مع علي رضي الله عنه - نسبه وفضائله
«الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما»
نسب علي وفضائله *
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، يكنى بأبي الحسن، ويكنى -أيضا- بأبي تراب.
وأما أبوه فهو أبو طالب، اسمه: عبد مناف، وهو عم النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي نافح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
هذا الخليفة والصحابي الجليل قد ورد فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مناقب متعددة: جاء في مسند الإمام أحمد قوله -عليه الصلاة والسلام-: "من آذى عليا فقد آذاني"، وقال عنه -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم محدثا عن نفسه -رضي الله عنه-، قال: "والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة! إنه لعهد النبي الأمي أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق".
ومن فضائله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على فاطمة، وهي زوج علي -رضي الله عنه-، دخل على ابنته فاطمة، فقال: "أين ابن عمك؟"، فقالت: "هو في المسجد"، وفي رواية لمسلم: "كان بيني وبينه شيء فغاضبني ثم خرج"، فأتى إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو نائم في المسجد، قد سقط رداؤه والتراب على ظهره، فجعل -عليه الصلاة والسلام- يمسح التراب عن ظهره، ويقول: "اجلس أبا تراب، اجلس أبا تراب"، فيقول علي -رضي الله عنه-: "والله! ليس هناك اسم أحب إليّ من هذا الاسم"؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه به.
وأيضا، من مناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في الصحيحين، أنه -عليه الصلاة والسلام- لما خرج في غزوة تبوك خلَّف عليا على المدينة، فقال علي -رضي الله عنه-: "أتخلفني مع النساء والصبيان؟"، فقال -عليه الصلاة والسلام-: " «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟» "، زاد الترمذي: " «إلا أنه لا نبي بعدي» ".
ومن فضائله ومناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " «ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟"، لما أبلغوه -عليه الصلاة والسلام- أمرا عن علي، قال: "ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ هو مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي» ".
ومن مناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في مسند الإمام أحمد وسنن النسائي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " «من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه» ".
ومن مناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في الصحيحين من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه"، فجعل الناس يذكون ليلتهم: أيهم يعطاها؟ ثم لما أصبحوا غدوا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "أين علي؟"، فقالوا: "يشتكي عينيه"؛ لأنه كان بهما رمد، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "ادعوه"، فبعث سلمة إليه، فأتي به وهو أرمد، فبصق -عليه الصلاة والسلام- في عينيه، فبرأ كأن لم يكن به وجع».
ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: "انفذ على رسلك، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأعلمهم بما يجب عليهم من حق الله -تعالى-، «فوالله! لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» ".
جاء في رواية مسلم تفصيل هذا الفتح: "لما خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى خيبر، فدنونا منها، خرج "مرحب" وهو أميرهم، وجعل يخطر بسيفه، يرفعه تارة، ويضعه أخرى، ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحبُ *** شاكي السلاح بطلٌ مجرَّبُ
فنزل عامر، وهو عم سلمة بن الأكوع، فنزل -رضي الله عنه- عن فرسه، وجعل يقاتله، فاختلسا ضربتين، فوقع سيف مرحب في فرس عامر، فعرج عامر أن يضربه من أسفله، لكن سيف عامر رجع إليه فمات -رضي الله عنه-، فقال الناس: بَطَلَ عملُ عامر.
قال سلمة: فأتيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنا أبكي: فقال: "ما شأنك؟"، قال: إن الناس يقولون: بطلَ عملُ عامر، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لا، بل له أجره مرتين".
ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: "أين علي؟"، قال سلمة: فأتيت به، وهو أرمد لا يبصر شيئا، فبصق النبي -صلى الله عليه وسلم- في عينيه، ثم أعطاه الراية، فلما بلغ ساحة الوغى، خرج مرحب، فقال:
قد علمت خيبر أني مرحبُ *** شاكي السلاح بطل مجربُ
فقال علي -رضي الله عنه-: أنا الذي سمتني أمي حيدره -حيدره: اسم من أسماء الأسد- قال:
أنا الذي سمتني أمي حيدرهْ *** كليث غابٍ كريهِ المَنْظَرهْ
أوفيهم بالصاع كيل السندرهْ
فقام علي -رضي الله عنه-، فضربه، ففلق رأسه، فكان الفتح".
ومن مناقب علي -رضي الله عنه- ما جاء في سنن ابن ماجة أن ابن أبي ليلى كان يرى عليا وهو يسمر معه، يقول: " «كنت أراه يلبس ثياب الصيف في الشتاء، ويلبس لباس الشتاء في الصيف"، فقلت: "لم؟"، فأخبرني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أتي به إليه عام خيبر، قال: "اللهم أذهب عنه الحر والقر- وهو البرد -"؛ قال: "فما اشتكيت بعد ذلك من حر ولا برد»
ومن مناقبه، وفضائله -رضي الله عنه- ما جاء في مسند الإمام أحمد أنه قال: «كنتُ شاكيا، فاشتد بي الوجع، فدخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنا أقول: "اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخرا فارفعني، وإن كان بلاءً فصبِّرني"، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "ماذا قلتَ؟"، قال: "فأعدت عليه"، فركض النبي -صلى الله عليه وسلم- برجله عليه، وقال: "اللهم عافه"، أو: "اللهم اشفه" قال: "فما اشتكيت بعد ذلك» ".
ومن مناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في سنن النسائي أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- قد خطبا من النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إنها صغيرة"، ثم خطبها علي -رضي الله عنه- فزوجها منه.
ومن مناقبه -رضي الله عنه-، وهذه تُعد من مناقبه، وقد يظن البعض أنها ليست من مناقبه، أو مما يُعتب أو يلام عليه، ما جاء في الصحيحين من أن فاطمة -رضي الله عنها- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: "إن الناس يزعمون أنك لا تغضب لبناتك"، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لم؟"، قالت: "هذا علي قد خطب بنت أبي جهل ليتزوجها"، فقام -عليه الصلاة والسلام- على المنبر فقال: "إن بني المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم عليا على ابنتي فاطمة، والله لا آذن! ثم لا آذن! إلا أن يريد علي أن يطلق ابنتي، وينكح ابنتهم، وإن فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها، وإني أخشى أن تُفتن في دينها". فأمسك علي -رضي الله عنه- عن الخطبة، وهذا يدل على مناقبه.
قد جاء في مستدرك الحاكم أن عليا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما رأيك في بنت أبي جهل؟"، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "عن حسبها؟"، قال علي: "لا"، قال: "والله لا آذن!"، قال علي -رضي الله عنه-: "والله لا أقدم علي شيء يؤذيك".
وجاء عند البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " «إني لا أحرم حلالا، ولا أحل حراما، ولكن -والله- لا تجتمع بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبنت عدو الله تحت رجل مسلم مكانا أبدا» ".
قال ابن حجر -رحمه الله-: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحرم الزواج لعلي -رضي الله عنه-، وإنما أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يسلم علي -رضي الله عنه- من الإثم؛ وذلك لأن فاطمة بضعة من النبي -صلى الله عليه وسلم-، يؤذيه ما آذاها، وأذية النبي -صلى الله عليه وسلم- أذية لله -عز وجل-.
ثانيا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إني أخشى أن تُفتن في دينها"، أي: يخشى -عليه الصلاة والسلام- أن لا تقوم بحق علي -رضي الله عنه-؛ وذلك من مقتضى الغيرة التي جُبلت عليها كثير من النساء.
ثم هو -عليه الصلاة والسلام- قال: "إني لا أحرم حلالا، ولا أحل حراما"، قال ابن حجر -رحمه الله-: لو أن فاطمة أذنت بذلك لما منع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوج ببنت أبي جهل أو بغيرها.
ثم إن فاطمة -رضي الله عنها- قد تسلسلت عليها الأحزان: ماتت أمها خديجة، ثم مات جميع أخواتها، والمرأة بما جرت به العادة إذا اشتكت من شيء إنما تبوح بسرها إما لأمها، وإما لأخواتها، ولم تجرِ عادة أن تبوح بسرها لأبيها أو لأخيها.
ومن مناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في صحيح مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نزل قوله -تعالى-: {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ} …، جمع -عليه الصلاة والسلام- فاطمة، وعليا، وحسنا وحسينا، فقال: "اللهم إن هؤلاء أهلي".
ومن مناقبه -رضي الله عنه- ما جاء في سنن ابن ماجة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحسن والحسين -وهما ابنا علي رضي الله عنه- «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما» ".
وجاء في سنن ابن ماجة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤدِ عني إلا علي".
وجاء في مسند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل عليا، فقال: "من هو أشقى الأولين؟"، فقال علي -رضي الله عنه-: "عاقر الناقة"، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إذاً، مَن هو أشقى الآخرين؟"، فقال علي -رضي الله عنه-: "الله ورسوله أعلم"، فقال -عليه الصلاة والسلام-: " «أشقاهم هو قاتلك» ".
قال أبو جعفر أحمد الطحاوي في عقيدته الطحاوية، قال: نحب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا نُفْرِط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر، ونفاق وطغيان.
ثم قال -رحمه الله-: ونثبت الخلافة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر، تفضيلا له، وتقديما على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب، ثم لعثمان، ثم لعلي، وهم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون.
ثم قال -رحمه الله-: ومَن أَحْسَنَ القولَ في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس، فقد برئ من النفاق.
ثم قال -رحمه الله-: وإن العشَرة الذين سمَّاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسمائهم، وشهد لهم بالجنة، نشهد لهم بالجنة على ما شهد به -عليه الصلاة والسلام-، وقوله الحق، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة.
انتهى كلامه رحمه الله بشيء من الاختصار، والتصرف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية : ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة ألسنتهم، وقلوبهم لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، متمثلين قول الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر:10]، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين -: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه".
ثم قال -رحمه الله-: ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة من فضائلهم ومراتبهم، ويقدّمون من أنفق قبل الفتح -وهو "صلح الحديبية"- وقاتل، على من أنفق من بعد ذلك وقاتل، ويقدمون المهاجرين على الأنصار، ويؤمنون بأن الله -عز وجل- قد قال لأهل "بدر": "اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم". وأنه لا يدخل أحد النار ممن بايع تحت الشجرة.
ثم قال -رحمه الله-: ونشهد بالجنة لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم-، كالعشرة، وثابت بن قيس، وغيرهم.
ثم قال -رحمه الله-: ويقرون بما تواتر به النقل عن علي -رضي الله عنه- من أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها -عليه الصلاة والسلام-: أبو بكر، ثم عمر، ويثلثون بـ "عثمان"، ويربعون بـ "علي"، كما دلت عليه الآثار.
قال -رحمه الله-: ويؤمنون بأن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان
ثم علي. ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء، قال: "فهو أضل من حمار أهله".
ثم قال -رحمه الله-: ويحبون أهل البيت، ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أن قال في "غدير خُم"، وخم: غدير بين مكة والمدينة، لما رجع -عليه الصلاة والسلام- من حجة الوداع، وكان بين مكة والمدينة في مكان، وهو بئر يُسمى "خُم" نسبة إلى صاحبه. قال -عليه الصلاة والسلام-: "أذكركم الله في أهل بيتي".
ثم قال -رحمه الله-: ويتولون -يعني أهل السنة والجماعة- يتولون أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصا خديجة -رضي الله عنها-؛ لأنها أكثر أم أولاده، وهي أول من آمن به، وعاضده، ولها المنزلة العظمى.
وكذلك الصدّيقة بنت الصدّيق عائشة، التي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
ثم قال -رحمه الله-: ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة، ويسبونهم. ويتبرؤون من طريقة النواصب، الذين ناصبوا العداء لأهل البيت، الذين يسبون أهل البيت.
قال -رحمه الله-: ويمسكون عما شجر من الصحابة -رضي الله عنهم-. قال -رحمه الله-: ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله به عليهم من الفضائل علم أنهم خير الأمم بعد الأنبياء، وأنه لا كان ولا يكون مثلهم.
ثم قال -رحمه الله-: وأنهم الصفوة من هذه الأمة التي هي خير الأمم. انتهى كلامه رحمه الله.
وقال -رحمه الله- في كتابه المشهور: "الصارم المسلول على شاتم الرسول -صلى الله عليه وسلم-"، قال: من زعم أن الصحابة -رضي الله عنهم- قد ارتدوا بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا قليلا منهم أو أن عامتهم فسق فإن هذا كافر، ولا ريب في كفره، ويكفر من لم يكفره.
ثم قال -رحمه الله-: وذلك لأنه أنكر ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- من فضائلهم. ثم قال: أما من سبهم بما لا يقدح في دينهم، ولا في عدالتهم، وإنما كما لو وصف بعضهم بالبخل أو بالجبن فإنه لا يكفر، لكنه يفسق، ويستحق التأديب، والتعزير. وعلى هذا -قال رحمه الله- يُحمل كلام من قال من العلماء إنهم لا يكفرون.
ثم قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه- في رده على الروافض، قال: "مَن خصّ بعضهم بالسب ممن تواتر النقل بفضله كالخلفاء الراشدين فإنه لا ريب في كفره، ونحكم بكفره، أما إن سبّ هؤلاء من غير اعتقاد أحقية سبهم، أو من غير استباحة لذلك، فإنه لا يكفر".
ثم قال -رحمه الله-: أما من سبّ من لم يتواتر بالنقل فضائلهم فإنه لا يكفر، إلا إن سبهم معتقدا أنهم أحد الصحابة الذين صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وخلاصة القول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال في معجم الطبراني بسند حسن، وحسنه الألباني -رحمه الله- في السلسة الصحيحة، قال -عليه الصلاة والسلام-: "من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين".
* من بحث للشيخ زيد البحري
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: