في وداع رمضان.... للزيات
مقتطفات من مقال الأستاذ الكبير أحمد الزيات | بعنوان: في وداع رمضان
مقتطفات من مقال الأستاذ الكبير أحمد الزيات | بعنوان: في وداع رمضان
▪المسلمون في توديع رمضان جد مختلفين؛ فمنهم المتقون والقرويون والذين لم تقس قلوبهم على جفاف المادية وكَلَب العيش، وهؤلاء يودعونه وعلى وجوههم غشاوة من الأسى على بركات تريد أن تنقضي..
ومنهم الخلعاء والمجان، والذين في قلوبهم مرض وفي إيمانهم ضعف، وهؤلاء يودعون في رمضان قيدا ثقيلا غلهم عن الشهوات الخسيسة..
▪فأسألكم أنتم يا أيها الصائمون القائمون: هل أنتم يوم ودعتموه خير منكم يوم استقبلتموه؟ هل تشعرون بعد أن أديتم فريضة هذا الركن أن نفوسكم أصبحت أطهر، وأن أخلاقكم صارت أكرم، وأن أهواءكم غدت أرفع؟ وهل تحسون أثر أولئك كله في دنياكم الخاصة والعامة، فأنتم اليوم أشد قربا من الله، وأوثق صلة بالناس، وأطيب نفسا بالحياة؟
اسألوا أنفسكم هذه الأسئلة ثم أجيبوا عنها، وأنا معتقد أن أجوبتكم ستكون بالإيجاب، وإلا لما حزنتم على انقضاء رمضان وأسفتم على انقطاع الخير فيه؛ فإن المرء لا يحزن إلا على عزيز، ولا يأسف إلا على نافع..
▪لماذا لا تستمرون في الصيام عن ظاهر الإثم وباطنه، فتغلوا أيديكم عن الأذى، وتصونوا ألسنتكم عن الكذب، وتطهروا قلوبكم من الرجس، وتنزهوا مكاسبكم عن الحرام، وتبرئوا أعمالكم من الغش وقد جربتم ذلك في رمضان، فنفعت التجربة، وحسنت العاقبة؟
لماذا لا تضيقون الكلفة في القهوة؛ لتوسعوا النفقة في البيت، وتقتصدون قليلا في الأنس بالأصدقاء؛ لتوفروا كثيرا من الأنس بالأسرة، وقد فعلتم ذلك في رمضان فاعتدلت الحال وطابت المعيشة؟
▪هذا المدخن الذي ترك التدخين ثلاثين يوما، فأراح صدره وسَكَّنَ أعصابه، وقوى شهيته، لماذا لا يستمر صائما عنه ليله ونهاره، وقد رأى أن في طاقته الاستغناء عنه، والحياة بدونه؟
▪وهذا القوي الذي كان وهو صائم يمر باللغو كريما، فيقابل الذنب بالمغفرة، والسيئة بالحسنة والقطيعة بالصلة، لماذا لا يحرص على هذا الخلق وهو مفطر بعد ما جنى من خيره في أربعة أسابيع ما لم يجنه من غيره في العام كله؟
▪إن رمضان شهر رياضة وموسم استشفاء، نروض فيه أنفسنا على الخير لنتمرن عليه، ونعالجها به من الشر لتبرأ منه.
وليس الغرض من هذه الرياضة وهذا الاستشفاء أن يُحدثا أثرهما الطيب في حياة المرء في شهر بعينه؛ فإن ذلك يخالف حكمة الشارع من الصوم، ويناقض منطق الأشياء في الواقع.
▪فأنتم يا معاشر الذين خرجوا من رمضان بزاد من التقوى للقلب والروح، وذخيرة من الخير للوطن والأمة، وعدة من الصبر للجهاد والعمل، فإنكم أحرى في هذه الليلة - ليلة العيد - أن تهناوا بحزنكم في توديع شهر
الصوم، وبفرحكم في استقبال يوم الفطر، فإن الحزن على رمضان تقوى وبر؛ لأنه حزن على خير مضى وأنس فات، وإن الفرح بالعيد عبادة وشكر؛ لأنه فرح ببشرى نزول الوحي وذكرى يوم بدر.
منقول من صفحة وضاح بن هادي على التليجرام
https://t.me/wadah38
- التصنيف:
- المصدر: