مع الصديق رضي الله عنه - قوته في مواجهة المرتدين
والله لا أدع أن أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ويوفي لنا عهده، ويقتل من يقتل منا شهيدًا إلى الجنة، ويبقى من بقي منا خليفته وذريته في أرضه
قوته في مواجهة المرتدين
قال أهل العلم : إن الله حفظ الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم باثنين : أبو بكر في حروب الردة وابن حنبل في مواجهة القائلين بخلق القرآن.
وقد تبدت قوة الصديق الإيمانية وحسمه وإرادته القوية في المحافظة على عرى الإسلام في موقفه الرادع مع المرتدين الذين أرادوا زوال الإسلام واندراسه, ومن أبرز كلمات الصديق في هذا الموقف:
والله لا أدع أن أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ويوفي لنا عهده، ويقتل من يقتل منا شهيدًا إلى الجنة، ويبقى من بقي منا خليفته وذريته في أرضه، قضاء الله الحق، وقوله الذي لا خلف له: { {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ} }
قال العلامة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله :
خطبته لما حصلت الردة
روى ابن عساكر من طريقين، عن شبابة بن سوار، حدثنا عيسى بن يزيد المدني، حدثني صالح بن كيسان، قال: لما كانت الردة قام أبو بكر في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: الحمد لله الذي هدى فكفى، وأعطى فأغنى؛ إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - العلم شريد، والإسلام غريب طريد، قد رث حبله، وخلق عهده، وضل أهله منه، ومقت الله أهل الكتاب فلا يعطيهم خيرًا لخير عندهم، ولا يصرف عنهم شرًا لشر عندهم، قد غيروا كتابهم وألحقوا فيه ما ليس منه، والعرب الآمنون يحسبون أنهم في منعة من الله لا يعبدونه ولا يدعونه، فأجهدهم عيشًا، وأضلهم دينًا، في ظلف من الأرض مع ما فيه من السحاب فختمهم الله بمحمد، وجعله الأمة الوسطى، نصرهم بمن اتبعهم، ونصرهم على غيرهم، حتى قبض الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فركب منهم الشيطان مركبه الذي أنزله عليه، وأخذ بأيديهم، وبغى هلكتهم { {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} }. إن من حولكم من العرب منعوا شتاهم وبعيرهم، ولم يكونوا في دينهم وإن رجعوا إليه أزهد منهم يومهم هذا، ولم يكونوا في دينكم أقوى منكم يومكم هذا، على ما قد تقدم من بركة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، وقد وكلكم إلى المولى الكافي، الذي وجده ضالاً فهداه، وعائلاً فأغناه { {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} } الآية ، والله لا أدع أن أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ويوفي لنا عهده، ويقتل من يقتل منا شهيدًا إلى الجنة، ويبقى من بقي منا خليفته وذريته في أرضه، قضاء الله الحق، وقوله الذي لا خلف له: { {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ} } ثم نزل .
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: