أمور أفرحت الصحابة رضي الله عنهم
فرح سرور وشكر لله تعالى على نعمه، فهذا محمود، وكان أكمل الناس الصحابة رضي الله عنهم يفرحون بما آتاهم الله من فضله
{بسم الله الرحمن الرحيم }
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين....أمَّا بعدُ: فالإنسان إذا حصل له شيء يؤلمه فإنه يحزن، وإذا حصل له شيء يسرُّه فإنه يفرح، والفرح فرحان:
الفرح الأول:فرح بطر يؤدي بالإنسان أن يكفر بالنعمة التي أنعم الله تعالى بها عليه؛ قال الله عز وجل: ﴿ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} ﴾ [القصص: 76]، قال أهل العلم: المراد بالفرحين هنا: الذين أدَّى بهم الفرح إلى الأشر والبطر.
الفرح الثاني: فرح سرور وشكر لله تعالى على نعمه، فهذا محمود، وكان أكمل الناس الصحابة رضي الله عنهم يفرحون بما آتاهم الله من فضله، ومن الأشياء التي يفرح بها الإنسان نعم الله عليه، فعن عبدالله بن كعب، قال: سمِعْت كعب بن مالك حين تخلَّف عن تبوك: والله ما أنعم الله عليَّ من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا حين أُنزل الوحي: ﴿ {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} ﴾ [التوبة: 95] إلى قوله: ﴿ {الْفَاسِقِينَ} ﴾ [التوبة: 96]؛[متفق عليه].
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: في قصة كعب بن مالك رضي الله عنه فوائد كثيرة، منها: أنه ينبغي للإنسان أن يفرح بنعم الله عليه، ولا سيَّما النعم الدينية، فإن كعبًا رضي الله عنه فرح بالإسلام، وفرح بكونه صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به.
والإنسان قد يعبر عن الفرح بالشيء، إما بالكلام الدال على فرحه، أو بالبكاء، فالإنسان قد يبكي من الفرح؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأُبي بن كعب: « ((إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن))، قال: آلله سمَّاني لك؟ قال: ((نعم))، وقال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال: ((نعم))، فذرفت عيناه» "؛ [أخرجه البخاري] فالصحابي الجليل أُبي رضي الله عنه لم يأتِه شيء يكرهه، بل جاءه أمر يسُرُّه فبكى فرحًا،
ومن الأمور التي فرِحَ بها الصحابة رضي الله عنهم:
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((المَرْءُ مع مَنْ أحَبَّ)).
عن أنس رضي الله عنه، " «أن رجلًا قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وماذا أعدَدْتَ لها؟))، قال: حُبَّ الله ورسوله، قال: ((أنت مع مَنْ أحبَبْتَ))، قال أنس: فما فرحنا بشيءٍ بعد الإسلام فرحًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإنك مَعَ مَنْ أحبَبْتَ)) قال أنس: فأنا أحبُّ الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم"» ؛ [متفق عليه].
نزول آية من القرآن بالرخصة في الأكل والشرب والجِماع حتى طلوع الفجر:
عن البراء رضي الله عنه، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يُمسِي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضره الإفطار، أتى امرأته، فقال: هل عندك طعام؟ فقالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته عينه، وجاءته امرأته فلما رأته، قالت: خيبةً لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: ﴿ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ﴾ [البقرة: 187]، ففرحوا بها فرحًا شديدًا ﴿ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ﴾ [البقرة: 187]؛ [أخرجه البخاري].
التوفيق للصواب في مسألة:
عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه أتاه قوم، فقالوا: "إن رجلًا منَّا تزوَّج امرأة، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يجمعها إليه حتى مات، فقال: أرى أن أجعل لها صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، ولها الميراث، وعليها العدة أربعة أشهر وعشرًا، قال: وذلك بمسمع أناس من أشجع، فقاموا فقالوا: نشهد أنك قضيت بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة مِنَّا، يقال لها بروع بنت واشق، قال: فما رُئي عبدالله فرِحَ فرحَهُ يومئذٍ إلَّا بإسلامه"؛ [أخرجه النسائي].
شراء الأهل قميصًا يستر عورته:
عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه، عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «إذا حضرت الصلاة فليُؤذِّن أحدُكم، وليؤمُّكم أكثركم قُرْآنًا))، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني، فقدَّموني وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكان عليَّ بردة إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم؟ فاشتروا لي قميصًا فما فرحت بشيءٍ فرحي بذلك القميص» "؛ [أخرجه البخاري].
عدل الحاكم المسلم، نزول المطر في بلد من بلدان المسلمين:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما، "أن رجلًا شتمه، فقال له: إنك لتشتمني، وإني فيَّ ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله، فلوددت أن الناس يعلمون أكثر مما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين في أي أرض يعدل في رعيَّته فأفرح به، ولعلي لا أتحاكم في قضية واحدة، وإني لأسمع أن الغيث أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به من سائمة"؛ [قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني رجاله رجال الصحيح].
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: