تقديم المصلحة وتقدير المباح

منذ 2020-09-10

شهدت حوادث الزمان: ان ابن آدم لا يحب إلا نفسه ولا يري إلا ذاته لسان حاله أنا ومن بعدي الطوفان لا يسمع إلا صوته ولا يرضيه إلا عمله ولا يمتدح إلا فعله ولا يعجبه إلا رأيه (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ )

أيها الإخوة المؤمنون: ورد في سنن ابن ماجة رحمه الله من حديث سَهْل بن سعد رضي الله عنه ان النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « «عِنْدَ اللَّهِ خَزَائِنُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَمَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ وَمِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ» »

أيها الإخوة الكرام :
شهدت حوادث الزمان: ان ابن آدم لا يحب إلا نفسه ولا يري إلا ذاته لسان حاله أنا ومن بعدي الطوفان لا يسمع إلا صوته ولا يرضيه إلا عمله ولا يمتدح إلا فعله ولا يعجبه إلا رأيه (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ )

متكبرٌ متغطرسٌ مغرورٌ جحودٌ كفورٌ
هذه للأسف هي صفة جميع بني آدم إلا (المؤمن) الكبر والغرور والجحود والأنانية وحب الذات صفة عموم الناس إلا من كان مؤمنا, فالحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا علي نعمة الإيمان .
أقسم علي ذلك الحكيم العليم سبحانه ( {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِنْسَانُ هُنَا الْكَافِرُ
وَورد عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْكَنُودُ، هُوَ الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ)

أما المؤمن أيها الأحباب:
فهو آلة إصلاح آلة إعمار آلة مُسخَّرة لمنافع الخلائق , المؤمن واحة خير وارفة الظلال أكلها دائم وظلها دائم كريم الخصال كريم الأخلاق كريم الفعال تربي أخلاقيا تربي ثقافيا تربي نفسيا في مدرسة النبي محمد صلي الله عليه وسلم ..يسعي في مصالح الناس بعافيته وعلمه وماله حاله كحال النحلة لا تأكل إلا طيباً، ولا تُخرج إلا طيباً، وإن وقفتْ على عود ضعيف لم تكسره .

في مدرسة النبي محمد صلي الله عليه وسلم
تربي المؤمن علي أن يرعي مصالح الناس ما أمكنه تربي علي الرحمة علي العطف علي المودة والمحبة قال النبي عليه الصلاة والسلام " «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » "

تربي المؤمن في مدرسة النبي محمد صلي الله عليه وسلم علي الخير يحبه ويفعله تربي علي المعروف يبذله ويصنعه لله وابتغاء مرضاة الله عز وجل ( {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} )

تربي المؤمن في مدرسة النبي محمد صلي الله عليه وسلم أن يضع في اعتباره مصالح الناس فيقدمها وييسرها, تربي أن يضع في اعتباره حوائج الناس فيسعى فيها ويقضيها, يريد بذلك الله والدار الآخرة ..

السعي في مصالح المسلمين, قضاء حوائج الناس تاتي في المرتبة الأولي في اهتمامات المؤمن وإلا كان في إيمانه اشكالا قال النبي عليه الصلاة والسلام «مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُصْبِحْ وَيُمْسِ نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ ولإِمَامِهِ ولِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ»

الخطبة الثانية
ورد في الصحيح من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأصحابه: « «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: «لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا» »

هذا هو مثل المؤمن (مثل النخلة) كيانُ خيرٍ كتلةٌ من المعروفِ, مثل المؤمن مثل النخلة كلُّ ما تأخذُ منها ينفعك ..
ثمر النخلة نافع نواها نافع جريدها نافع ورقها نافع ليفها نافع ساقها نافع ..
وكذلك ينبغي لك ان تكون في رأيك ومشورتك ونيتك, هكذا ينبغي لك أن تكون قولا وعملا تحب للناس ما تحب لنفسك ترضي للناس ما ترضاه لنفسك وإن عجزت يوما عن أن تفعل خيرا أو أن تبذل معروفا أو أن تسعي في مصالح الناس فيكفيك أن تكف عن الناس أذاك فإنها لك صدقة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام .

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.

  • 3
  • 0
  • 1,550

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً