الأمل حياة
«لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
أيها الإخوة الكرام :
بعد 129 يوما من الغلق ومن الحجر ومن الخوف والهلع أذن الله تعالي لأن يخفف عنا فخفف عنا وفتح لنا بابا من أبواب رحمته , وبعد 155 يوما من التباعد والقلق بعيدا عن الجمع والجماعات أذن الله تعالي لأن يردنا إلي بيوته وإلي الجماعات مرة أخرى فلله الحمد أولا وآخرا ولله الحمد ظاهرا وباطنا .. ببركة الدعوات الحارة وببركة الدمعات الصادقة أذن الله لنا أن نعود وأن نقف بين يديه اليوم مجتمعين ...
هذا ماذا يقول لنا ؟
هذا يقول لنا أحسنوا الظن بالله عز وجل فليس لكم في الوجود سواه , هذا يقول لنا لا تقطعوا الأمل في الله سبحانه وتعالي فلا نافع إلا الله ولا كاشف للبلوي سواه ( {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } )
فلا تتعلق بوالد ولا ولد وتعلق فقط بالواحد الأحد فهو وحده الشافي ولا شافي غيره وهو وحده الكافي ولا كافي سواه ( {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } )
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلي الله عليه وسلم
إن أجمل ما في هذه الحياة الدنيا بعد الإيمان بالله ورسوله وبعد الذكر والشكر لله رب العالمين أن يكون المؤمن حسن الظن بربه قال جَابِر بن عبد الله سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ يَقُولُ « «لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» »
أجمل ما في هذه الحياة الدنيا بعد الإيمان بالله ورسوله وبعد الذكر والشكر لله رب العالمين أن يكون أملك في الله كبيرا أن تتوقع الخير من الله تعالي في كل ما يصيبك من سراء ٍ وضراءٍ ومن شدةٍ ومن رخاء ..
أن تستقبل مقادير الله تعالي بنفس راضية هذا أجمل ما في الحياة الدنيا بل هو جنة الدنيا التي من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ..
خرج النبي عليه الصلاة والسلام علي أصحابه يوما فقال من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن قال أبو هريرة فقلت أنا يا رسول الله قال فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام بيدي فعقد فيها خمساً .. وعد منهن ( وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ).
طمع المؤمن في رحمة ربه في حفظه في عفوه في نصره ..
أمل المؤمن في كرم الله تعالي هو قرين الإيمان .. فإذا وجد الإيمان وجد الرجاء وجد الأمل وإذا الإيمان غاب حضر اليأس حضر القنوط حضر الضلال وحضر الكفر والعياذ بالله
( {وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا} )
علي الرجاء في رحمة الله علي الطمع في مغفرة الله علي الرضا بما قسم الله وعلي الثقة في حسن تدبيره وحكمته سبحانه وتعالي تربينا نصوص القرآن والسنة ..
( {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } )
وفي صحيح السنة أن رجلا قَالَ : وَقَعَ فِى نَفْسِى شَىْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَأَتَيْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ وَقَعَ فِى نَفْسِى شَىْءٌ مِنَ الْقَدَرِ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَلاَكُ دِينِى وَأَمْرِى فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنَ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ أَنَّ لَكَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَأَنَّكَ إِذَا مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ .
أيها الإخوة الكرام إن حسن ظني بربي يفتح في وجهي الأبواب المغلقة ويوسع أمامي كل طريق ضيقة والباب الذي يفتحه الله تعالي لا يغلقه أحد من خلقه مهما بلغت درجة قوته ومهما بلغت درجة ظلمه وغشمه ومكره ( {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} )
الخطبة الثانية
بقي لنا في ختام الحديث عن ضرورة أن تعلق أملك بالله تعالي وأن الأمل يساوي حياة بقي لنا أن نقول إن يومنا هذا هو اليوم التاسع من محرم وغدا السبت هو اليوم العاشر من المحرم ومن السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام صيام عاشوراء ومن السنة أيضا صيام يوم قبله او يوما بعده ..
صام موسي هذا اليوم شكرا لله تعالي علي نعمة النجاة من ظلم الفرعون ونحن المسلمين نصومه لأننا اولي بموسي من غيرنا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام
وعن صيام عاشواء قال النبي عليه الصلاة والسلام «إِنِّي لَأَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ»
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرحمنا برحمته وأن يستر عيوبنا وأن يغفر ذنوبنا إنه ولي ذلك والقادر عليه .
- التصنيف: