا إذا ظهر اختبار الشخص إيجابيًا، استخدموا تتبع الاتصال للعثور على أشخاص آخرين كانوا على اتصال به ثم قاموا باختبارهم أيضا وحجرهم، مما أدى إلى كسر سلاسل العدوى.

وهذا يعني أن ألمانيا أصبح لديها مبكرا صورة أدق لحجم تفشي المرض، ولم تكن مثل باقي البلاد التي كانت تفحص فقط المرضى الذين يعانون من أعراض واضحة أو الأكثر خطورة أو المرضى الأكثر عرضة للخطر. هذا التتبع المبكر حاصر إلى حد كبير تفشي الوباء، وسارع بفحص المشتبه بهم حتى قبل ظهور أي أعراض عليهم.

السبب الثاني، كما يؤكد عالم الأوبئة وعضو البرلمان الألماني كارل لوترباخ، أن تفشي الوباء في ألمانيا بدأ بأعداد كبيرة من الشباب الذين عادوا من العطلات، بينما في إيطاليا مثلا بدأ التفشي بين كبار السن وفي مراكز رعاية المسنين. ولذلك يتوقع لوترباخ ارتفاع معدل الوفيات في ألمانيا ولو قليلا حيث تصاب شرائح المجتمع الأكثر ضعفا والأكبر سنا.

وبشكل عام، فإن كل دول العالم تعاني من نقص في قدرتها على إجراء اختبارات المرض، لأن المنظومات الصحية لا تتحمل هذا، خاصة وأن الطواقم الطبية بدأت تعاني بشدة من انتقال المرض إليها (في إسبانيا على سبيل المثال ١٤٪ من إجمالي المصابين هم من العاملين في الرعاية الصحية) ولذلك من المستحيل التحقق من معدل الوفيات الحقيقي، لكن المؤشرات الحالية تعتبر دقيقة في المقارنة بين أداء الدول المختلفة.

ومع الأداء الألماني المتميز، إلا أنهم مع ارتفاع أعداد المصابين، اضطروا إلى حظر الأحداث الجماعية وقيدوا التجمعات خارج المنزل على شخصين اثنين فقط كحد أقصى! وهو درس بليغ لباقي العالم، أنه مهما كانت براعة وتقدم ودقة الرعاية الصحية، فإن منع التجمعات سيظل ضرورة لا مناص عنها لمواجهة هذا الوباء الكاسح، وأن الدول التي ما زالت تكابر أو تتراخى أو تتردد في فرض قيود صارمة على تجمعات الناس، فإن أي إجراءات أخرى ستقل فعاليتها ولن تستطيع الانتصار في هذه المواجهة المفتوحة.

محمد هشام راغب

كاتب وداعية إسلامي

  • 15
  • 1
  • 3,959
المقال السابق
(13) إنسانية مفقودة
 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً