كذلك قال ربك هو علي هين
وهذا الرب الكريم العظيم ، لا ييأس عبده قط من سؤاله ، والتملل بين يديه ، والإلحاح على نوال كرمه ، ودوام التضرع والتذلل لعظمته ، وإن طال أمد الإجابة وتأخر لحكمة يعلمه سبحانه .
{كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ}
هكذا الأمر ، وتلك هي الحقيقة بأوجز عبارة ، وأوضح بيان {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ}
وكم نغفل عن استحضار هذا المعنى - قلبيا ويقينيا - وإن جزمنا به عقليا ومعرفيا .
فكل شيء أيا كان ، ومهما تعاظم واستبعدته الأسباب الأرضية ، هو هين يسير على رب العالمين ، وقيوم السموات والأرضين . فليس يعجز الله شيء قط ، ولا تتعاظمه حاجة أبدا ، ولا يستكثر في جوده وكرمه أمر من الأمور ، بل كل شيء عليه هين يسير ، ومقاليد السماوات والأرض بيده ، ومفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ونواصي العباد جميعا في قبضته ، وقلوبهم بين أصبعين من أصابعه ، وخزائنه ملأى لا تغيضها نفقة ، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء .
وهذا الرب الكريم العظيم ، لا ييأس عبده قط من سؤاله ، والتملل بين يديه ، والإلحاح على نوال كرمه ، ودوام التضرع والتذلل لعظمته ، وإن طال أمد الإجابة وتأخر لحكمة يعلمه سبحانه .
فلا يظن العبد بربه إلا أحسن الظن ، فعطاؤه رحمة وجود ، ومنعه عين الحكمة والخير لعبده .
أما من طال عليه الأمد ، وتسلل إليه اليأس ، وساورته الشكوك ، وحامت حوله الهواجس ، وظن بالله الظنون ، فليراجع إيمانه ، وليجدد إسلامه وإنقياده ، وليكثر من التأمل في أسماء الملك ، وصفات عظمته وجلاله وجماله وكماله .
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}
- التصنيف: