تفرد الإسلام: نظرة من الخارج
كتب رتشارد نكسون الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية: (الإسلام الأصولي عقيدة قوية …إنه يستجيب لحاجات الروح (وليس لحاجات الجسد فقط) والقيم العلمانية في الغرب لا تستطيع أن تغالبه، وكذلك لا تستطيع ذلك العلمانية في العالم الإسلامي.
كتب رتشارد نكسون الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية في آخر مؤلفاته المعنون Beyond Peace ما يأتي:
( الإسلام الأصولي عقيدة قوية …إنه يستجيب لحاجات الروح (( وليس لحاجات الجسد فقط)) والقيم العلمانية في الغرب لا تستطيع أن تغالبه، وكذلك لا تستطيع ذلك العلمانية في العالم الإسلامي.
في صراع الحضارات، إن حقيقة أننا أقوى وأغنى دولة في التاريخ لا يكفي، ما سوف يكون حاسماً هو قوة الأفكار العظيمة) ص 155
سواء في الغرب أو في داخل العالم الإسلامي إذا كانت العلمانية لا تستطيع أن تستجيب لحاجات الروح وسوف يبقى الإنسان دائماً على شعور بالحاجة الملحة للإشباع الروحي. وكانت لذلك لا تستطيع منافسة ومغالبة الإسلام الذي يستجيب لحاجات الروح وفي الوقت نفسه يستجيب لحاجات الجسد، فهل تستطيع الأديان الموجودة في العصر الحاضر منافسة أو مغالبة الإسلام ؟
يتميز الإسلام عن كل الأديان، الموجودة الآن، بامتلاكه أربع صفات جوهرية وأساسية لا ينازع فيها باحث محايد، ويمكن اختصارها فيما يلي:
1- فيما عدا الإسلام، لا يوجد لدى أتباع أي دين يقين مبني على وثيقة تاريخية كافية للاقتناع العقلي بأن مؤسس الدين (بحسب التعبير الغربي الشائع) قد وجد أصلاً، وفيما يتعلق بالأديان الجديدة لا توجد معلومات موثقة تجلي شخصية مؤسس الدين.
هل وجد موسى؟ الوثيقة الوحيدة التي تدل على وجوده، العهد القديم، ولكن العهد القديم لا يصلح أن يعتمد وثيقة تاريخية.
هل وجد عيسى؟ لا توجد وثائق تدل على وجوده قبل العهد الجديد، وفي العهد الجديد عيسى شخصية إيمان، وليس شخصية تاريخية.
العهد الجديد لم يكتب بلغة المسيح، التي لم يتفق بين العلماء حتى الآن على تحديدها، ولم تتحدد قط صلة كتاب العهد الجديد بالمسيح.
فيما يتعلق بالإسلام:
أ- القرآن الكريم في نسخه الموجودة حالياً والمبثوثة في العالم التي لم يتغير فيها حرف عن النسخة التي كتبت في الفترة بين السنة الخامسة عشرة والسنة الثامنة عشرة من موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتبت بالاستناد إلى وثائق مكتوبة مؤيدة بالتلقي الشفهي عن مئات الذاكرات، في ظروف بالغة التحري والتدقيق والتثبت.
هذا القرآن ليس فقط أصدق وثيقة تاريخية، بل أوضح بيان عن شخصية رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وحياته.
ب- الروايات التي نقلها أكثر من أربعة آلاف شخص من ذكر وأنثى كانوا شهود عيان نقلت وفق منهج في التوثيق لم يسبق المسلمون إليه ولم يلحقوا فيه، ولا يستطيع أن يقدره حق قدره إلا من كان لديه علم كاف به.
هذا المنهج والمعلومات الغزيرة المتصلة به التي لا تزال محفوظة وموثقة في عشرات الكتب، تمكن القارئ العصري الآن من اختبار المنهج والحكم على منتجاته.
وهذه الروايات نقلت تفاصيل الصفات والأفعال والأقوال بل والعواطف والمشاعر وحالات المزاج الشخصي، للرسول الكريم في حياته العامة بما يمكن القارئ العصري من أن يعرف عنه صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن جاره ، وفي حياته الخاصة في بيته وفراش نومه بما يمكن القارئ العصري من أن يعرف عنه صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبي القارئ وأمه.
2- لا يوجد مصدر مكتوب مسند لمؤسس[1]، أي دين آخر ثابت الإسناد إليه، محقق بقاؤه كما جاء به مؤسس الدين بدون أن يتطرق إليه التغيير أو النقص والزيادة.
فيما يتعلق بالإسلام: إن التواتر الذي نقل به القرآن مسنداً بالوثائق المكتوبة لا تجعل إمكانية لدى الباحث المحايد لأن يشك في أن النسخة الموجودة من القرآن الآن في أي مكان على وجه الأرض قد تغيرت عن نسخة القرآن التي أوحى بها للنبي صلى الله عليه وسلم.
هذه الحقيقة لا يعرفها فقط المسلمون بل غير المسلمين من المستشرقين مثل جون برتون John Burton الذي كتب في مؤلفه Collection of the Quran :”إن نسخة القرآن التي بين أيدينا في نفس الشكل الذي أقره محمد.. فما بين أيدينا الآن هو حقيقة مصحف محمد”
أو )ف. ف. اربثنوت (في كتابه The Construction of the Bible and the Koran، عن نسخة القرآن التي كتبت في عهد عثمان: “لقد بقيت كما وجدت بدون أي تعديل أو تغيير من قبل المتحمسين أو المترجمين، إلى وقتنا الحاضر، مع الأسف لا يمكن أن يقال بمثل هذا بالنسبة لكتب العهد القديم”
أو البروفسور أرثر آربري A. J. Arberry الذي كتب في مقدمة ترجمته للقرآن The Koran Interpreted :”فيما عدا تغييرات الشكل التي وضعت لتسهيل القراءة فإن القرآن المطبوع في القرن العشرين بقي كما وجد في عهد عثمان قبل 1300 سنه”، أو سير وليم مويرSir William Muir الذي كتب في مقدمة كتابه The Life of Mohammad from Original Sources :”أن نسخة القرآن التي وصلت إلينا لم تتغير قط، من المحتمل أنه لا يوجد في العالم كتاب آخر مرت عليه أثنا عشر قرنا وبقى على نقائه سالماً من التغيير”
3- كتب جيمي كارتر الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية في كتابه المعنون (قيمنا المعرضة للخطر Our Endangered Vales) ما يأتي:
(كان واضحا لي أن الكتاب المقدسBible ، في جملته، يظهر رسالة الرب الروحية، ولكن الذين كتبوه لم يكونوا خبراء في الجيولوجيا، أو علم الأحياء أوعلم الكون ولم يحضوا باستخدام المجاهر الالكترونية أو تقنية التعرف على التاريخ باستخدام الكربون المشع أو تلسكوب هبل، لم أقلق قط أن أقرأ في الكتاب المقدس آيات تنص على أن الأرض مستوية (وليست كروية)، وأنها مربعة، وأن النجوم يمكن أن تسقط على الأرض مثلما تسقط ثمرات التين من شجرتها، وأن الكون خلق في ستة أيام من أيامنا المعروفة الآن) ص 48.
وقبل أكثر من ثلاثين سنة كان الطبيب الفرنسي موريس بوكاي Dr. Maurice Bucaille يقارن بين (Bible) والقرآن والعلم الحديث فدهش لأنه بقدر ما رأى في (Bible) من مناقضات للعقل المطلق، ومنافاة للواقع، وأوهام عن الكون والحياة كانت سائدة في الماضي ومخالفات للكشوف العلمية الحديثة، لم يجد في القرآن شيئاً من ذلك، بالرغم من أن القرآن تعرض في جزء كبير منه لموضوعات من علم الطبيعة وعلم الحياة، بل إنه كان عندما يتعرض للموضوعات التي تعرض لها (Bible) والتي لا بستها الأوهام والخرافات يتفادى بصورة ظاهرة وجوه النقد التي وجهت للـ (Bible) في الموضوع.
بل إن النصوص القرانية التي كانت طوال القرون الماضية تفسر تفسيراً مجازيا باعتقاد أن تفسيرها الظاهر لا يتفق مع الواقع، وفق المفاهيم السائدة في الماضي أظهرت كشوفات العلم الحديث أنها صادقة بما يدل عليه ظاهرها (مثلا اهتزاز التربة وربوها عند نزول المطر، ونزول المطر من جبال من برد [2].
4- الأديان الأخرى تتناول جانبا أو جوانب من الحياة أما الإسلام فيتناول جوانب الحياة كلها بالتنظيم والهداية في صورة كاملة من التناسق والانسجام والتكامل {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} سورة النساء.
****
إن معرفة المسلم لنبيه صلى الله عليه وسلم حتى بعد مضى أربعة عشر قرنا على موته معرفة شخصية كافية لأن يحكم بمدى صدقه وأمانته، وموثوقية المصدر الديني الذي جاء به وقال عنه أنه كلمة الله، وصحة هذا المصدر وتًعًصِّيه على أي نقد يعارض هذه الحقائق، وشمول الدين للحياة في تكامل وتناسق.
كل هذه الأمور فروق ينفرد بها الإسلام عن الأديان الأخرى.
****
كل هذه الفروق بين الإسلام والأديان الأخرى أمور جوهرية وأساسية.
وتخلف أي منها أو كلها في الأديان الأخرى لا تجعل من السهل على الإنسان أن يؤمن بالدين عقله، وإن آمن به قلبه نتيجة حاجته للتدين، وأن الدين الذي يلبي هذه الحاجة هو الدين المتاح له بالميلاد وفي المجتمع والثقافة اللذين نشأ وعاش فيهما.
****
(تفرد الإسلام: نظرة من الداخل )
1- عندما قال ألبرت اينشتاين Albert Einstein كلمته الشهيرة God does not play dice كان يشير إلى الحقيقة العلمية الأولى: أن الكون محكوم بقوانين ثابتة لا تتخلف، وواحدة لا تختلف، هذه القوانين تحكم الذرة كما تحكم المجرة، تحكم أصغر وحدة في الكون كما تحكم أكبر وحدة، بدون افتراض هذه الحقيقة الأساسية ماكان يمكن أن يوجد العلم Science ولا الحقائق والنظريات العلمية.
2- ظل الإنسان في العصور الماضية يرى في القوانين الطبيعية مصدر رعب وخوف فيحاول التقرب إليها بالتأله والعبادة، وفي بعض الثقافات المعاصرة توجد مثل هذه العبارات (ظلم الطبيعة) (قهر الطبيعة) (التمرد ضد الطبيعة) الأمر الذي يشعر بأن الإنسان لا يرى في هذه القوانين صديقاً بل ندا أو عدوا يتوجس منه الخطر، ويهمه أن يصارعه ويغالبه.
في الإسلام يقرر القرآن أن هذه القوانين مسخرة للإنسان قال تعالى { {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ} } وقد تكرر هذا المعنى في القرآن بلفظ (( التسخير)) أكثر من ثلاثين مرة، وتكرر بغير لفظ (( التسخير)) في مواضع كثيرة جداً من القرآن مثل {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [15 الملك] {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافا} [6-16 سورة النبأ]
فقوانين الطبيعة بموجب الآيات الكريمة صديق للإنسان وليست عدواً ، وعندما يتعامل معها الإنسان بعقل وانسجام فإنه يبني السعادة على الأرض.
3- قال تعالى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ*وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ* وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [3-6: الجاثية] .
يتكرر في القرآن كما في هذا النص الكريم تسمية القوانين الطبيعية ( آيات) وتسمية النصوص القرآنية المعبرة عن القوانين الشرعية ( آيات )
وكذلك توصف في القرآن القوانين الطبيعية مثلما توصف القوانين الشرعية بأنها (سنن الله) وأنها (كلمات الله) ويتأكد التشابه بين النوعين من القوانين إلى درجة حيرة المفسرين في كثير من الأحيان في تعيين أي النوعين هو المراد بعبارة آيات الله أو سننه أو كلماته عندما ترد في نصوص القرآن.
الآية تعني العلامة والدليل القاطع.
القوانين الطبيعية تدل على أن وراء خلق الكون (واحد) له العلم المطلق والحكمة المطلقة، القوانين الشرعية تدل على أن مصدرها العليم الخبير العزيز الحكيم.
وجه دلالة القوانين الطبيعية على أن مصدرها واحد له العلم المطلق والحكمة المطلقة أنها لا تتخلف ولا تختلف {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} سورة الملك، أي أنها على تمام الدقة والانسجام.
وجه دلالة القوانين الشرعية على أن مصدرها الله العليم الحكيم أنها على كمال الانسجام والإتقان والتكامل {ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا} سورة النساء.
عدم ” التفاوت ” في الكون، مثل عدم ” الاختلاف ” في الشرع، في الدلالة على وحدة المصدر
كما ترى ليس التشابه بين القوانين الطبيعية والقوانين الشرعية ( الإسلامية ) فقط في التسمية ، ولا في الطبيعة المميزة لكل منهما وهي الانسجام والتكامل بل في وجه دلالة النوعين من القوانين على أن مصدرهما ( الله ).
4- من قوانين الطبيعة السارية في الكون الزوجية.
وقد قرر القرآن الكريم في مواضع كثيرة هذه الحقيقة قال تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [36: يــس] ، وقال سبحانه:{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [49: الذاريات].
الزوجية في الكون تعنى تساوي التماثل بين الزوجين في القيمة وتساوي التكامل بينهما (لا التماثل) في الوظيفة.
والقوانين الشرعية للزوجية (في الإسلام) مثل القوانين الطبيعية.
1- حيث تقرر مساواة التماثل في القيمة بين الذكر والأنثى، إن أبلغ وأدق وأشمل تعبير عن هذه المساواة (بعضكم من بعض) في الآية الكريمة: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} [195: آل عمران]
وقال تعالى:{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ} [67: التوبة]
بعبارة مختصرة تقرر القوانين الشرعية مساواة التماثل بين الجنسين بالقيمة أي فيما يتعلق بصفات الشخصية ومن ذلك الأهلية القانونية الكاملة (في فرنسا وأسبانيا كانت الكتب المدرسية القانونية حتى النصف الأخير من القرن المنصرم تمثل لنقص الأهلية القانونية بالمرأة في بعض الحالات ).
ب- وحيث تقرر مساواة التكامل بين الجنسين في الوظائف الاجتماعية بقدر ما تقتضي ذلك الفروق في الوظائف الطبيعية الفسيولوجية والبيولوجية والسايكولوجية.
***
وبالنسبة للزوجية وتعيين وظائف الذكر والأنثى يمكن أخذ ( نظام الأسرة ) مثالاً باعتبارها الوحدة الاجتماعية الأصغر حيث يبنى تنظيمها كما يبنى تنظيم الوحدات الاجتماعية الأكبر على مساواة التكامل وليس مساواة التماثل:
1- تنشأ الأسرة بالزواج بين الذكر والأنثى.
ب- ينفرد القرآن في تعيينه الغاية من الزواج وتكوين الأسرة، لا يقرر القرآن أن الغاية من الزواج بقاء النوع الإنساني، واستمراره على وجه سليم، ولا اشتراك اثنين في الحياة والتعاون على معايشتها. مع أن هذه من نتائج تكوين الأسرة الصالحة.
وإنما يقرر منذ البداية أن الغاية والهدف الأساسي للزواج هو ( وجود السكن بين الزوجين ) {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [189:الأعراف]
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [21: الروم]
وكلمة ((سكن)) لا يوجد لها مرادف في اللغة العربية وقد لا يوجد لها مرادف في اللغات الأخرى، وكما تدل نصوص القرآن في استعمال كلمة ((سكن)) ومشتقاتها فإنها تتضمن معاني كثيرة : الآمن، الراحة، المتعة، عدم القلق أو الخوف أو الحزن بعبارة شاملة قد يكون أقرب مضمون لمعنى السكن شعور الطفل في حضن أمه.
ج- وكما تهدي بدهية المنطق فإنه عندما تتعين الغاية والهدف لأي مشروع يكون النظام كاملاً عندما يوفر الوسائل التي تحقق هذه الغاية ويعزل العوائق التي تعوق الوصول إليها.
وإذا كان القانون الطبيعي ((الزوجية)) الساري على الإنسان يعني المساواة بين الذكر والأنثى في القيمة مساواة التماثل ، ويعني المساواة بينهما في الوظيفة مساواة التكامل ، وليس التماثل إذ الذكر والأنثى يختلفان في الوظائف الفسيولوجية والبيولوجية والسايكولوجية، فإن القانون الشرعي يكون منسجما مع القانون الطبيعي حين يراعي ما تقتضيه فوارق الوظائف الطبيعية من فوارق في الوظائف السوسيولوجية .
د- يقوم تنظيم الوحدة الاجتماعية الصغرى (الأسرة) على الأساس الذي يقوم عليه تنظيم الوحدات الاجتماعية الأكبر، أي (العدل) {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى} [ 90: النحل]
هـ– وبالمثل يقوم هذا التنظيم على أساس الشورى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [38:الشورى].
ومن أفراد العدل في المجتمع الصغير (الأسرة) التكامل بين الحقوق، ثم بين الحقوق والواجبات في علاقة الزوج والزوجة {وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ} [228: البقرة]
ز- درجة القوامة للرجل تعني أمرين متقابلين واجب الزوج بتمويل الأسرة ورعايتها وحمايتها، وحقه في القيادة المبنية على الشورى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [34:النساء] .
ح– مسئولية الزوج في الكدح خارج المنزل بتوفير تمويل الأسرة ومسئولية الزوجة في رعاية الأسرة من الداخل «الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها» حديث شريف صحيح.
ط– حق الوالدين على الأولاد في البر يجيء في القرآن دائما بعد حق الله، وعقوق الوالدين كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يؤثر في هذا الحق اختلاف قال تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [15:لقمان] .
يقابل هذا الحق واجب الوالدين في رعاية الأولاد وتربيتهم التربية الصالحة و العطف والشفقة عليهم وبصفة خاصة الإناث منهن «من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين … وضم أصابعه» حديث رواه مسلم في صحيحه ” كفى بالمرء إثـماً أن يضيع من يعول ” حديث صحيح
«اليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول» حديث رواه البخاري في صحيحه
ى – في الأسرة الممتدة وجوب صلة الرحم بين أفرادها وتحريم قطع الرحم، قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} } [22: محمد] ، وقال صلى الله عليه سلم: «الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» (رواه البخاري ومسلم في صحيحهما)، ومن أفراد صلة الرحم وجوب إنفاق القادر على المحتاج وفق “نظام معين” وهذا الواجب التزام قانوني يحميه القضاء وليس واجباً أدبيا فحسب.
****
كما هو ظاهر من الحقائق السابقة فإن المفتاح لإدراك فلسفة التشريع في الإسلام: هو انسجام التشريع مع القوانين الطبيعية، والانسجام والتكامل بين مكونات التشريع.
****
عبر عن هذا المفكر النمسوي الأصل ( ليوبولد فايس) الذي كتب بعد سبع سنوات من إسلامه وتسميه بمحمد أسد في مقدمة كتابه ( الإسلام على مفترق الطرق Islam At The Crossroads) ما يأتي :
“هذا السؤال يلقى علي مرة بعد مرة، لماذا اعتنقت الإسلام ؟ وما الذي جذبك منه خاصة ؟
وهنا يجب أن أعترف بأني لا أعرف جوابا شافيا، لم يكن الذي جذبني تعليما خاصا من التعاليم، بل ذلك المجموع المتراص – بما لا نستطيع له تفسيرا – من تلك التعاليم الأخلاقية بالإضافة إلى منهاج الحياة العملية، ولا أستطيع اليوم أن أقول أي النواحي قد استهوتني أكثر من غيرها، فإن الإسلام على ما يبدو لي بناء تام الصنعة، وكل أجزائه قد صيغت ليتمم بعضها بعضا ويشد بعضها بعضا، فليس هناك شيء لا حاجة إليه، وليس هناك نقص في شيء، نتج من ذلك كله ائتلاف متزن مرصوص، ولعل الشعور بأن جميع ما في الإسلام من تعاليم وفرائض قد وضعت موضعها هو الذي كان له أقوى الأثر في نفسي”.
وفي فصل (روح السنة) من الكتاب نفسه، كتب: “نحن نعد الإسلام أسمى من سائر النظم الحديثة لأنه يشمل الحياة بأسرها، إنه يهتم بالدنيا والآخرة، وبالنفس والجسد، وبالفرد والمجتمع، إنه لا يهتم فقط، لما في الطبيعة الإنسانية من وجوه الإمكان… بل يهتم أيضا لما فيها من قيود طبيعية”.
وكتب في خاتمة الكتاب: “ليس ثـمة علامة ظاهرة تدل على أن الإنسانية بنموها الحاضر، قد استطاعت أن تشب عن الإسلام، بل إنها لم تستطع أن تخلق نظاماً خلقيا أحسن من ذلك الذي جاء به الإسلام، إنها لم تستطع أن تبني فكرة الإخاء الإنساني على أساس عملي كما استطاع الإسلام أن يفعل حينما أتى بفكرة القومية العليا (الأمة)، إنها لم تستطع أن تشيد صرحاً اجتماعياً يتضاءل التصادم والاحتكاك [فيه] فعلا على مثال ما تم في النظام الاجتماعي في الإسلام إنها لم تستطع أن ترفع قدر الإنسان ولا أن تزيد في شعوره بالأمن، ولا في رجائه الروحي ولا سعادته في كل هذه الأمور نرى الجنس البشري في كل ما وصل إليه مقصراً عما تضمنه المنهاج الإسلامي … لقد تأيد الإسلام – ولدينا جميع الأدلة على ذلك – بما وصل إليه الإنسان من أنواع الإنتاج الإنساني لأن الإسلام كشف عنها وأشار إليها على أنها مستحبة قبل أن يصل إليها الناس بزمن طويل، ولقد تأيد أيضا على السواء بما وقع أثناء التطور الإنساني من قصور وأخطاء وعثرات، لأنه كان قد رفع الصوت عاليا واضحاً بالتحذير منها من قبل أن تتحقق البشرية أن هذه أخطاء، وإذا صرفنا النظر عن الاعتقاد الديني نجد من وجهة نظر عقلية محض كل تشويق إلى أن نتبع الهدى الإسلامي بصورة عملية وبثقة تامة … ولكن مع كل هذا يجب أن لانخدع أنفسنا نحن نعلم أن عالمنا العالم الإسلامي، قد أضاع تقريباً حقيقته كعامل ثقافي مستقل … إنه فقدان الإيمان وتفكك التنظيم الاجتماعي عندنا، ولم يبق شيء سوى قليل من التماسك الأصلي الذي كان أخص ميزات المجتمع الإسلامي الأول، وإن ما نحن اليوم فيه من فوضى ثقافية واجتماعية يدل بوضوح على أن قوى التوازن التي كانت سبب العظمة في العالم الإسلامي قد أوشكت اليوم أن تتلاشى، إننا اليوم مندفعون في التيار على غير هدى … لم يبق لدينا شجاعة أدبية ولا روح يقاوم عنا ذلك السيل الجارف من المؤثرات الأجنبية الهدامة لديننا ومجتمعنا، لقد أطرحنا أحسن التعاليم الأدبية التي قيض للعالم أن يعرفها، إننا نجحد إيماننا بينما كان ذلك الإيمان لأسلافنا دافعاً عظيما ً … إننا فقراء القلوب أنانيون بينما كانوا يفتحون صدروهم للعالم كله بكرم وسماح، إن قلوبنا خالية خاوية بينما كانت قلوبهم عامرة بالإيمان … إن هناك بلا ريب سبيلاً إلى التجدد وهذه السبيل بادية بوضوح لكل ذي عينين، تلك السبيل تتحقق بأن ننفض عن أنفسنا روح الاعتذار، الذي هو أسم آخر للانهزام العقلي فينا … أما الخطوة الثانية أن نعمل بسنة نبينا على وعي منا وعزيمة، وليست السنة إلا تعاليم الإسلام نفسها قد وضعت موضع العمل بها، فباتخاذنا إياها الكلمة الفصل في الاختيار وبتطبيقها على كل ما تتطلبه حياتنا اليومية نستطيع بسهولة أن نعرف البواعث التي ترد علينا من المدنية الغربية، وما يجب أن نتقبله منها أو أن نرفضه، بدلاً من أن نخضع الإسلام – باستخذاء – للمقاييس العقلية الأجنبية يجب أن ننظر للإسلام على أنه القياس الذي نحكم به على العالم … إذا استطعنا أن نستعيد ما فقدناه من الثقة بأنفسنا فحينئذ فقط نأمل أن نجعل سبيلنا صعوداً من جديد، ولا يمكن أبداً أن نبلغ هذا الهدف إذا أتلفنا مؤسساتنا الاجتماعية الخاصة بنا ثم أخذنا في تقليد مدنية أجنبية لا بمعناها التاريخي والجغرافي فحسب بل بمعناها الروحي أيضاً”
****
النصوص المقتبسة من محمد أسد توضح مفتاح فلسفة التشريع الإسلامي وهو الانسجام مع القوانين الطبيعية والانسجام بين مكونات التشريع ،والإفادة إلى الحد الأقصى من تسخير الله القوانين الطبيعية وفطرة الإنسان التي فطره الله عليها وتفادي التمرد عليها أو محاولة إلغائها،لأن عاقبة ذلك هزيمة الإنسان أمامها كما كشفت وتكشف عن ذلك تجارب الإنسان.
****
للإيضاح نورد نموذجين لتجربتين من أهم التجارب التاريخية حاول فيها الإنسان أن يتمرد على قانون الزوجية، وأن يقلب في وظائف هذا القانون مساواة التكامل إلى مساواة التماثل.
النموذج الأول – ربما كانت أهم وأشمل وأكمل وأدوم تجربة للإنسان في محاولة فرض مساواة التماثل بين الرجل والمرأة في الوظائف الاجتماعية تجربة الاتحاد السوفيتي التي استمرت سبعين سنة، فبعد أن أطلق الزعيم الشيوعي لينين شعاره الشهير “لا يتقدم المجتمع ونصفه في المطبخ” خرجت المرأة إلى سوق العمل المأجور، فشاركت الرجل في عمله على اختلاف أنواعه ومستوياته، عملت رائدة فضاء ومهندسة وباحثة في مراكز البحوث، وميكانيكية في المصنع، وعاملة في مواقع البناء ورصف الطرق وكنس الشوارع، حقاً من الناحية العملية كان نصيب المرأة في الأعمال الشاقة والمكروهة أكثر من نصيبها في عمل الياقات البيضاء ولكنها من الناحية القانونية حصلت على مساواة التماثل الكاملة مع الرجل في حق العمل وفي شروطه، وفي الطريق إلى انهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي ومحاولة إعادة البناء كتب الزعيم الشيوعي جورباتشوف في البروسترويكا: “طوال سنوات تاريخنا البطولي والشاق عجزنا عن أن نولي اهتماما لحقوق المرأة الخاصة واحتياجاتها الناشئة عن دورها كأم وربة منزل، ووظيفتها التعليمية التي لا غنى عنها بالنسبة للأطفال، إن المرأة إذ تعمل في مجال البحث العلمي وفي مواقع البناء وفي الإنتاج والخدمات وتشارك في النشاط الإبداعي لم يعد لها وقت للقيام بواجباتها اليومية في المنزل والعمل المنزلي وتربية الأطفال وإقامة جو أسري طيب، لقد اكتشفنا أن كثيراً من مشاكلنا في سلوك الأطفال والشباب، وفي ومعنوياتنا وثقافتنا وفي الإنتاج تعود جزئياً إلى تدهور العلاقات الأسرية، والموقف المتراخي من المسئوليات الأسرية، وهذه نتيجة مناقضة لرغبتنا المخلصة والمبررة لسياستنا في مساواة المرأة بالرجل في كل شيء، والآن في مجرى البروسترويكا بدأنا نتغلب على هذا الوضع ولهذا السبب فإننا نجري الآن مناقشات جادة في الصحافة وفي المنظمات العامة، وفي العمل والمنزل بخصوص مسألة ما يجب أن نفعل لنسهل على المرأة العودة إلى رسالتها النسائية البحتة ”.
النموذج الثاني – في الستينات من القرن المنصرم اشتعلت في الولايات المتحدة الأمريكية حركة، بل ثورة، “النسوية” وقامت ” المنظمة القومية للمرأة ” National Organization for Women (NOW) وصار لهذه الثورة أثر عميق وساحق على الساحة الثقافية الأمريكية، بل تجاوزت ذلك إلى العالم كانت رسالتها تحقيق مساواة التماثل الكامل بين الذكر والأنثى، وبفضل استنادها إلى قيمة من أهم القيم الدستورية المقدسة (المساواة) في الولايات المتحدة الأمريكية فإنه حتى المعارضين لنشاط ونتائج هذه الحركة، ما كانوا ليجرءوا على نقاش فكرة المساواة من حيث المبدأ، بل لم يكن من السهل على عقولهم أن تجد المبرر المنطقي لمعارضه ” النسوية ” من حيث مبدأ المساواة الذي تستند عليه، وكان المتوقع أن تغير هذه الثورة مجرى الحياة الاجتماعية في الولايات المتحدة بصفة جذرية، وفعلا كانت وتيرة التغيير تتسارع إلا أنها سرعان ما بدأت تتراجع، وظلت القوانين الطبيعية قوانين الفطرة تضغط للاتجاه المعاكس، وفي السنوات الأخيرة وجدت عدة دراسات واستطلاعات وإحصاءات تعبر عن هذا الاتجاه، على سبيل المثال:
في نوفمبر 2005 نشرت ليندا هرشمان – وقد كانت عضواً في NOW، وبروفسور جامعية في دراسات المرأة – دراسة بعنوان (العودة باتجاه البيت) تضمنت هذه الدراسة أن نصف الإناث الأكثر مزايا والأفضل تعليما في الولايات المتحدة فضلن البقاء في البيت وتربية الأطفال على الخروج إلى سوق العمل، وأن المؤلفة أثناء إعدادها كتابها عن ” الزواج بعد ثورة النسوية ” دهشت حين اكتشفت أن النسوية Feminism أخفقت في تحقيق أهدافها بين النخبة المثقفة من النساء التي كان من المفترض أن تكون الوارث المحافظ على المكتسبات الثقافية للنسوية، وأنه بالرغم من أن الحياة العامة تغيرت، فإن الحياة الخاصة واجهت عقبة كأداء للتغير.
وتضمنت الدراسة أن أرقام الإحصاءات للأمهات العاملات ظلت تؤكد ميل المرأة لاختيار البقاء في البيت، وفي الاستطلاعات كانت إجابات النساء تؤكد الحقيقة القاطعة، (إن الاعتقاد بأن المرأة مسئولة عن تربية الأطفال، والعمل المنزلي، بصفة عامة لم يتزعزع) وتحت عنوان “سقوط اختيار النسوية” من الدراسة المشار إليها تساءلت بروفسور هرشمان ما الذي يحدث الآن؟ أغلب النساء يتطلعن للزواج وللأمومة، ولو قاومن التقاليد فيما يتعلق بمسئولية المرأة كربّة بيت ومربية أولاد لنشطن لصراع هذه التقاليد، ولكن النخبة من النساء لا يقاومن التقاليد، ومن العرائس اللواتي أجريت المقابلة معهن وكن فضلن البقاء في البيت لم تقل أي واحدة منهن أن عودتها لمسئوليات البيت غير عادلة بل كلهن عبرن عن أن العمل المنزلي هو العمل الطبيعي للمرأة.
وكما وصفت أحداهن من حاملات الماجستير مستعملة اصطلاحات الإدارة: “زوجي مسئول عن تعبئة الموارد المالية وأنا مسئوله عن صرفها”.
استشهدت بروفسور (هرشمان) بـ (ميرا هارت) بروفسور في مدرسة البزنس في جامعة هارفارد الذي أجرى مسحاً لسنوات 1981، 1986، 1991 فوجد أن 38% فقط من حاملات الماجستير يعملن خارج المنزل.
كما استشهدت بـ (رتشارد بوسنر) القاضي في محكمة الاستئناف الفدرالية، والبروفسور في جامعة شيكاغو بقوله أن المقالات التي ظهرت في الصحف أخيراً عن تراجع النسوية تؤكد ما يعرفه كل أحد له علاقة بكليات القانون للنخبة منذ زمن طويل عن اختيار النسبة العاملة للإناث بالمقارنة مع الذكور اختيار العمل المنزلي عن العمل في اقتصاد السوق.
في ختام الدراسة لقد عبرت بروفسور هرشمان عن حسرتها عن النتائج المحبطة لجهود النسوية بهذه الكلمات: “لقد مضت النسوية شوطاً بعيداً في تدمير السقوف الزجاجية التي تحدد تصورات النسوية خارج المنزل، والآن نرى السقوف الزجاجية يبدأ تشكلها داخل المنزل، مع أن تدمير السقف الزجاجي الذي فوق رأسك أكثر عناء، لكن لا خيار”.
صالح بن عبد الرحمن الحصين
الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي (سابقا)، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو المجلس الرئاسي لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالمملكة العربية السعودية.
- التصنيف:
- المصدر: