إلى كل مؤتمن على الصدقات
حيث لا يقتصر الأمر على مجرد معصية بينه وبين ربه ، بل هو مغتصب لحق غيره ، ومتسبب في فقد الثقة في أعمال الخير كلها ، وتشويه سيرة القائمين عليها
هؤلاء النفر الكرام من القائمين على أعمال البر والخير ، وتوزيع الصدقات ، وتفقد المحتاجين ، والوساطة بين معطي الزكوات والصدقات وبين مستحقيها : فضلهم عظيم ، وعملهم مشكور ، وهم على ثغر من الثغور المهمة ، لا سيما في هذه الأيام الصعبة ، وهم شركاء في الثواب ولم لم ينفقوا شيئا من مالهم ، وذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " « «إن الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ - وربما قال يعطي - ما أمر به، فيعطيه كاملا موفرا، طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به - أحد المتصدقين» » [متفق عليه ] .
أما من استغل ثقة الناس فيه ، فخان الأمانة ، وغش المسلمين ، وأكل أموال اليتامى والمساكين ، والأرامل والمطلقات ، وانتهب مال الله المستأمن عليه ، فما أظلمه وأشنع جرمه ، وهو داخل في عموم قوله تعالى " { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } " كما أنه داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم " « «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة» » [رواه البخاري] .
وذنوب هذا الصنف الغاش من الذنوب العظيمة المتعدية في ضررها ، حيث لا يقتصر الأمر على مجرد معصية بينه وبين ربه ، بل هو مغتصب لحق غيره ، ومتسبب في فقد الثقة في أعمال الخير كلها ، وتشويه سيرة القائمين عليها ، وإحجام أصحاب الأموال عن إخراج أموالهم خشية ألا تصل لمستحقيها .
ويبقى التذكير بأن رأس مال المتصدر في هذا الباب هو سمعته وأمانته وثقة الناس فيه ، فليتق الله في ذلك ، وليتحرز من الشبهات ، وأبواب القيل والقال ، وليسلك مسلك الورع ، وليتقيد بشروط من وكله ، وليبتعد عن التوسع المنفلت ، وأخذ شيء من المال بتبرير فاسد مثل أنه من القائمين عليها ، أو تفضيل أهله على من هم أكثر احتياجا ، وغير ذلك من مداخل الشيطان الظاهرة والخفية .
- التصنيف: