كورونا.. الشباب ليسوا محصنين
بينما يلتزم ملايين الناس حول العالم بيوتهم ويعزلون أنفسهم عن مجتمعاتهم، ما زال كثير من الشباب يمرحون ويمارسون حياتهم بشكل شبه طبيعي في دول عدة في العالم..
- التصنيفات: قضايا الشباب - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
بينما يلتزم ملايين الناس حول العالم بيوتهم ويعزلون أنفسهم عن مجتمعاتهم، ما زال كثير من الشبـاب يمرحون ويمارسون حياتهم بشكل شبه طبيعي في دول عدة في العالم..
فلفترة طويلة كانت الرسائل من السلطات والإدارات الصحية حول العالم تحذر كبار السن بأنهم الأكثر عرضة للخطر، مما جعل الشباب يعتقدون أنهم محصنون ضد المـرض.. ولكن هل هذه هي الحقيقة؟
الشباب ليسوا محصنين
كشفت معلومات نشرت في الولايات المتحدة أن الشباب ليسوا محصنين أبدا ضد الإصابة بكورونا، مؤكدة ما خرجت به بحوث سابقة، وما أوضحته البيانات الصادرة عن الحالات المصابة في إيطاليا وفرنسا حيث أظهرت أن الشباب عرضة للإصابة بشكل كبير كما كبار السن.
وتشير الأرقام الخاصة بالحالات المبكرة للإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة إلى أن الأجيال الشابة معرضة جدا للإصابة.
فمن داخل مستشفى مانهاتن الأمريكية تقول الدكتورة كايديريا جاكسون: "إن قرابة العشرين بالمائة (20%) من الحالات المؤكدة لدينا كانت دون سن الخمسين عاما، مشيرة إلى أن هذا الأمر يجعل بعض الأطباء من فئة الشباب يشعرون بالرعب خاصة أنهم يراقبون أشخاصا في العقد الثالث من عمرهم وهم يوضعون على أجهزة التنفس الاصطناعي".
وصرح "أندرو كومو"، حاكم نيويورك: "أن العديد من الشباب لم يتلقوا الرسالة بأنه يمكن أن يصابوا بالمرض، مشيرا إلى أن العديد من الشباب لا يزالون يتعاملون على أنهم محصنين من المـرض ويعرضون حياتهم للخطر".
وبالفعل فقد أكد هذا الاستهتار فيديو لشاب أمريكي في ولاية فلوريدا على وسائل التواصل الاجتماعي يقول فيه: "إذا أصبت بالكورونا فسأصاب بالكورونا. ولكن في نهاية المطاف لن يمنعني ذلك من مواصلة اللهو والتمتع بالحفلات".
غير أن شابا إيطاليا كان قد أصابه الفيروس نشر فيديو أيضا يحذر فيه الشباب من التهاون، حتى لا يندموا بعد أن يلاقوا المعاناة الكبيرة التي لاقاها هو بنفسه منذ إصابته بالمرض.
منظمة الصحة
وذكرت منظمة الصحة العالمية، أن وباء (كوفيد-19) الناجم عن فيروس كورونا المستجد يطال الصغار والشباب، وقد أودى بحياة ضحايا في صفوف الأطفال والمراهقين.
وقال المدير العام للمنظمة في منطقة أوروبا "هانس كلوغه" خلال مؤتمر صحافي أسبوعي إلكتروني من كوبنهاغن: "الاعتقاد بأن "كوفيد-19 يصيب فقط المسنين" خاطئ كما تظهر الوقائع". وشدد كلوغه على أن "العمر ليس عامل الخطر الوحيد للإصابة بشكل خطر".
وسجلت حالات حرجة لدى مراهقين وبالغين شباب، وقد احتاج الكثير منهم لعناية مركزة فيما توفي عدد منهم، على ما أشار المسؤول. وقد أكد كلوجه على أن احترام التعليمات الصحية ضروري "لكل الأعمار".
أرقام جديدة
ومن جهة أخرى يعتقد العديد من الشباب أنهم قد يصابون بأعراض طفيفة لمرض "كوفيد-19"، الذي يسببه فيروس كورونا المستجد.. ولكن تقريرا صدر مؤخرا عن مراكز السيطرة على الأوبئة في الولايات المتحدة يدحض هذا الاعتقاد، ويقول إن أعداد الشباب المصابين إصابات خطرة قد يكون أعلى بكثير.
ونظر التقرير إلى أول 2500 حالة وقعت في البلاد، وتوصل إلى أن (20%) عشرين بالمئة من هذه الحالات التي أدخلت المستشفيات تراوحت أعمارها بين الـ 20 والـ 44، وثمانية وثلاثون بالمائة (38%) من الحالات تراوحت أعمارها بين الـ 20 والـ 54.
وإنما الفارق الأكبر هو في معدلات التعافي، فما زال صحيحا أن الغالبية العظمى من الذين يموتون جراء الإصابة بالفيروس هم من كبار السن. فبالنسبة للمصابين الذين تتجاوز أعمارهم الـ 85، تبلغ نسبة الوفيات 14,8 في المئة، بينما تقل هذه النسبة بصورة كبيرة جدا لمن هم دون الـ 40. ولكن هذا لا يعني أبدا أن صغار السن لا يصابون بالفيروس ويمرضون به. بل إن تقرير مراكز السيطرة على الأوبئة في الولايات المتحدة يشير إلى أن نسبة أولئك الذين في العشرينات والثلاثينات من أعمارهم الذين يدخلون إلى المستشفيات لا تقل عن نسبة كبار السن (أي في الخمسينات والستينات من أعمارهم).
العناية المركزة
أما الذين ينتهي بهم المرض إلى دخول العناية المركزة فتشير التقارير إلى أن عددا أقل بكثير من صغار السن هم الذين ينتهي بهم الأمر في ردهات العناية المركزة. ولكن مع ذلك، يسبب هؤلا ضغطا على أنظمة الرعاية الصحية.
ومع ذلك فتبقى النسبة معتبرة وتدعو الشباب للانتباه وأخذ الحيطة والحذر.. ففي إيطاليا مثلا، بينت إحصاءات رسمية نشرت في الأسبوع الماضي أن 12 في المئة من المرضى الذين أدخلوا في ردهات العناية المركزة كانت تتراوح أعمارهم بين الـ 19 والـ 50، كما بينت إحصاءات نشرتها السلطات الفرنسية أن عدد المصابين من صغار السن في تصاعد.
ولكن ثمة أسباب تدعو لتوخي الحذر من هذه الأرقام، خصوصا التدخيـن، وطبيعة التركيب الجيني لدى البعض والتي قد تجعله أكثر عرضة للإصابة.
فقد قال الأستاذ مارك ليبستيش، أستاذ علم الوبائيات في كلية الصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد في الولايات المتحدة: "أعتقد أنه يمكننا القول ـ بكل ثقة ـ أن المرض يظهر بشكل أقل حدة لدى الشباب، ولكن مع ذلك قد يصاب الشباب بحالات خطيرة جدا".
ومضى يقول: "إن اعتماد نظرية تكوين مناعة عمومية في أوساط صغار السن ليس السبيل الصحيح، فهناك أعداد كبيرة من صغار السن مما يعني أن أعدادا كبيرة منهم ستصاب بالمرض".
النظافة ولزوم البيت
أما التوصيات التي يلح عليها المسؤولون ومنظمة الصحة العالمية فتتلخص في غسل اليدين والابتعاد عن الآخرين وتجنب حضور الحفلات العامة والخاصة، والابتعاد عن الاجتماعات بشكل عام قدر الإمكان؛ فقد أجمع الأطباء على أن بإمكان الشباب وصغار السن الذين يتمتعون بصحة جيدة أن يحملوا المرض دون أن تظهر عليهم آثاره نتيجة لقوتهم وحيوتهم ومناعتهم، ولكن يبقى كل منهم قادرا على أن ينقل الوباء إلى غيره فيؤذيه أو يقتله.