متطلبات الولاء والانتماء للوطن..
وفي ختام الآيات دل الله المسلمين علي أول خطوط الدفاع عن دينهم وعن بلادهم وهو أن يتناصر المسلمون وأن يتناصح المسلمون فيما بينهم وأن يؤمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر
أيها الإخوة الكرام: قبل اسبوع كان لنا حديث عن (الصدق) وكان أبرز ما فيه بيان ان صدق اللسان وحده قد لا يكون كافيا فكم من إنسان يقول ولا يفعل وكم من إنسان يقول ما لا يفعل ومن هنا كان علي المسلم ان يكون صادقا في قوله وفعله وهمته ونيته..
اما حديثنا في يومنا هذا فهو عن الصدق في محبة الوطن ..
وفي البداية أود ان أقول إن الكلام ما أيسره وإن الإدعاء ما أسهله كم هي المقالات التي تكتب وكم هي المصنفات والمجلدات التي ألفت قديما وحديثا عن حب الأوطان..
مع احترامي الكامل لكل ما يكتب ولكل ما يقال إلا أني لا أري صدق المحبة للأوطان في سطور أنا لا أري صدق المحبة للأوطان في كلمات أو تمتمات
إنما الحب كل الحب في الأفعال ..
كلامك فوق رأسي لكن ماذا عن أفعالك ؟ ماذا عن تصرفاتك ؟ أفعالنا هي بيت القصيد أيها المؤمنون .. أفعالنا هي أكبر دليل علي صدقنا في حبنا لأوطاننا .
قبل أيام جعلت أقلب صفحات من كتاب الله تعالي فوجدت فيها آيات بينات تتحدث عن أن بلاداً من قبلنا كانت ظاهرة قاهرة هذه البلاد (زالت ومحيت من علي وجه الأرض)
زالت حين ترك أبنائها التناصح والتناصر فيما بينهم قال النبي عليه الصلاة والسلام " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: " تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ "
حب الوطن .. الحفاظ علي الوطن .. أول خطوط الدفاع عن وجود الوطن وعن كمال وجوده وعن سلامة وجوده أن يتناصر أهله وأن يتناصحوا فيما بينهم وبمعني أوضح أن يؤمر فيه بالمعروف وأن ينه فيه عن المنكر .
التناصح والتناصر وإن شئت فقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما أري هو حائط الصد الأول في دفاع الإنسان عن دينه وفي دفاع الإنسان عن لحمته ووطنه وقد نصّت علي ذلك آيات وآيات من كتاب الله تعالي أبرز هذه الآيات هي قول الله تعالي
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
أيام رسول الله عليه الصلاة والسلام حاول اليهود تدمير العلاقة الطيبة بين المسلمين .. أرادوا شق الصف المسلم أرادوا تفتيت قوة المسلمين أرادوا أن تعود المدينة إلي سابق عهدها من الحروب والفساد والخراب ولكن الله سلم..
تدخل رسول فحجز بين الناس وعتب عليهم حتي ندموا ورجعوا إلي عقولهم وعندها نزلت هذه الآيات {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} وفي ختام الآيات دل الله المسلمين علي أول خطوط الدفاع عن دينهم وعن بلادهم وهو أن يتناصر المسلمون وأن يتناصح المسلمون فيما بينهم وأن يؤمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر
حتي نحافظ علي ديننا من الذهاب حتي نحافظ علي أوطاننا من الفساد والخراب هذا هو السبيل {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
هذا هو الحل ..
هذا هو الدواء الناجع أن تتكلم أن تنصح أن تسابق إلي ما ينفع العباد والبلاد أن توجه إلي الحلال وترغب فيه وأن تحذر من الحرام وتخوف منه أن تربي نفسك وولدك ومن تعول علي خوف الله عز وجل {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
الخطبة الثانية
بقي لنا في ختام الحديث عن صدق المحبة للاوطان أن نقول :
إن أكبر مصيبة تبتلي بها الأوطان أن يقعد أهلها عن النتاصح والتناصر فيما بينهم أخطر مصائب العباد والبلاد أن يسكت الناس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وإذا كان المجرم يهلك بجرمه فإن غيره يهلك بسلبيته وسكوته وإذا كان المتكلم بالباطل شيطان ناطق فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس..
ذكر الإمام أحمد وغيره أثرًا : أن الله سبحانه أوحى إلى ملك من الملائكة أن اخسف بقرية كذا وكذا (جاء أمر الله بزوال بلد من البلاد عن وجه الأرض) فقال الملك الموكل بإزالة هذه البلد يا رب كيف أخسف بهم وفيهم فلان العابد؟!
فقال الله تعالي به فابدأ قيل ولم يا رب ؟ قال إنه لم يتمعّر وجهه فيّ يومًا قط. كان يري ويسكت يري ويرضي يري ويتشاغل..
"ويل للعرب من شر قد اقترب قيل يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟! قال نعم إذا كثر الخبث "
في الختام أود أن أقول إن لصدق محبة الوطان ضريبة يدفعها الصادقون من جهدهم وثباتهم ومن تناصرهم وتناصحهم لله ولرسول الله ولكتاب الله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
- التصنيف: