أفضل أيام السنة

منذ 2020-07-22

أيها المسلمون،  أيام العشر، هي أفضل أيام الدنيا، إنها عشر ذي الحجة، لفضلها ومكانتها أقسم بها العظيم جل في علاه؛ قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}.

الحمد لله رب العالمين، يوفق من يشاء من عباده المؤمنين، لتحصيل المكاسب والأجور في المواسم وفي كل حين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أمَّا بعد:

فعباد الله، اتقوا الله حق التقوى، وتزودوا من الأعمال الصالحة، بما يقربكم من ربكم جل وعلا، قال تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].

 

التقوى خير زاد.

إذا أنتَ لم ترحلْ بزادٍ من التُّقى 

ولاقيتَ يومَ العرضِ مَن قد تزوَّدا 

ندِمت على ألا تكونَ كمثلِهِ 

وأنَّكَ لم تَرصُدْ كما كان أرصَدَا 

 

أيها المسلمون، بعد أيام قلائل مقبلون على عشر، هي أفضل أيام الدنيا، إنها عشر ذي الحجة، لفضلها ومكانتها أقسم بها العظيم جل في علاه؛ قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.

 

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ»، وهذه العشر تكتسب أهميتها ومكانتها وعظمتها من أمور:

• أنها في أشهر الحج؛ قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ, وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ.

 

• وهي أيضًا في أشهر الحرم التي عظَّمها الله تعالى؛ قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].

 

 ويجتمع فيها من خصال الخير والفضل فرضها ونفلها ما لا يجتمع في غيرها، كالحج والعمرة والصلاة والصيام، والصدقة والأضحية والتكبير وغيرها، قال ابن حَجَرٍ في فتح الباري: ((وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ، وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ...)).

 

• وأيامها أفضل أيام الدنيا، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ, إِلَّا مَنْ عَفَّرَ وَجَهَهُ فِي التُّرَابِ».

 

• وهي الأيام المعلومات التي حث القرآن على كثرة ذكر الله تعالى فيها؛ قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}  [الحج: 28]، يَعْنِي عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ.

 

• وفيها يوم عرفة الذي أكملَ الله فيه الدين؛ قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، صيامه مستحب لغير الحاج، سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».

 

• وفيها يوم النحر وهو يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ قُرْطٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ».

 

عبادَ الله، إن أيامًا تحظى بهذه المكانة وتحتل هذه المنزلة، لتحدونا إلى معرفة فضلِ العمل وثواب الطاعة فيها؛ حتى نعطيها مزيدًا من الوقت، ونبذل فيها كثيرًا من الجهد، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ»؛ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه.

 

أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى، وقدموا لأنفسكم في مواسم البركات من الأعمال الصالحات، ما يقرِّبكم من رب الأرض والسماوات، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 110]:

 التوبة إلى الله تعالى والتخلص من كل المعاصي والذنوب، وذلك في كل وقت وحين، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

 

 الاجتهاد بكل أنواع الطاعات والمسارعة فيها: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 148].

 

 المحافظة على الفرائض ومنها الصلوات الخمس في أوقاتها، والإكثار من النوافل والقربات،

ومن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة الصيام، فَعن بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ تِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَخَمِيسَيْنِ»، وصيام يوم عرفة سنة مؤكدة لغير الحاج.

 

• ومن الأعمال الصالحة فيها ذكر الله تعالى؛ قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ}  [الحج: 28].

 

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيْامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيْامِ العشر، فأكثروا فيهن مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».

 

 من الأعمال الصالحة: الحج لمن استطاع إليه سبيلًا، والعمرة، والأضحية، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإحسان إلى الخلق، ومكارم الأخلاق، وعلى المسلم أن يجتهد في كل عمل يقرِّبه إلى الله، فهو موسم أرباح، اللهم وفِّقنا لفعل الخيرات: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20].

 

هذا وصلوا عباد الله على مَن أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56].



 

الكناني

  • 2
  • 0
  • 2,718

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً