شرب أهل العلم ماء زمزم بنيات مختلفة
والد الإمام ابن الجزري رحمهما الله، مكث أربعين سنة لا يُولَد له ولَدٌ، ثم حَجَّ، فشرب ماء زمزم بنيَّة أن يرزقه الله ولدًا عالِمًا، فوُلِد له الإمامُ ابن الجزري.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فماء زمزم طعامٌ مُباركٌ، فقد أقام أبو ذرٍّ رضي الله عنه في المسجد الحرام، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: «(متى كنْتَ ها هنا؟)، قال: كنتُ ها هنا منذ ثلاثين، بين يوم وليلة، قال: ((فمَنْ كان يُطْعِمُك؟))، قال: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمِنتُ حتى تكسَّرتْ عُكَنُ بطني، وما أجد على بطني سَخْفَةَ جُوعٍ، قال: (إنها مباركةٌ وإنها طَعامُ طُعْمٍ)» [أخرجه مسلم] , وزاد البيهقي رحمه الله: ((وشِفاءُ سُقْمٍ)
ولقد شرب أهل العلم ماء زمزم، مستحضرين نيَّاتٍ متعددةً، منها:
شربه للاستشفاء به:
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمهما الله: رأيت أبي غير مرة يشرب ماء زمزم، يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ولقد أصابني أيامَ مقامي بمكة أسْقامٌ مختلفةٌ، ولا طبيب هناك، ولا أدوية كما في غيرها من المدن، فكنتُ أستشفي بالعسل، وماء زمزم، ورأيتُ فيه من الشفاء أمرًا عجيبًا، وكنتُ آخُذُ قَدَحًا من ماء زمزم، فأقرأ عليه الفاتحة مِرارًا فأشربه، فأجِد به من النَّفْع والقوَّة ما لم أعهد مثلَه في الدواء، والأمر أعظمُ من ذلك، ولكن بحسب قوة الإيمان، وصحة اليقين.
شربه لطلب العلم والإيمان:
قال القاضي أبو بكر العربي رحمه الله: كنتُ بمكة في سنة (489)، وكنتُ أشربُ من ماء زمزم كثيرًا، وكلما شربته نويت العلم والإيمان، ففتح الله تعالى ببركته في المقدار الذي يسَّره لي في العلم، ونسيتُ أن أشربه للعمل، ويا ليتني شربتُه لهما؛ حتى يفتحَ اللهُ لي فيهما، ولم يُقدَّر، فكان صفوي للعلم أكثر منه للعمل.
شربه لحفظ القرآن الكريم:
الشيخ يحيى بن أحمد بن مسعود الأنصاري رحمه الله، حُكِي أنه شرب ماء زمزم، لحفْظ القرآن، فتيسَّر عليه حفظُه في أقرب مُدَّة.
شربه لتعلُّم العربية:
الإمام ابن رسلان البلقيني، لم يكن له تقدُّم اشتغال في العربية فحَجَّ، وشرب من ماء زمزم لفَهْم هذا العلم، فلما رجع أدمَن النظر فيه، فمهر في مدة يسيرة فيه.
شربه للحفظ:
قال الشيخ علي بن محمد بن علي النحراري رحمه الله: كنتُ إذا عسر عليَّ في الحفظ، شربتُ من ماء زمزم، ودعوت فأحفَظ.
شربه بنية طلب الرزق بالابن العالِم:
والد الإمام ابن الجزري رحمهما الله، مكث أربعين سنة لا يُولَد له ولَدٌ، ثم حَجَّ، فشرب ماء زمزم بنيَّة أن يرزقه الله ولدًا عالِمًا، فوُلِد له الإمامُ ابن الجزري.
شربه لأغراض متعددة:
الخطيب البغدادي رحمه الله, لما حَجَّ شرب من ماء زمزم ثلاث شربات, وسأل الله تعالى ثلاث حاجات: الأولى: أن يُحدِّث بتاريخ بغداد ببغداد, والثانية: أن يُملِي الحديث بجامع المنصور والثالثة: أن يدفن عند بشر الحافي، فقضى الله الحاجات الثلاث له, قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: شربت ماء زمزم لثلاث: أحدها: أن أنال مرتبة الحافظ الذهبي، فوجدت بحمد الله أثَرَ ذلك، وأن يُيسِّر لي الكتابة على الفتاوى كشيخنا السراج البلقيني؛ حيث كان يكتب عليها من رأس القلم بغير مراجعة غالبًا، فيسَّر الله تعالى لي ذلك، ولم يذكر الثالثة.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: