في رحاب سورة الهمزة 1-3
ثم شرعت السورة فى حديث مباشر عن قوم ملكت الدنيا قلوبهم فجمعوا الأموال من حلال ومن حرام حتى غلب على ظنهم أنهم فى الدنيا مخلدون وعن الحياة لا يرحلون
يقول رب العالمين سبحانه { يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
وفى الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وغيره قال: خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من بعض حيطان المدينة (بستان) فسمع صوت إنسانين يعذبان، في قبريهما فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبيرة وإنه لكبير كان أحدهما لا يستتر من البول، وكان الآخر يمشي بالنميمة، ثم دعا بجريدة فكسرها اثنتين فجعل كسرة في قبر هذا وكسرة في قبر هذا ثم قال صلّى الله عليه وسلّم لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» )
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله لا يزال الحديث موصولا بعون الله تعالى مع سور وآيات من كتاب الله عز وجل نتلوها ونتدبر معانيها سائلين الله تعالى أن يجعل القران العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وذهاب همومنا وغمومنا انه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شئ قدير..
واليوم موعدنا أيها المؤمنون مع سورة الهمزة يقول الله سبحانه وتعالى:
{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الاَْفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ}
نزلت سورة الهُمَزة على النبى صلّى الله عليه وسلّم وهو فى مكة قبل الهجرة وذلك أن ناسا من قريش كانوا يؤذون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويشتمونه ويضيقون عليه ليمنعوه من الصلاة عند البيت الحرام..
اخرج البخاري رحمه الله من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى يوما عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجىء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم وهو عقبة بن أبي معيط فجاء بسَلاَ الجَزُور فنظر حتى إذا سجد النبي صلّى الله عليه وسلّم وضع على ظهره بين كتفيه قال ابن مسعود وأنا أنظر لا أغنى شيئًا عن رسول الله لو كانت لي منعة !!
قال فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعضهم أي يتمايل بعضهم على بعض مرحًا وبطرًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه حتى جائت فاطمة الزهراء فطرحته عن ظهره فرفع رأسه ثم قال اللهم عليك بقريش فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة ثم سمى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اللهم عليك بأبي جهل وعليك بعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط
قال ابن مسعود فو الذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى يوم بدر .
وكانوا إذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم همزوه ولمزوه بألسنتهم وأيديهم
{وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً}
فانزل الله تعالى فيهم { { وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} }
بدا الله تعالى هذه السورة الكريمة بالحديث عن ذم مساوئ الأخلاق لا لشئ إلا ليصون المسلم منها نفسه ويطهر منها قلبه ولسانه حتى يلقى الله تعالى ولا يشكوه احد فى عرض ولا شئ..
صعد عبد الله بن عمر على الصفا فقال فلبى ثم خاطب لسانه فقال يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم قالوا يا أبا عبد الرحمن هذا شيء أنت تقوله أم سمعته؟ قال لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
«أكثر خطايا ابن آدم في لسانه»
بدأت السورة بالحديث عن الهماز اللماز العياب
عن أولئك الذين يعيبون الناس ويأكلون أعراضهم بالطعن والسخرية والاحتقار قال صلى الله عليه وسلم «الهمازون واللمازون والمشاؤن بالنميمة والمحبون للبراء العيب يحشرهم الله في وجوه الكلاب»
ثم شرعت السورة فى حديث مباشر عن قوم ملكت الدنيا قلوبهم فجمعوا الأموال من حلال ومن حرام حتى غلب على ظنهم أنهم فى الدنيا مخلدون وعن الحياة لا يرحلون غرتهم الحياة الدنيا وغرهم بالله الغرور ظلموا أنفسهم ولم يسلم منهم الناس فهم فى مجالسهم يتفكهون بحديث عن مساوئ الناس وعيوبهم وعوراتهم فانزل الله تعالى فى شانهم قوله
{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الاَْفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ}
يتبع: في رحاب سورة الهمزة..
- التصنيف: