براهين علوم القرآن لزيادة عطاء الإيمان - المقال الثاني : العصمة
قال ابن تيمية: دعوى العصمة فيمن سوى الرسول صلى الله عليه وسلم دعوى باطلة قطعا
معنى العِصْمة لغة واصطلاحاً:
العصمة لغة: هى المنع واصطلاحا: هي حِفظ الله تعالى الأنبياء والمُرسَلين من اقتراف المعاصي والذّنوب، وحِفظهم من الوقوع في المُنكَرات وارتكاب المُحرَّمات، ويرى الإمام ابن حجر العسقلانيّ أنّ العِصْمة تعني: حِفظ الأنبياء والرُّسل من اقتراف النقائص، وتخصيصهم بصفات الكمال والصفات الحَسَنة، وتأييدهم بالنُّصرة والثّبات في جميع الأفعال والأمور، وإنزال السّكينة عليهم([1])
العصمة للرسل المبلغين عن رب العزة سبحانه وتعالى: قال ابن تيمية: دعوى العصمة فيمن سوى الرسول صلى الله عليه وسلم دعوى باطلة قطعا([2]). وقال رحمه الله: (فإن أهل السنة متفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى، وهذا هو مقصود الرسالة([3]).
وقال ابن حزم – رحمه الله -: (ذهبت جميع أهل الإسلام من أهل السنة والمعتزلة.. أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلاً معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة. ونقول إنه يقع من الأنبياء السهو عن غير قصد ويقع منهم أيضاً قصد الشيء يريدون به وجه الله تعالى والتقرب به منه فيوافق خلاف مراد الله تعالى إلا أنه تعالى لا يقرهم على شيء من هذين الوجهين([4]). ويقول شيخ الإسلام بن تيمية" فلن يستقيم للدين أمره وللرسالة مقصودها إلا بعصمة الأنبياء فيما يبلغونه من شرع الله([5])
وبناء على ما سبق يجوز شرعا وعقلا أن يقع خطأ من بعض أفراد الصحابة في بعض اختياراتهم من حيث الجملة، فاختلافهم فى تأويل بعض آيات الأحكام ، وبعض آيات الصفات ، وبعض الآيات التى بها اشارات علمية وارد لا محالة. وهذه الاختلافات لا تنقض عدالتهم، ولا تشهد لهم بالعصمة لأن العصمة لا تثبت لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصحابة غير معصومين من الخطأ.
- تحرير الخلاف في قول الصحابي:
يتبين تحرير محل الخلاف في قول الصحابى فى عدة أمور هي :
الحالة الأولى:إذا خالف نصا شرعيا : فيقدم النص ولا يعمل بقول الصحابي .
مثال ذلك :قال الله تعالى :( {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} ) النساء ( 11 ) .فالله نص على نصيب ميراث البنات مع الأولاد ، ونصيب البنات لوحدهن إذا كن فوق اثنتين وعلى نصيب البنت وحدها ، ولم ينص على نصيب البنتين .فابن عباس رضي الله عنهما أفتى بأن للبنتين نصف التركة .وقد أجمع أهل العلم بعده على خلاف قوله وقالوا بأن لهن الثلثين . ومما استدل به أهل العلم حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " «جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا ، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا ، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا وَلَا تُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ ، قَالَ: يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ : آيَةُ المِيرَاثِ ، فَبَعَثَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَمِّهِمَا ، فَقَالَ : أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ ، وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ » ([6]) قال ابن حجر رحمه الله تعالى :" وقد انفرد بن عباس بأن حكمهما حكم الواحدة وأبى ذلك الجمهور.
الحالة الثانية :قول الصحابي إذا خالفه غيره من الصحابة .
في هذه الحالة لا يكون قول أحدهم حجة دون الآخر ، بل يرجح بين أقوالهم ولا يخرج عنها.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :وإن تنازعوا رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول ، ولم يكن قول بعضهم حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء ([7])"ومثال لذلك :الحاج إذا جامع زوجته بعد التحلل الأول وقبل طواف الإفاضة ، فأفتى ابن عباس رضي الله عنه ؛ بأنه يكفيه أن يخرج إلى التنعيم فيعتمر وعليه فدية .وأفتى ابن عمر رضي الله عنه ؛ بأن حجه قد فسد ، وعليه الحج مرة أخرى .ففي هذه الحالة يرجح بين أقوالهم .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى" :روى قتادة عن علي بن عبد الله البارقي : ( أن رجلا وامرأة أتيا ابن عمر قضيا المناسك كلها ما خلا الطواف فغشيها – أي جامعها - ، فقال ابن عمر : عليهما الحج عاما قابلا ، فقال: أنا إنسان من أهل عمان ، وإن دارنا نائية ، فقال: وإن كنتما من أهل عمان ، وكانت داركما نائية ، حجا عاما قابلا ، فأتيا ابن عباس ، فأمرهما أن يأتيا التنعيم ، فيهلا منه بعمرة ، فيكون أربعة أميال مكان أربعة أميال ، وإحرام مكان إحرام ، وطواف مكان طواف ) رواه سعيد بن أبي عروبة في المناسك عنه ، وروى مالك عن ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة – قال : لا أظنه إلا عن ابن عباس - قال: " الذي يصيب أهله قبل أن يفيض : يتعمر ويهدي " ... إذاً اختلف الصحابة على قولين :أحدهما: إيجاب حج كامل ، والثاني : إيجاب عمرة . لم يجز الخروج عنهما ، والاجتزاء بدون ذلك ([8])"
الحالة الثالثة :قول الصحابي إذا اشتهر ولم نعلم أحدا من الصحابة أنكره . جعله جمهور أهل العلم حجة .قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وأما أقوال الصحابة ؛ فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء([9])
وقال محمد الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى :"وإن كان – أي قول الصحابي – مما للرأي فيه مجال ، فإن انتشر في الصحابة ولم يظهر له مخالف فهو الإجماع السكوتي ، وهو حجة عند الأكثر([10])
ومثال ذلك :قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : " فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ : ( {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} ) ؟ قَالُوا : اللَّهُ أَعْلَمُ ، فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ : قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، قَالَ عُمَرُ : يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ . قَالَ عُمَرُ : أَيُّ عَمَلٍ ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لِعَمَلٍ ، قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ([11]) وهذا تفسير من ابن عباس ، أقره عليه عمر رضي الله عنه ، ولم ينكر عليهما أحد ممن حضر ، فيكون قولا معتمدا في تفسير هذه الآية .ولهذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد أن أورده : وفي هذا الحديث كفاية في تفسير هذه الآية([12])
الحالة الرابعة :قول الصحابي إذا لم نعلم باشتهاره ، ولا نعلم أن أحدا من الصحابة أنكره .فجمهور أهل العلم على قبول قوله والاعتماد عليه .قال ابن تيمية: "وإن قال بعضهم قولاً ولم يقل بعضهم بخلافه ولم ينتشر ؛ فهذا فيه نزاع ، وجمهور العلماء يحتجون به ؛ كأبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد في المشهور عنه ، والشافعي في أحد قوليه ، وفي كتبه الجديدة الاحتجاج بمثل ذلك في غير موضع([13]) ويدخل في هذه الحالة ما استنبطه ابن عباس رضي الله عنه من التفسير ، ولم يعرف له مخالف ولا موافق من الصحابة ([14])
وﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻷﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻠﻒ رحمهم الله تعالى ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺹ ﻣﻦ ﺷﺄنهم ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻬﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺃنهم ﻓﻬﻤﻮﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮآنى بحسب قدرتهم ﻭﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ، ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ بمعصومين ﻋﻦ الخطأ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ يمنع ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ قولاٌ مرجوحا، ﺃﻭ فهما غير ﺻﺤﻴﺢ([15]) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان عن معنى كلام الإمام مالك: "كل يُؤخذ من كلامه ويُرد إلا صاحب هذا القبر" هل هو في المسائل الفقهية الاجتهادية فقط دون المسائل العقدية ؟الجواب : المسائل العقدية مافيها خلاف ، ماهي مجال للأخذ والرد ، لأنها مسلَّمة مبنية على التوقيف ، وإنما هذا في مسائل الفقه ، كلٌ يُؤخذ من قوله ما وافق الدليل ، ويُرد ما خالف الدليل ، هذا قصد الإمام مالك -رحمه الله([16]) .
وسئل الشيخ عبد الرحمن الفقيه: من قائل (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) فقال المشهور أن هذه الكلمة تنسب إلى الإمام مالك رحمه الله ، ولكنها قد جاءت عن غيره ممن قبله من أهل العلم. قال الإمام البخاري في القراءة خلف الإمام ص: 213 والوجه الثالث اذا ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليس في الأسود ونحوه حجة. قال ابن عباس([17]) ومجاهد([18]) ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم .
حجية قول الصحابي في الأمور الفقهية([19]):
يمكن تحرير محل النزاع في قول الصحابي فيما يأتي:
أ- أن يكون في المسائل الاجتهادية وأما فيما لا مجال للاجتهاد فيه فله حكم الرفع.
ب- ألا يخالفه غيره من الصحابة وإن خالفه غيره اجتهد في أرجح القولين بالدليل.
ج- ألا يشتهر هذا القول وإن اشتهر ولم يخالفه أحد من الصحابة كان إجماعًا عند جماهير العلماء.
ويضاف شرطان: أولهما: ألا يخالف نصًا. ثانيهماً: ألا يكون معارضًا بالقياس.
بتلك الضوابط وبهذين الشرطين ذهب الأئمة إلى الاحتجاج بقول الصحابي.
هل قول الصحابى حجة قاطعة أم فيه خلاف؟:
اختلف في هذه المسألة على أقوالٍ كثيرة ومن أهم هذه الأقوال ([20]) :
القول الأول: أن قول الصحابي حجة وهو القول المنسوب للإمام مالك والشافعي في القديم وأنكر ابن القيم أن يكون للشافعي قولاً جديداً غيره وهو القول الذي ذكره الشافعي في كتاب اختلافه مع مالك وهو من كتبه الجديدة كما ذكر العلائي وهو إحدى الروايتين عن أحمد أومأ إليها في عدة روايات واختاره من الحنابلة القاضي أبو يعلى وابن القيم وانتصر له في كتابه إعلام الموقعين ، ونسب هذا القول السرخسي للحنفية .
القول الثاني : أن قول الصحابي ليس بحجة وهو الرواية الثانية عن أحمد أومأ إليه في رواية أبي داود وهو المشهور عن الشافعية أنه قول الشافعي في الجديد وهو قول أكثر أتباعه كالغزالي والآمدي وبهذا قال بعض الحنفية كالكرخي والدبوسي ، وهو قول أهل الظاهر والمعتزلة .
القول الثالث : أن قول أحد الخلفاء الأربعة فقط حجة وأما بقية الصحابة فليس قولهم حجة .
القول الرابع : أن قول أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما حجة دون بقية الصحابة .
القول الخامس : أن قول الصحابي حجة إذا وافق القياس ، وأشار إليه الشافعي في الرسالة فيما إذا اختلفت أقوال الصحابة ونسبه إليه الباقلاني في الجديد نقلاً عن المزني كما نسبه إليه القاضي حسين وابن القطان واختاره ابن القطان .
القول السادس : أن قول الصحابي حجة إذا خالف القياس وبه قال الغزالي في المنخول وابن برهان في الوجيز .
- اختلاف الصحابة والتابعين فى تأويل بعض الأحكام الفقهية:
- اختلاف السيدة عائشة رضى عنها مع عبد الله بن عمرو بن العاص فى مسألة غسل المرأة ونقض ضفائرها. فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: بَلَغَ عَائِشَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ، فَقَالَتْ: يَا عَجَبًا لِابْنِ عَمْرٍو هَذَا يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ، أَفَلَا يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَحْلِقْنَ رُءُوسَهُنَّ؟! لَقَدْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَلَا أَزِيدُ عَلَى أَنْ أُفْرِغَ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ إِفْرَاغَاتٍ.
- اختلافهم فى تأويل قول الله تعالى: ﴿ {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَا} ءَ ﴾ [النساء: 43]. فقد نقل ابن كثير في "تفسيره" عن ابن عباس، قال: « الجماع ».وقال ابن عباس أيضًا: « "اللمس"، و"المسُ"، و"المباشرة": الجماع، ولكن الله يُكني بما يشاء. وقال ابن مسعود: « قوله: اللمس: ما دون الجماع». ثم ذكر ابنُ كثير قولَ ابن جرير: « وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾: الجماع دون غيره من معاني اللمس؛ لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قبَّل بعض نسائه ثم صَلى ولم يتوضأ». قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ هَذَا اللَّمْسَ، مَا هُوَ؟ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ بِالْيَدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ([21]).
- اختلافهم فى تأويل التيمم : ذكر إثبات التيمم للجنب المسافر الذي لا يجد الماء. وذكر بإسناده عن ناجية بن كعب، قال: تمارى ابن مسعود وعمار في الرجل تصيبه الجنابة فلا يجد الماء قال: فقال ابن مسعود: لا يصلي حتى يجد الماء، قال: وقال عمار: كنت في الإبل فأصابتني جنابة، فلم أقدر على الماء، فتمعكت كما يتمعك الحمار، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له، فقال: "إنما كان أن يكفيك من ذلك أن تتيمم بالصعيد، فإذا قدرت على الماء اغتسلت([22])".
- اختلافهم فى مسألة الاستئذان : كما ثبت في "الصحيح" أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟! ائذنوا له. فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا ولم يُؤذَن لي، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول: « إذا استأذن أحدكم ثلاثًا ولم يُؤذن له فلْينصرف».فقال عمر: لتأتيني على هذا ببينةٍ وإلا أوجعتك ضربًا، فذهب إلى ملأ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيدٍ الخُدْري فأخبر عمر بذلك، فقال: ألهاني عنه الصَّفقُ بالأسواق([23])
- اختلافهم فى تأويل بعض آيات الصفات:
- اختلافهم فى فهم قولُ الله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى(5) سورة طه. قال الحافظ في "الفتح" ما يلي: « ونقل مُحي السنة البغويُّ في "تفسيره" عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناه: ارتفع. ثم نقل قول أم سلمة وربيعة ومالك وغيرهم: « الاستواء غيرُ مجهولٍ، والكيف غير معقول، والإِقرار به إيمان، والجحود به كفر». [ج 13 / 406]
- اختلافهم فى تأويل قول الله تعالى: ﴿ { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [(42) سورة القلم] . فقد فسرها البخاري بالحديث: « يَكشفُ ربُّنا عن ساقه، فيسجد له كلُّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ ... ». [متفق عليه] وجاء في رواية عن ابن عباس في تفسير الآية، قال: « هو يوم كربٍ وشدَّةٍ[24]».
- وفي قوله ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وجهان من التأويل: أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة, لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صلى الله عليه وسلم ; والآخر: قوّة الله فوق قوّتهم في نصرة رسوله صلى الله عليه وسلم لأنهم إنما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نُصرته على العدو ([25]). وقال الإمام البغوى : يد الله فوق أيديهم ) قال ابن عباس - رضي الله عنه - ما : يد الله بالوفاء بما وعدهم من الخير فوق أيديهم . وقال السدي : كانوا يأخذون بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبايعونه ، ويد الله فوق أيديهم في المبايعة . قال الكلبي : نعمة الله عليهم في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة . وقال القرطبى: يد الله فوق أيديهم قيل : يده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء ، ويده في المنة عليهم بالهداية فوق أيديهم في الطاعة . وقال ابن كيسان : قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم
ا
[1] ) صادق بن محمد الهادي (19-7-2009)، "العصمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-1-2018. بتصرّف.إقرأ المزيد على موضوع.كوم: https://mawdoo3.com
[2] ) (منهاج السنة النبوية 4/521).
[3] ) ((منهاج السنة)) (1/470).
[4] ) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (4/2)
[5] ) المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين – ص: 777
[6] ) رواه الترمذي ( 2092 ) وقال : " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ " ، وصححه الحاكم والذهبي " المستدرك " ( 4 / 334 ) ، وحسنه الألباني " إرواء الغليل " ( 6 / 121 – 122 ) .
[8] ) شرح العمدة - المناسك " ( 3 / 239 – 240
[9] ) مجموع الفتاوى ( 20 / 14)
[10] ) مذكرة أصول الفقه ( ص 256 )
[11] ) رواه البخاري ( 4538 ) .
[12] ) تفسير ابن كثير ( 1 / 696 )
[13] ) مجموع الفتاوى ( 20 / 14
[14] ) موقع الإسلام سؤال وجواب https://islamqa.info/ar/answers/
[15] ) ﺃﺛﺮ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺩ.ﺻﺎﱀ ﳛﲕ ﺻﻮﺍﺏ
[16] ) صالح الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء https://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/2392
[17] ) أثر بن عباس رضى الله عنه أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 11 / 339 ) بسند حسن .
[18] ) وأثر مجلهد أخرجه ابن عبدالبر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 926 / 1763 و 1764 و 1765 ) من طريق ابن وهب ، ويونس بن عبد الأعلى ، والحسن بن محمد بن الصباح ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، به .وهذا الإسناد صحيح ، وقد تابع هؤلاء الثلاثة ، قتيبة بن سعيد ، عن سفيان بن عيينة ، به .أخرجه البخاري في " رفع اليدين " .وتابعهم إسماعيل بن سعيد الكسائي ، عن سفيان بن عيينة ، به . وأخرجه أبونعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 300 ) .وتابعهم سفر ، عن سفيان بن عيينة ، به .أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 1 / 107 ) ، وسفر ضعيف ، كما في " التقريب " .وخالفهم ابن أبي عمر ، فرواه عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، به .أخرجه ابن عبدالبر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 925 / 1762 ) .وابن أبي عمر ، صدوق ، كما في " التقريب " ، ولكن المحفوظ ، من الوجه الأول
[19] ) انظر : معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة , محمد حسين الجيزاني.
[20] ) انظر : مختصر من كتاب حجية قول الصحابي وأثرها في المسائل الفقهية
[21] ) ابن كثير: ج1/ 502
[22] ) الأوسط لابن المنذر (2/ 131) موقع جامع الحديث http://www.alsunnah.com
[23] ) الحديث متفق عليه [وانظر: تفسير ابن كثير 3 /278]
[24] ) [ذكره ابن جرير فى تفسيره ]
[25] ) ذكره ابن جرير الطبرى
- التصنيف: