أخلاق العرب قبل الإسلام
أيضا كتبت هذه المقالات لأقول إنَّ القراءة فى الأدب تُرقق الطبع ، ونحن نعانى فى أيَّامنا من قسوة فى الطِّباع ، فاقت هذه القسوة قسوة الوحوش الضارية فى الغابات النَّائية
- التصنيفات: الآداب والأخلاق -
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
لماذا نتكلم عن أخلاق العرب قبل الإسلام ؟
ولماذا لا نتكلم عن أخلاق العرب فى الإسلام ؟
أقول إننى أتكلم عن أخلاق العرب قبل الإسلام ليرى كل مسلم حكمة الله عزوجل فى اختيار هذه البقعة من الأرض لتكون محلاًّ للرسالة الخاتمة , ومهداً لميلاد النبى الخاتم ﷺ، فالله تعالى يتعالى فعله عن أن يكون لغير حِكمة ، فهو سبحانه لايفعل شيئا إلا لحِكمة , وهو العزيز الحكيم ، فاختيار الله عزوجل لنبيِّه ﷺمن هؤلاء القوم ،ومن هذه الديار خاصة ، يدل على أنَّ للعرب مزيَّةً ليست لغيرهم من الأمم ، فاختار الله عزوجل نبيَّه منهم ليقول للعالم إنَّ هؤلاء القوم ليسوا هملا ، ولارعاعاً ، وإنما هم خير أمة لو وجدوا من يكشف عن معدنهم الطيب ، ويجلوا عن قلوبهم ماعلق بها من أدران الشرك.
وأيضاً أتكلم عن أخلاق العرب قبل الإسلام لأبيِّن للناس أنَّ النَّبىَّ ﷺكان دقيقاً تمام الدِّقةِ فى اختيار ألفاظه فى أقواله كلها عامَّة ، وفى قوله «إنَّما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» خاصَّة .
لقد كان رسول الله واضحاً تمام الوضوح ، مبيِّنا تمام التبيين فى قوله ، فهوﷺلم يقُل إنَّما بُعثت لأقيم صرح الأخلاق أو لأُقيم بناء الأخلاق ، وإنما قال لأُتمم ، والذى يتمم إنما يأتى إلى بُنيان قائم لكنَّه غير تامٍّ ، فيأتى هذا المتمم ليكمل ما بدأه من كان قبله ، وليتمم النَّقص الذى لم يُكمِله من سبقه ، فالنبى ﷺهنا يبين لنا أنَّ القوم كانوا ذوى أخلاق قاربت الكمال لكنَّها لم تصل إليه ، إذن هم كانوا على خلقٍ كريم ، ويتحلَّون بأخلاقٍ حسنة لكنها لم تصل إلى حدِّ الكمال إلا بعد أن نفخ فيها رسول الله من روحه ، وصبغها بصبغة الله التى لا صبغة أحسن منها .
فهو ﷺلم يأت إلى قومٍ قد فنيت أخلاقهم فلم يعد لها وجود ، أوانعدمت أخلاقهم ، أو قد فسدت أخلاقهم فلم يبق أملٌ فى إقامتها ، إنما أتى النبى ﷺإلى قوم فيهم من الأخلاق الحسنة الشئ الكثير ، قد قاربوا حدَّ الكمال الأخلاقى لكنهم لم يصلوا إليه بعد، وسترى فى هذه المقالات من روعة أخلاقهم ، وجمال شيمهم ما يجعلك تقرُّ وتشهد بعظمة أخلاقهم .
وقصدت من وراء هذه المقالات أيضا أن أقول للجيل الحالى : إن لم تستطيعوا أن تقتدوا بالنبى ، وشقَّ عليكم أن تقتدوا بأصحاب النبى ، فلا أقلَّ من تقتدوا بالقوم الذين بُعث فيهم النبى ﷺ، هؤلاء الذين لم يعرفوا الله عزوجل ، فما عرف الله منهم إلا الحنفاء ، أمَّا أكثرهم فكانوا عبَدةَ أوثان ، لكن على عبادتهم للأوثان كان فيهم من الأخلاق مالم نصل نحن إليه إلى الآن ، فإنَّ أخلاقنا الآن أصبحت متدنِّية ، أخلاقنا الآن لاتُشبه أخلاق الرجال ، سترى من أخلاق القوم ما يجعلك تنكِّس الرأس حياءً أمام هذا الجيل الذى لم ينقصه إلا أن يعرف الله عزوجل ، ولو عرف ربَّه لكان له شأن آخر ، كما قال النَّبىُّ ﷺحين سُئل عن بعضهم (إنَّه لم يقل يوماً رب اغفر لى خطيئتى يوم الدِّين ) والمعنى أنَّه لوقال ذلك لكان أرجى أن يصل إلى أعلى المقامات ، سترى فى أخلاق القوم مايجعلك تقول كيف وصلنا إلى هذا التدنِّى الأخلاقى ، كيف عجزنا عن أن نتشبَّه بمن يُقال عنهم إنهم أهل الجاهلية ، هؤلاء الذين لم يروا نبى الإسلام ، ولم تتشنَّف آذانهم بسماع كلام الملك العلاَّم ، فكيف لو رأوا النبى ، وسمعوا كلام الربِّ العلىِّ ، إذن والله لكانوا سادة العالم ، ولكانوا قادة الأمم .
أيضا كتبت هذه المقالات لأربط الجيل الحالى بالأدب العربى ، فإن أكثر شبابنا وفتياتنا الآن قد انصرفوا إلى الأدب الغربى يلتمسون الجمال الفنى فى القصص والروايات ، وعندهم فى الأدب العربى مايُغنيهم ، فلماذا نلهث وراء الغرب ؟ ولماذا نبحث عن الجمال عندهم وهو من بيوتنا قد خرج وفى أحضاننا قد درج ؟ أهو تقليد المغلوب للغالب ؟ أهو الإحساس بالإنهزامية أمام سطوة الغرب ؟ أليس عندنا فى أدبنا العربى ما يفوق روايات الغرب جمالاً وحسناً ؟ أليس عندنا رسالة الغفران للمعرى التى حاكاها وقلَّدها دانتى فى الكوميديا الإلٰهية ؟ أليس عندنا فى سائر مجالات الأدب ما يجعل الغرب يحنى رأسه إجلالا وتعظيما لأدبنا العربى ؟ لهذا شرعت فى هذه المقالات لأقول لشبابنا وفتياتنا : الطريق من ههنا ، ولألفت أنظارهم إلى الكنوز المدفونة فى أدبنا العربى ، فيرجعوا إلى موسوعات الأدب العربى كالأغانى ، والعقد الفريد ، والأمالى ، والكامل ، وغيرها من الأعمدة الرئيسة فى أدبنا العربى ، وأنا على يقين أنهم إن رجعوا إليها فلن يرجعوا عنها ، وإن قرأوا فيها فلن يملُّوا القراءة فيها .
أيضا كتبت هذه المقالات لأقول إنَّ القراءة فى الأدب تُرقق الطبع ، ونحن نعانى فى أيَّامنا من قسوة فى الطِّباع ، فاقت هذه القسوة قسوة الوحوش الضارية فى الغابات النَّائية
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضنا بعضا عيانا
لهذا أردت بهذه المقالات ترقيق الطباع وتحسين أسلوب الخطاب ، لأننا نعانى فى زماننا من أساليب فى الخطاب قد أصبحت متدنِّية حتى عند بعض طلبة العلم الشرعى ، وما أُتوا إلاَّ من قبل غفلتهم عن الأدب العربى شعرا ونثرا ، فلو قرأوا فى الأدب العربى لرقَّت طباعهم ، كما قال الإمام الشَّافعى رحمه الله : من قرأ فى الشعر رقَّ طبعه .
أيضا
أردت بهذه المقالات أن ألفت أنظار الناشئة من شبابنا وفتياتنا إلى أهمية اللغة العربية ، وأنها ليست من نافلة القول ، وأن من لم يُتقن العربية أولا فلن يكون منه خير ، ولن ينتظر منه فلاح ، فالعربية من الدين , وحبُّها إيمان ، ولن يكون علم بدون العربية ، ولن ينفع طلب العلم بدون إتقان اللغة العربية ، وما برع من برع من أئمتنا إلا بإتقانهم للغة العرب التى نزل بها القرآن ، وتكلم بها النبى العدنان ، قال الأصمعى رحمه الله : أخذت شعر هذيل عن فتىً من قريش يقال له محمد بن إدريس الشافعى .
لهذا وغيره مما سيأتى معنا كانت هذه المقالات التى أسأل الله أن تكون نافعة لأبنائنا ، وأن تأخذ بأيديهم إلى أخلاق العرب فيحاكوها ويقلدوها ليرجع الجيل الحالى إلى الأخلاق العظيمة فيتمسَّك بها ، ولينحسر طغيان الفساد الأخلاقى الذى عمَّ البلاد والعباد ، وكان سببا فى شيوع الفساد .
والله من وراء القصد
كتبه
المعتز بالله الكامل
أما بعد
لماذا نتكلم عن أخلاق العرب قبل الإسلام ؟
ولماذا لا نتكلم عن أخلاق العرب فى الإسلام ؟
أقول إننى أتكلم عن أخلاق العرب قبل الإسلام ليرى كل مسلم حكمة الله عزوجل فى اختيار هذه البقعة من الأرض لتكون محلاًّ للرسالة الخاتمة , ومهداً لميلاد النبى الخاتم ﷺ، فالله تعالى يتعالى فعله عن أن يكون لغير حِكمة ، فهو سبحانه لايفعل شيئا إلا لحِكمة , وهو العزيز الحكيم ، فاختيار الله عزوجل لنبيِّه ﷺمن هؤلاء القوم ،ومن هذه الديار خاصة ، يدل على أنَّ للعرب مزيَّةً ليست لغيرهم من الأمم ، فاختار الله عزوجل نبيَّه منهم ليقول للعالم إنَّ هؤلاء القوم ليسوا هملا ، ولارعاعاً ، وإنما هم خير أمة لو وجدوا من يكشف عن معدنهم الطيب ، ويجلوا عن قلوبهم ماعلق بها من أدران الشرك.
وأيضاً أتكلم عن أخلاق العرب قبل الإسلام لأبيِّن للناس أنَّ النَّبىَّ ﷺكان دقيقاً تمام الدِّقةِ فى اختيار ألفاظه فى أقواله كلها عامَّة ، وفى قوله «إنَّما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» خاصَّة .
لقد كان رسول الله واضحاً تمام الوضوح ، مبيِّنا تمام التبيين فى قوله ، فهوﷺلم يقُل إنَّما بُعثت لأقيم صرح الأخلاق أو لأُقيم بناء الأخلاق ، وإنما قال لأُتمم ، والذى يتمم إنما يأتى إلى بُنيان قائم لكنَّه غير تامٍّ ، فيأتى هذا المتمم ليكمل ما بدأه من كان قبله ، وليتمم النَّقص الذى لم يُكمِله من سبقه ، فالنبى ﷺهنا يبين لنا أنَّ القوم كانوا ذوى أخلاق قاربت الكمال لكنَّها لم تصل إليه ، إذن هم كانوا على خلقٍ كريم ، ويتحلَّون بأخلاقٍ حسنة لكنها لم تصل إلى حدِّ الكمال إلا بعد أن نفخ فيها رسول الله من روحه ، وصبغها بصبغة الله التى لا صبغة أحسن منها .
فهو ﷺلم يأت إلى قومٍ قد فنيت أخلاقهم فلم يعد لها وجود ، أوانعدمت أخلاقهم ، أو قد فسدت أخلاقهم فلم يبق أملٌ فى إقامتها ، إنما أتى النبى ﷺإلى قوم فيهم من الأخلاق الحسنة الشئ الكثير ، قد قاربوا حدَّ الكمال الأخلاقى لكنهم لم يصلوا إليه بعد، وسترى فى هذه المقالات من روعة أخلاقهم ، وجمال شيمهم ما يجعلك تقرُّ وتشهد بعظمة أخلاقهم .
وقصدت من وراء هذه المقالات أيضا أن أقول للجيل الحالى : إن لم تستطيعوا أن تقتدوا بالنبى ، وشقَّ عليكم أن تقتدوا بأصحاب النبى ، فلا أقلَّ من تقتدوا بالقوم الذين بُعث فيهم النبى ﷺ، هؤلاء الذين لم يعرفوا الله عزوجل ، فما عرف الله منهم إلا الحنفاء ، أمَّا أكثرهم فكانوا عبَدةَ أوثان ، لكن على عبادتهم للأوثان كان فيهم من الأخلاق مالم نصل نحن إليه إلى الآن ، فإنَّ أخلاقنا الآن أصبحت متدنِّية ، أخلاقنا الآن لاتُشبه أخلاق الرجال ، سترى من أخلاق القوم ما يجعلك تنكِّس الرأس حياءً أمام هذا الجيل الذى لم ينقصه إلا أن يعرف الله عزوجل ، ولو عرف ربَّه لكان له شأن آخر ، كما قال النَّبىُّ ﷺحين سُئل عن بعضهم (إنَّه لم يقل يوماً رب اغفر لى خطيئتى يوم الدِّين ) والمعنى أنَّه لوقال ذلك لكان أرجى أن يصل إلى أعلى المقامات ، سترى فى أخلاق القوم مايجعلك تقول كيف وصلنا إلى هذا التدنِّى الأخلاقى ، كيف عجزنا عن أن نتشبَّه بمن يُقال عنهم إنهم أهل الجاهلية ، هؤلاء الذين لم يروا نبى الإسلام ، ولم تتشنَّف آذانهم بسماع كلام الملك العلاَّم ، فكيف لو رأوا النبى ، وسمعوا كلام الربِّ العلىِّ ، إذن والله لكانوا سادة العالم ، ولكانوا قادة الأمم .
أيضا كتبت هذه المقالات لأربط الجيل الحالى بالأدب العربى ، فإن أكثر شبابنا وفتياتنا الآن قد انصرفوا إلى الأدب الغربى يلتمسون الجمال الفنى فى القصص والروايات ، وعندهم فى الأدب العربى مايُغنيهم ، فلماذا نلهث وراء الغرب ؟ ولماذا نبحث عن الجمال عندهم وهو من بيوتنا قد خرج وفى أحضاننا قد درج ؟ أهو تقليد المغلوب للغالب ؟ أهو الإحساس بالإنهزامية أمام سطوة الغرب ؟ أليس عندنا فى أدبنا العربى ما يفوق روايات الغرب جمالاً وحسناً ؟ أليس عندنا رسالة الغفران للمعرى التى حاكاها وقلَّدها دانتى فى الكوميديا الإلٰهية ؟ أليس عندنا فى سائر مجالات الأدب ما يجعل الغرب يحنى رأسه إجلالا وتعظيما لأدبنا العربى ؟ لهذا شرعت فى هذه المقالات لأقول لشبابنا وفتياتنا : الطريق من ههنا ، ولألفت أنظارهم إلى الكنوز المدفونة فى أدبنا العربى ، فيرجعوا إلى موسوعات الأدب العربى كالأغانى ، والعقد الفريد ، والأمالى ، والكامل ، وغيرها من الأعمدة الرئيسة فى أدبنا العربى ، وأنا على يقين أنهم إن رجعوا إليها فلن يرجعوا عنها ، وإن قرأوا فيها فلن يملُّوا القراءة فيها .
أيضا كتبت هذه المقالات لأقول إنَّ القراءة فى الأدب تُرقق الطبع ، ونحن نعانى فى أيَّامنا من قسوة فى الطِّباع ، فاقت هذه القسوة قسوة الوحوش الضارية فى الغابات النَّائية
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضنا بعضا عيانا
لهذا أردت بهذه المقالات ترقيق الطباع وتحسين أسلوب الخطاب ، لأننا نعانى فى زماننا من أساليب فى الخطاب قد أصبحت متدنِّية حتى عند بعض طلبة العلم الشرعى ، وما أُتوا إلاَّ من قبل غفلتهم عن الأدب العربى شعرا ونثرا ، فلو قرأوا فى الأدب العربى لرقَّت طباعهم ، كما قال الإمام الشَّافعى رحمه الله : من قرأ فى الشعر رقَّ طبعه .
أيضا
أردت بهذه المقالات أن ألفت أنظار الناشئة من شبابنا وفتياتنا إلى أهمية اللغة العربية ، وأنها ليست من نافلة القول ، وأن من لم يُتقن العربية أولا فلن يكون منه خير ، ولن ينتظر منه فلاح ، فالعربية من الدين , وحبُّها إيمان ، ولن يكون علم بدون العربية ، ولن ينفع طلب العلم بدون إتقان اللغة العربية ، وما برع من برع من أئمتنا إلا بإتقانهم للغة العرب التى نزل بها القرآن ، وتكلم بها النبى العدنان ، قال الأصمعى رحمه الله : أخذت شعر هذيل عن فتىً من قريش يقال له محمد بن إدريس الشافعى .
لهذا وغيره مما سيأتى معنا كانت هذه المقالات التى أسأل الله أن تكون نافعة لأبنائنا ، وأن تأخذ بأيديهم إلى أخلاق العرب فيحاكوها ويقلدوها ليرجع الجيل الحالى إلى الأخلاق العظيمة فيتمسَّك بها ، ولينحسر طغيان الفساد الأخلاقى الذى عمَّ البلاد والعباد ، وكان سببا فى شيوع الفساد .
والله من وراء القصد
كتبه
المعتز بالله الكامل