من فضائل نهر النيل !!

منذ 2020-06-25

ورجح النووي إبقاء المعنى على ظاهره، وأن أصل مادة هذه الأنهار من الجنة .

مع كثرة الأنهار في العالم ، فإن لنهر النيل خصوصية وفضلا عليها جميعا ، ولا يشاركه في هذا الفضل إلا نهر الفرات !

ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» »

وفي الصحيحين البخاري ومسلم في قصة المعراج قال النبي صلى الله عليه وسلم " «رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ» "

وثمة من استشكل هذه الأحاديث بناء على أن الواقع المحسوس يقطع بأن منبع هذه الأنهار معروف، ومنابع النيل خصوصًا محددة المكان، وتم استكشافها بدقة وتحديد تامَّين، فكيف يقال مع ذلك: إن أصل منبعه في الجنة؟

وقد تنوعت آراء العلماء المتقدمين في الإجابة عن ذلك، فذهب ابن حزم إلى حمل المعنى على القول باشتراك الأسماء؛ أي أن في الجنة نهرين اسمهما النيل والفرات ينبعان من أصل سدرة المنتهى، وهما غير النيل والفرات المعروفين في الدنيا، وإن اشتركا معهما في الاسم، وذهب آخرون إلى القول بالمجاز والتشبيه، وأن النيل والفرات يشبهان أنهار الجنة في النماء والبركة والعذوبة، أو أن الإيمان عم البلاد التي تجري فيها هذه الأنهار، أو يكون المراد أن الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة، ورجح النووي إبقاء المعنى على ظاهره، وأن أصل مادة هذه الأنهار من الجنة .

وفي رأيي أنه ليس ثمة محذور مطلقًا من إبقاء الحديث على ظاهره، كما لا توجد علة حقيقية توجب المصير إلى تأويله؛ وذلك لأن الحكم بكون أصل النيل والفرات وسيحان وجيحان من الجنة لا يتنافى مع ما هو مشاهد ومعروف من وجود منبع لهم هنا في الدنيا، فالحديث يتكلم عن السبب الغيبي غير المشاهد، ووجود المنبع المعروف في الدنيا إنما هو بحسب السبب الحسي، والمادي، ولا يوجد أدنى تعارض بين الأمرين .

ومثل ذلك تمامًا مثل قوله تعالى: { {وأنزلنا الحديد} } [الحديد: 25] وقوله: { {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} } [الزمر: 6] وليس في التعبير بإنزال هذه الأشياء ما يتعارض مع ما نشاهده من استخراج الحديد من المناجم، أو توالد الحيوانات بعضها من بعض.

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 2
  • 0
  • 4,536

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً