من سير الصحابة الملهمة
سيرة الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ، والذي استشهد بالطاعون شابا وله من العمر ثمانية وعشرون عاما فقط
من سير الصحابة الملهمة ، والتي يجدر بشباب المسلمين أن يتخذوها مثالا للعظمة ، ونموذجا للقدوة ، والإنجاز الفذ : سيرة الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ، والذي استشهد بالطاعون شابا وله من العمر ثمانية وعشرون عاما فقط ، وقيل : اثنان وثلاثون عاما .
وفي هذا العمر القليل مدة ، العظيم بركة وعملا ، حضر معاذ بيعة العقبة ، وشهد بدرا وغيرها من المشاهد ، وحفظ القرآن كله ، وهو أحد الأربعة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم «خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة» كما أنه رضي الله عنه أعلم الأمة بالحلال والحرام كما ورد في السنة ، ويبعث أمام العلماء يوم القيامة ، وكان عمر رضي الله عنه يقول من أراد أن يسأل عن الفقه، فليأت معاذا .
وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن ليعلمهم ويقضي بينهم ، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، كان من أهل مشورة عمر ، وممن تمنى توليتهم الخلافة بعده ، وقد رحل للشام كي يعلم أهلها وفيها استشهد بالطاعون .
ومن فضائله العظام أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده ، وأقسم بالله ، مكررا القسم أنه يحبه . فعند أبي دواد عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: « «يَا مُعَاذُ، وَالله إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَالله إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقَالَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ » "
فانظر إلى تلك البركة في العمر ، والعظمة في العمل ، والجمع بين أنواع الفضائل وأبواب الدين المختلفة من العلم ، والدعوة ، والجهاد ، وتعليم الناس ، والقضاء ، ونفع المسلمين ، وكل ذلك في هذا العمر الذي قصرت آماده واتسعت أبعاده ، والله يختص برحمته من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
- التصنيف: