الاختلاط والسفور وآثاره الاجتماعية
هذه المشكلات والتساؤلات تحكي واقعاً اجتماعياً منفتحاً أثر المستعمر الغربي فيه..
بسم الله الرحمن الرحيم
في جلسة عائلية تعرفت على شريك زوجي فكانت النهاية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. وبعد:
قبل سنوات عديدة قرأت مجموعة من كتب الصحفي المصري الاستاذ عبدالوهاب مطاوع، المأخوذة من مشكلات الناس الاجتماعية التي كان يستقبلها لما كان محرراً صحفياً في جريدة الأهرام المصرية، فكان يحاولُ تقديم الحلولِ لها ثم يعرضها على القراء بأسلوبٍ أدبي رفيع، ويصدرها بعد ذلك في كتب، وكانت هذه المشكلات والتساؤلات تحكي واقعاً اجتماعياً منفتحاً أثر المستعمر الغربي فيه، وكنت أعجب أشدّ العجب حينما أقرأ بعض القصص التي يوردها وتحكي ظواهر اجتماعية خطيرة.. كيف يقع مثلها في مجتمعات مسلمة؟!.. فتاة يرفض أهلها تزويجها من عشيقها فتهرب معه إلى مكان مجهول!!.. وامرأة تسعى للانفصال من زوجها لتتزوج من زميلها في العمل وهكذا في سلسلة طويلة من القصص التي يندى لها الجبين.
فأخذت تأمل في سبب وجود مثل هذا المشكلات الكبيرة والظواهر الخطيرة.. فوجدت أن أعظم سبب هو إزالة الحواجز بين المرأة والرجل.. فالمجتمعات المحافظة لا تعرف المرأةُ فيها من الرجال إلا زوجها ومحارمها، فلا تجالس الأجانب أو تآكلهم فضلاً أن تذهب معهم وتعود، أما المرأة التي تخالطهم إن لم تقع في السوء فأقل الأحوال أنها ستقارن بين زوجِها وبين هؤلاء الرجال في التعامل وفي المظهر، وكذلك في ما لديهم من المال، فتزهد بزوجها وتتطلع لغيره، وكذلك الرجل في البيئات المحافظة لا يجالس من النساء إلا زوجته ومحارِمِه فإذا خالط النساء قارن بينهن في المظهر والتعامل وحسن الصورة الذي قد يؤدي به إلى أن يعاف زوجته وتتطلع نفسه إلى من يخالط ويجالس من النساء.
تقول إحدى النساء: (عشت مع زوجي حياة مستورة، وإن لم يكن هناك ذاك التقارب والانسجام، لم يكن زوجي تلك الشخصية القوية التي ترضي غروري كامرأة، إلا أن طيبته جعلتني أتغاضى عن كوني اتحمل الشق الأكبر من مسؤولية القرارات التي تخص عائلتي.
كان زوجي كثيراً ما يردد اسم صاحبه وشريكه في العمل على مسمعي وكثيراً ما اجتمع به في مكتبه الخاص بالعمل الذي هو بالأصل جزء من شقتنا، إلى أن زارنا هذا الشخص وعائلته، وبدأت الزيارات العائلية تتكرر وبحكم صداقته الشديدة لزوجي كان كثيراً ما يأتي منفرداً ليجلس معنا أنا وزوجي الساعات الطوال، وثقة زوجي به كانت بلا حدود، ومع الأيام عرفت هذا الشخص عن كثب، فكم هو رائع ومحترم وأخذت أشعر بميل شديد نحو هذا الشخص وفي نفس الوقت شعرت أنه يبادلني الشعور ذاته.
لم يتعد الأمر بيني وبين ذلك الشخص المحترم عير هذه الهواجس التي شغلتني ليل نهار.. فلا أنا ولا هو صرّحنا بما في قلوبنا حتى هذه اللحظة، ومع ذلك فإن هذه الجلسات انهت الحياة مع زوجي، لم يعد يمثل لي سوى ذلك الإنسان الضعيف.. المهزوز.. السلبي، كرهته ولا أدري كيف تحملته كل هذه السنين؟!، ساءت الأمور إلى أن طلبت الطلاق.. نعم طلقني بناء على رغبتي.
عائلتي تهدمت، وخسرت كل شيء، وأعلم الآن أن ظروفي وظروفه لا تسمح باتخاذ أي خطوة إيجابية للارتباط ببعضنا، أنا الآن تعيسة أكثر من أيِ وقتٍ مضى وأبحث عن سعادة وهمية وأملٍ مفقود))1( أ.هـ.
وحكى الدكتور محمد بن مطر السهلي في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) قصة شاب طلب منه حلّ مشكلته والتي ذكر فيها: (تعينت موظف براتب طيب في شركة مشهورة، وتزوجت وأكرمني الله بطفلين، كان مديري في العمل في سن أبوي، ويعاملني مثل ولده.
طلبت مني زوجتي أبحث لها عن شغل، كلمت المدير رحب بي توظفت في أحد الأقسام، ثم أقترح مدير الشركة أن تعمل زوجتي في مكتبه مع بقية الموظفين والموظفات، وراح يعاملها مثل بنته، رحبنا بالفكرة عشان العمل أخف وقريب من كرم المدير.
بعد ذلك ولكونه ما في بيت ما فيه مشاكل كان إذا حصلت مشكلة في البيت تروح زوجتي وتشتكين للمدير بحسبة أنه أب لنا، فينصحني وأقبل نصيحته، ثم تطور الأمر وبدأت تتصل عليه من البيت إذا حصلت بيننا مشكلة، فرأيت أن الوضع بدأ يزيد وصارت تستقوي به وتهددني بالمدير، وأصبح المدير يغير أسلوبه معي ويستخدم لغة التهديد، فكنت استحمل بحكم أنه في مقام أبوي.
ثم تطور الأمر وبدأ يرشحها لدورات خارج المدينة لمدة أسبوع، ثم صار يعطيها خارج دوام، وعرفت بالأخير أنه كان يخطط أن تتعود على البعد عني، وعن البيت، وماكنت اشك فيه ولا واحد في المية!!، ففيه فرق بيني وبينه أكثر ٣٠ سنة، وبينه وبين زوجتي ٣٥ سنة.
تطور الوضع وصار يجعلها من ضمن اللجنة التي ترافقه في جولات الفروع، وحصلت على ترقيات استثنائية، لاحظ الجميع اهتمام المدير الزائد بها، وحذرني بعض الموظفين كبار السن من هذه التصرفات.
فجأة صدر قرار تعيبنها مديرة مكتبه، وهي ما كملت في الشركة ٤ سنوات، وأصبحت في وظيفة أعلى مني، وراتب أعلى مني، واستقدمت سائق باسمها بدعوى أن العمل كثر عليها، وصارت تروح العمل لوحدها مع السواق وترجع لوحدها، وقد كنا أول نروح ونرجع سوى، وأصبحت ما تشوفني شيء في البيت، وترفع صوتها عليّ، حاولت تلطيف الأجواء عشان الأطفال، لكن صارت تدور أقل سبب عشان نتخانق.
أدركت أن السبب هذا الشايب العايب مديرنا، رحت وشرحت له الوضع كامل، وطلبت منه نقل زوجتي إلى مكان آخر، فانقلب ذاك المدير الأبوي إلى وحش، وهددني بالفصل واشياء أخرى، فذهبت وتركته.
بعد الدوام تفاهمت مع زوجتي وقلت لها: هذا المدير راح يدمر بيتنا، ولازم تتركين العمل، وابحث لك عمل ثاني، قالت: عندك خيار ثاني، قلت لها: لا، قالت: عندي خيار ثاني، قلت لها: إيش، قالت: الطلاق، بصراحة ماني طايقتك، ولاني طايقة عيشتك، حاولت أهدي الوضع واصرف النظر عن النقل، فأغلقت باب غرفة النوم بقوة وراحت غرفة ثانية، ثم في نهاية الأسبوع وجاءتني رسالة بالحضور للجنة الصلح في المحكمة فيه طلب خلع، وبعد تفاصيل كثيرة تم الخلع على أن ترد علي المهر، ثم صارت بعد الخلع تحضر العمل أوقات متقطعة على مزاجها، ثم أعطاها المدير تكليف في فرع آخر بعيداً عني وانقطعت أخبارها.
الطامة التي كادت تقضي عليّ علمت أنه بعد ٤ أشهر من الخلع أنها أصبحت زوجة المدير لكن بالسر، كرهت الشركة، وكرهت المدير الذي ضيع شبابي، وحرمني من أطفالي، تدمر بيتي) أ.هـ.
إخواني القراء.. هنا يتجلى شيء يسير من الحكمة الربانية في تحريم الاختلاط وفرض الحجاب، يقول الله عز وجل في تحريم الاختلاط: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب : 53]، ويقول الله تعالى في فرض الحجاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب : 59].
اللهم احفظنا وأهلنا وذرياتنا من الاختلاط والتبرج والسفور، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
24/1/1442هـ
----------------------------
(1) ينظر: موقع الإسلام سؤال وجواب، بإشراف الشيخ محمد المنجد، (سؤال رقم 1200).
- التصنيف:
- المصدر: