هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته
حينما يكون الحديث عن سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم فإن الحديث يطيب، والقلوب تهفو، والآذان تصغي. كيف لا يطيب الحديث عن رجلٍ أحيا الله به البشرية، وأخرجها من الظلمات إلى النور..
الحمد لله الذي خلق الذكر والأنثى، من نطفةٍ إذا تُمْنى، وأن عليه النشأة الأخرى، أحمده سبحانه وأشكره على ما أعطى وهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الأسماء الحسنى والصفات العُلى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي المصطفى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي النُّهى، ومَنْ سار على دربهم واقتفى.
أما بعد:
فإن خير ما يوصي المرءَ أخاه: أن يتَّقي ربَّه ومولاه، ويعتصم بحبله وهداه؛ فهو العصمة من الفتن إذا تزاحمت، وهو النور في الإحَنِ إذا تراكمت: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29]، {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } [البقرة: 282].
معاشر المسلمين:
حينما يكون الحديث عن سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم فإن الحديث يطيب، والقلوب تهفو، والآذان تصغي. كيف لا يطيب الحديث عن رجلٍ أحيا الله به البشرية، وأخرجها من الظلمات إلى النور؟! كيف لا يحلو الكلام عمَّن أحبَّه الله واصطفاه، وأكرمه واجتباه، وجعله نورًا يهدي إلى صراط مستقيم؟!!
غير أن حديثنا عن حبيبنا لن يكون عن النبي القائد، ولا عن الرسول الداعية المربِّي؛ وإنما سيكون الحديث عن محمد صلى الله عليه وسلم زوجًا وبَعْلاً.
فتعالوا أخوة الإيمان نفتح نوافذ عن سيرته الأسرية، ونتفيَّأ شيئًا من حياته مع شريكات عمره.
ما أحوجنا أن نروي أنفسنا ومجتمعنا من هذا النبع الصافي والخُلُق الوافي، وبالأخصِّ في هذا العصر الذي تطالعنا فيه الدراسات باستمرار عن ارتفاع معدَّلات الطلاق في المجتمع، أما أخبار النزاع الزوجي والعنف الأسري - فقد طفح كيلها وعلا زَبَدها!!
إخوة الإيمان:
لقد تمثَّل المصطفى صلى الله عليه وسلم صورة المعاشرة مع أهله في أبهى حُلَلِها؛ فكان عليه الصلاة والسلام خير زوجٍ لخير أهل، كيف لا وهو القائل: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
حبا الله تعالى نبيَّه أكمل الأخلاق وأنبل الصفات؛ فكان عليه الصلاة والسلام لزوجاته الزوج الحبيب، والموجِّه الناصِح، والجليس المؤانِس؛ كان عليه الصلاة والسلام يمازح نساءه في السرَّاء، ويواسيهنَّ في الضرَّاء، كان يسمع شكواهنَّ، ويكفكف دموعهنَّ، لا يؤذيهنَّ بلسانه، ولا يجرح مشاعرهنَّ بعبارته، يتحمَّل منهنَّ كما يتحمل أحدكم من أهله، وما ضرب بيده امرأةً قط. لا يتصيَّد الأخطاء، ولا يتتبَّع العثرات، ولا يضخِّم الزلاَّت، ولا يُديم العتاب. يتحمَّل الهفوة، ويتغاضى عن الكبوة. قليل الملامة، كثير الشكر والعرفان.
ينظر إلى أحسن طباع المرأة، ويظهر حبه بهذا، ولا غرو في ذلك؛ فهو القائل: «لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كَرِه منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخر».
عباد الله:
ولعلَّنا نقترب من بيوت النبوَّة؛ لنرى بعض المشاهد التي دوَّنتها كتب السنَّة، وحفظت لنا شيئًا من عشرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته؛ ليتَّضح لنا بعد ذلك عظمة الخُلُق، وبساطة الحياة، ومثاليَّة القِوامة.
وأوَّل إطلالةٍ نقترب منها: هي مع ذلك البيت الصغير الذي مُليء إيمانًا وحكمة، وأذهب الله عنه الرِّجْس وطهَّره تطهيرًا. نُطِلُّ إلى ذلك المنزل المتواضع من كوَّةٍ فتحتها لنا أمُّنا؛ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حينما تواردت عليها سؤالات الناس: ماذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته عندكِ؟ فأجابت رضي الله عنها:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَلْيَنَ الناس، وأكرم الناس. كان رجلاً من رجالكم؛ إلا انه كان ضحَّاكًا بسَّامًا، كان يكون في مهنة أهله: يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويخدم نفسه. فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة".
تأمل معي يا عبد الله هذه الكلمات المعدودات وهذا الوصف الوجيز البليغ:
"كان أَلْيَنَ الناس، وأكرم الناس":
لم يكن نبيُّنا تشغله قيادة الأمَّة وهمُّ دعوة الناس وإصلاح المجتمع عن إعطاء أخصِّ قراباته برَّه وكريم خُلُقه، لقد رأى الناس لين المصطفى صلى الله عليه وسلم وسماحة تعامله، حتى شهد له ربه بذلك فقال عنه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].
وكذا بلغ هذا اللين نهايته في تعامله مع أهل بيته. لقد رأى الصحابة كرم النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعجز البيان عن وصفه؛ فكان لأهل بيته بعد ذلك القدح المُعَّلى من هذا الكرم المحمدي.
"كان ضحَّاكًا بسَّامًا":
ما أحوجنا عباد الله أن نتمثَّل هذا الخُلُق مع أهلنا في منازلنا! يطول عجبك من حال البعض، يجود بالكلام الحَسَن والثغر المبتسم مع أصحابه ورفاقه، حتى إذا أغلق منزله وخلى بأهله - تغيَّرت شخصيته، فلا ترى إلا قتامة التجهُّم، وملالة التضجُّر، ولغة التأفُّف!! مع أن أهله بيته، ومَنْ جعل الله بينه وبينهم مودَّةً ورحمةً هم أوْلى الناس بالبشاشة، وأسعد العباد بهذا الخُلُق.
ثم تأمل معي قول أمِّ المؤمنين "كان يكون في مهنة أهله":
سَلْ نفسك يا عبد الله: كم كان حجم بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى يكون هو في خدمة أهله؟ ثم هل شكت إليه عائشة رضي الله عنها كثرة العمل ومشقَّته، حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم بخدمتها ومعونتها؟!
لقد عاش نبيُّنا صلى الله عليه وسلم مع زوجته عائشة رضي الله عنها في حجرةٍ لا تتجاوز مساحتها خطوات معدودات، وكان يأتي عليهما شهران وما أُوقِد في بيته نارٌ؛ فهل ثمَّة جهد تحتاج معه عائشة إلى معونة النبي صلى الله عليه وسلم؟!
كلا وربي، وإنما هو لمعنى أعمق: وهو أن هذه الأعمال وإن كانت يسيرة وحقيرة في نظر البعض - إلا أنها تحمل رسالةً إلى قلب الزوجة، تصنع فيها وشائج المودَّة ما لا تفعله ألاف الكلمات ومعسول العبارات.
هذه الأعمال اليسيرة كأنما تنطق؛ فتقول: إن المشاركة مع المرأة في بيتها هي التي تبني المودَّة وتزرع الأُلْفَة، وتُديم الحياة الزوجية حيَّةً دفَّاقةً؛ لأن المرأة ترى زوجها قريبًا منها، يحمل عنها شيئًا من عبئها؛ فيكبر في عينها بقدر تواضعه، ويعظم في نفسها بقدر بساطته.
ومشهدٌ آخر من بيت النبوَّة المبارَك:
يجلس النبي صلى الله عيه وسلم في بيت عائشة، يتبادلان الحديث في جوٍّ هاديٍ مفعمٍ بالمودة.. فلم يفجأهم إلا طَرَقات الباب، وإذا هو خادم أمِّ المؤمنين زينب بنت جحش يحمل بين يديه طعامًا صنعته زينب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فتحركت في قلب عائشة غيْرتها، واضطرب في كوامنها ما تجده كلُّ امرأةٍ بفطرتها وغريزتها تجاه ضرَّتِها، فأخذت الصفحة من يد الخادم فضربتها بحجرٍ فكسرتها نصفين، وتناثر الطعام يمينًا وشمالاً!!
فماذا صنع نبيُّنا وقدوتنا صلى الله عله وسلم أمام هذا المنظر؟ هل اعتبر هذا التصرُّف قضيةً تقلِّل من هيبته وتخلخل قِوَامته؟ أم تراه أسمع زوجته سلسلةً من كلمات العقاب وعبارات التوبيخ؟ أم تراه توعَّدها بالهجران؟
كلا.. كلا؛ لم يقل حينها شيئًا من ذلك، إنما تعامل مع هذا الخطأ بالأسلوب الأَمْثَل الذي ليس فوقه علاج، راعى في المرأة نفسيَّتها وسبب خطئها.
جعل المصطفى صلى الله عليه وسلم يجمع بيده الكريمة الطعام من هنا وهنا، وهو يقول: ((غارَتْ أمُّكم. غارَتْ أمُّكم.))، ثم وضع الطعام في صفحة عائشة السليمة، وأهداها للخادم، وأبقى الصفحة المكسورة عند عائشة! وهكذا انتهت المشكلة وعُولِج الخطأ بكلِّ هدوء!!
ومشهدٌ آخر في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
ينشب خلافٌ بينها وبين المصطفى صلى الله عليه وسلم لم تنقل لنا كتب السيرة ومدوَّنات السنَّة سبب الخلاف، ولكن نقلت لنا أن عائشة رضي الله عنها قد علا صوتُها صوتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وراجعته في بعض الأمور، ووافقت هذه اللحظات مرور الصدِّيق رضي الله عنه بباب ابنته عائشة، فأدرك سمعه صوت ابنته عاليًا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاستأذن الصدِّيق، ودخل بيت عائشة وقد امتلأ غيظًا، وهو يقول: "يا ابنة أمّ رومان."؛ لم ينسبها لنفسه من شدَّة حنقه عليها. قال: "لا أراكِ ترفعين صوتكِ على رسول الله.".
وإذا بعائشة التي كانت تراجع النبيَّ صلى الله عليه وسلم تلوذ بالذي كانت تراجعه، وتحتمي خلف ظهره، ورسولنا صلى الله عيه وسلم يمنع أبا بكرٍ من ابنته، ويهدئ غضبه، ويسكن نفسه، حتى خرج أبو بكر رضي الله عنه من عندهم مغضبًا، فالتفت أكرم الخَلْق، ومَنْ أَسَرَ القلوب بخُلُقه إلى عائشة وقال لها ممازِحًا ومخفِّفًا: «يا عائشة، كيف رأيتِني أنقذتُكِ من الرجل؟!» !!!
فما كان من عائشة إلا أن استحيَتْ، وذهب ما كان من مراجعتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويشاء الله أن يمرَّ الصدِّيق من بيت عائشة؛ فيسمع رنين الضحكات، فيستأذن عليهما ويقول: "أدخِلاني في سِلْمِكما كما أدخلتُماني في حربكم"؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد فعلنا. قد فعلنا».
ولعله يزداد عجبك يا عبد الله وتطول دهشتك - إذا عملت أن خير الخَلْق صلى الله عليه وسلم كانت تهجره إحدى زوجاته يومًا كاملاً فلا تكلِّمه!!
يحكى لنا عمر بن الخطاب خبر هذا الهجران فيقول: "كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار". قال عمر: "فصخبت عليَّ امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ أن تراجعني، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟! فوالله إنَّ أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. ففزع عمر وقال: لقد خاب مَنْ فعل ذلك منهنَّ. ثم انطلق إلى ابنته حفصة أم المؤمنين ليستثبَّت الخبر منها؛ قال: يا حفصة، أتُغاضِب إحداكنَّ رسول الله؟! قالت: نعم، قال: وتحجره حتى الليل؟! قالت: نعم، قال لها: قد خبتِ وخسرتِ، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتهلكي".
أما نبينا صلى الله عليه وسلم فما زاده هذا الهجران إلا حلمًا، ولا هذه الإساءة إلا صبرًا؛ فسبحان مَنْ خلق الخُلُق ثم أعطاه لنبيِّه صلى الله عليه وسلم.
ومشهدٌ آخر تبرز فيه براعة المصطفى صلى الله عليه وسلم في حل مشاكل الأسرة:
يدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته ذات يوم، فيجد أمَّ المؤمنين صفيَّة بنت حُيَيٍّ تبكي وتمسح الدموع من مآقيها! سألها عن سبب بكائها؛ فأخبرته أن حفصة بنت عمر جرحت مشاعرها، وقالت لها: "أنت ابنة يهوديٍّ!".
فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بضع كلمات ضمَّدت جرحها وجبرت خاطرها؛ قال: «قولي لها: زوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى»!! والتفت النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى حفصة وقال لها: «اتَّقِ الله يا حفصة».
وهكذا عالج النبيُّ صلى الله عليه وسلم الموقفَ بكلماتٍ معدودات، رأب فيه الصدع، وهدَّأ النَّفْس، وذكَّر المخطئ.
عباد الله:
ومن صور عَيْش النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع أهله: أنه كان كثيرًا ما يشاورهم ويبثُّ همومه لهم، فلم يكن نبيُّنا صلى الله عليه وسلم ينظر أن دعوته وقضيته أكبر من شأن المرأة.
يُصدُّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن البيت، ويُصالِح المشركين بالحديبية، فيأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه وقد احرموا بأن ينحروا ويحلِقوا، فثقل هذا الأمر على نفوس الأصحاب رضي الله عنهم فما خرجوا من ديارهم إلا لأجل العمرة. فلم يمتثلوا أمرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فدخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم خيمته وقد عُرف في وجهه الأسى والغضب؛ فتسأله أم المؤمنين أم سلمة؛ فيقول: «ما لي أمرُ بالأمر فلا يُتَّبَع»! وأخبرها الخبر، فأشارت عليه رضي الله عنها بمشورةٍ طابت لقلب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: "اخرج ولا تكلِّم أحدًا، ثم انحرْ هَدْيَك واحلق رأسكَ؛ فإنهم سيفعلون كما تفعل".
فأخذ المصطفى صلى الله عليه وسلم بمشورة زوجته وصنع كما أشارت؛ فثار الصحابة رضي الله عنهم يلحق بعضهم بعضًا، حتى كاد يقتل بعضهم بعضًا من الغمِّ.
تلك عباد الله حال نبيِّكم صلى الله عليه وسلم مع أهله، وشيءٌ من أخباره داخل بيته؛ علَّها تكون لنا قدوةً ومَثَلاً: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنَّة، ونفعني وإيَّاكم بما فيهما من الآيات والحكمة.
أقول ما تسمعون.
الخطبة الثانية
الحمد لله، حمدًا كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه، كما يحب ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له العاقبة في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، نبيّه المرتضى ورسوله المجتبى، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومَنِ اهتدى،، أما بعد:
فيا أخوة الإيمان:
هذا الخُلُق النبوي وهذه العِشْرَة المحمَّدية تحمل في طيَّاتها رسالةً إلى كلِّ مَنْ أساء فَهْم القِوامة، واختصرها في التَّعالي الأجوف، والأوامر الفضَّة والقسوة الحادة.
اعلم أيها الزوج المبارك: أن بيت المودة لا يُبنى على أعمدة الفضاضة وسقف الجفاء، وإنما يُشاد بالكلمة الطيبة، والخُلُق الحسن، والإعذار الدائم.
تذكر أيها الزوج المبارك: أن امرأتك أمانةً في عنقكَ، أخذتَها من أهلها بأمان الله، واستحللتَ فرجها بكلمة الله؛ فاتَّقِ الله في ضعفها، وأحسن عشرتها، واستكمل حقوقها، ولا تكلِّفها العمل بما هو فوق وسعها.
وتذكر: أن إكرام المرأة عنوان مروءة الرجل، وأصله وفائه، وأن إهانتها وظلمها برهانٌ على خِسَّة الخُلُق، وسفالة الرجولة.
أيها الزوج المبارك: اجعل هدي نبيِّكَ مع أهله نبراسًا لك في حياتكَ؛ إذا كرهتَ من أهلكَ خُلُقًا فتذكر الصفات الإيجابية فيهم، ولا تنسَ أن كلَّ مخلوقٍ طُبِعَ على النقص، وأن الكمال مُحال.
تعامل مع أخطاء أهلكَ بسماحةٍ ويُسْر، وعالِج الأمور بهدوءٍ واتِّزان، واجعل أمام عينيكَ دائمًا وصيةَ نبيِّكَ وحبيبكَ صلى الله عليه وسلم حين قال: «استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنها خُلِقْنَ من ضلعٍ، وإن أَعْوَجَ ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمَه كسرتَه، وإن تركتَهُ لم يزل أعوجًا»؛ فاستوصوا بالنساء خيرًا.
اللهم صلِّ على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
______________________________________
الشيخ: إبراهيم بن صالح العجلان
- التصنيف:
- المصدر: