مع الفاروق رضي الله عنه - نسب نبيل ونشأة قاسية
إذ يقول بعض المؤرّخين والكتاب أنّ أذاه للمسلمين كان يكاد يعدل أذى قريشٍ بأكملها، وأنّ دفاعه عن الإسلام بعد إسلام كاد يعدل دفاع المسلمين جميعاً.
نسب نبيل ونشأة قاسية
الفاروق رضي الله عنه كان من أصل نبيل من أنبل بطون قريش, رباه أبوه على الغلظة والقسوة والقوة, والارتباط الوجداني بعقائد الأجداد والدفاع لذا أثرت نشأته على موقفه المبدئي من الإسلام.
فقد كان كان عمر قبل الإسلام أحد المشهورين في قريشٍ والعرب بقوة بأسه وغلاظته، فهو من الأشخاص الذين لم يكونوا يخافون شيئاً بينما يخافهم الجميع من غضبهم ومن بأسهم الشديد، وقد كانت صفات عمر الجسميّة تساعده في ذلك فقد كان طويلاً عريض المنكبين، وذا قوةٍ جسميةٍ عالية، وعند الجهر بالدعوة الإسلامية كانت حرب عمر للإسلام حرباً ضروساً، إذ يقول بعض المؤرّخين والكتاب أنّ أذاه للمسلمين كان يكاد يعدل أذى قريشٍ بأكملها، وأنّ دفاعه عن الإسلام بعد إسلام كاد يعدل دفاع المسلمين جميعاً.
يقول الدكتور محمد سهيل طقوش في بحثه : من هو عمر بن الخطاب
من هو عمر بن الخطاب؟
هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب، وينسب إلى عدي فيقال له: العدوي، وأمه خثمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، وكان نفيل جد عمر شريفًا نبيلًا تتحاكم إليه قريش[1].
تُعدُّ عشيرة بني عدي من أوسط قريش قوَّةً وجاهًا، على أنَّها لم تبلغ من المكانة في مكَّة قبل الإسلام ما بلغه بنو هاشم وبنو أميَّة وبنو مخزوم؛ إذ لم يكن لها من الثروة ما لهم، ومع ذلك نافست بني عبد شمس على الشرف، وحاولت أن تبلغ مكانتهم، إلَّا إنَّها كانت على جانبٍ كبيرٍ من العزَّة والمنعة، شغل أفرادها منصب السفارة والحكم في المنافرات، فكانوا المتحدِّثين عن قريش إلى غيرها من القبائل فيما ينجم من خلافٍ يتوجَّب حسمه بالمفاوضات، وبفعل التنافس العشائري اضطر بنو عديٍّ في حياة الخطاب -والد عمر- إلى الجلاء عن منازلهم القائمة عند الصفا، وانحازوا إلى عشيرة بني سهم وأقاموا في جوارها.
نشأة عمر بن الخطاب
وُلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام 40 قبل الهجرة، وقبل حرب الفجار الآخر بأربع سنين[2]، ونشأ في مكَّة وترعرع في بيئةٍ وثنيَّةٍ في ظلِّ والده الخطاب، وكان فظًّا عليه يُكلِّفه بالأعمال الشاقَّة، ويضربه ضربًا مُبرِّحًا إذا قصَّر في ذلك العمل، وقد تأثَّر بالبيئة التي عاش فيها كغيره من فتيان مكَّة وشبابها، تعلَّم الفروسيَّة والقتال حتى أضحى من أبطال قريشٍ في الجاهلية، مهاب الشخصيَّة، مرهوب الجانب، يُدافع عن عبادة الأصنام بقوَّة، أجاد الكتابة والخطابة والمفاخرة، تذوَّق الشعر ورواه، واعتلى منزلةً رفيعةً بين القرشيين في الجاهلية، فكان مكلَّفًا بالسفارة لهم.
معاداة عمر بن الخطاب للإسلام
وعندما بُعث النبيُّ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وآمن به عددٌ من القرشيين وسكان مكَّة، كان عمر رضي الله عنه شديد الأذى عليهم، ويرى أنَّهم خرجوا على دين قومهم وبالتَّالي تجب محاربتهم، فكان من أشدِّ أهل مكَّة خصومةً للدعوة الإسلاميَّة ومحاربةً لها؛ لأنَّه رأى في تعاليم الإسلام ما يُقوِّض النظام المكيَّ ويُثير الفساد في مكَّة. لقد فرَّقت الدعوة الإسلاميَّة كلمة قريش، ولا بُدَّ من وضع حدٍّ لها بالتخلُّص من صاحبها.
كان النبيُّ يعرف تمامًا هذه الخصال في شخص عمر رضي الله عنه ويطمع في إسلامه، ويرى بعض الذين أسلموا مبكِّرًا استحالة إسلامه، لكنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويلحُّ بالدعاء: " اللَّهُمَّ أَيِّدْ الْإِسْلَامَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَر بْنِ الْخَطَّابِ " [3]. وكان أحبُّهما إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
[1] البلاذري: أنساب الأشراف ج10 ص286.
[2] الفجار: هي الحرب الرابعة من حروب الفجار التي اندلعت بين قريش وكنانة من جهة،
وقيس وعيلان من جهةٍ أخرى، حضر النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذه الحرب مع أعمامه،
وكان عمره آنذاك عشرين سنة، وانتصرت فيه كنانة وقريش على قيس عيلان، وسُمِّيت
بحرب الفجار؛ لأنَّ الطرفين المتقاتلين استحلَّا القتال والمحارم في الأشهر الحرم. ابن هشام:
ج1 ص209-211.
[3] ابن هشام: ج2 ص96.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: