الموقف الفقهي من مقاطعة الدول الظالمة
والامتناع عن التعامل مع المحادين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم مأثور عن بعض من سلف من علماء الأمة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كتبها الدكتور عبدالعزيز الدغيثر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه ومذل من خالف أمره وأباه والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن من رحمة الله بعباده أن شرع لهم ما يصلح حياتهم فأحل لهم البيع والشراء إلا إذا شمل لأمرا محرما، كما أن الشارع أباح للمسلم أن يتعامل مع غير المسلم إذا لم يكن في ذلك ضرر، وقد تعالت صيحات الناصحين في هذه الأزمان بضرورة المقاطعة الاقتصادية لبضائع الدول التي لها مواقف ظالمة، وفيما يأتي بيان لهذه الوسيلة الحديثة ، ومدى توافقها مع المقاصد الشرعية في المعاملات المالية.
1) وفي البداية نجد أن الأعداء يستخدمون المقاطعة الاقتصادية للضغط على المسلمين كثيرا، وأشهر مقاطعة من هذا النوع ما وقع من كفرة قريش في مقاطعتهم لبني هاشم حتى يسلموا لهم النبي صلى الله عليه وسلم لهم ليقتلوه، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما واعد بعض أصحابه في مكان بمكة:" نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر- يعني بذلك المحصب- وذلك أن قريشا وكنانة تحالفت على بني هاشم ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم" ([1]). وقد استمرت هذه المقاطعة الظالمة ثلاث سنين ذاق فيها بنو هاشم وبنو المطلب أبناء عبدمناف أشد البلاء، وقد يكون موت أبي طالب بعد الحصار بستة أشهر من آثاره وكذلك ماتت بعده خديجة رضي الله عنها بثلاثة أيام([2]). فقد روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله أين تنزل غدا في حجته قال وهل ترك لنا عقيل منزلا ثم قال نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة المحصب حيث قاسمت قريش على الكفر وذلك أن بني كنانة حالفت قريشا على بني هاشم أن لا يبايعوهم ولا يؤووهم. قال الزهري – رحمه الله - : والخيف: الوادي.
2) ولا تزال الدول القوية تستخدم هذا السلاح للضغط على الدول الضعيفة لتحقيق مطالبها. ونحن في هذا المقام لا نتكلم هنا عن مقاطعة الدول لتوقيعها على اتفاقيات دولية، ووجود مصالح مشتركة، ولكونها قد تضعف عن ذلك، ولكن الحديث مع الشعوب المسلمة التي ترغب في التعامل مع الدول المعادية بعزة المسلم.
3) والأصل أنه يجوز معاملة الكفار بالبيع والشراء سواء كانوا أهل ذمّة أو عهد أو حرب إذا وقع العقد على ما يحل ، ولا يكون ذلك من موالاتهم ([3]). ودليل ذلك ما رواه البخاري برقم 2216 عن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبيعاً أم عطيّة ؟ أو قال : أم هبة ؟ قال : لا ، بل بيع . فاشترى منه شاةً، وقد بوّب البخاري على هذا الحديث في صحيحه : باب البيع والشراء مع المشركين وأهل الحرب .والأحاديث في الجواز متوافرة متواترة. وفي تقرير ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في اقتضاء الصراط المستقيم (2/15) « وإذا سافر الرَّجل إلى دار الحرب ليشتري منها جاز عندنا كما دل عليه حديث تجارة أبي بكر - رضي الله عنه - في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام ، وهي حينذاك دار حرب ، وغير ذلك من الأحاديث » . قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في فتح الباري (9/280) : « تجوز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم على المتعامَل فيه ، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم ».
4) ومن المقرر فقهاً جواز أن يمنع المسلم نفسه من التعامل مع من يراه محاربا لله ولرسوله، ومما يدل على مشروعية هذا الامتناع المسمى الآن : المقاطعة الاقتصادية؛ ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال ما عندك يا ثمامة؟ قال ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد فقال ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ فقال: لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم) . قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم) زاد ابن هشام " ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، فكتب إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل إليهم] فتح الباري 8/111. وزاد ابن هشام (السيرة النبوية ، لابن هشام (2/381) : « فانصرف إلى بلاده ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش ، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يُخَلّي إليهم حمل الطعام ففعل ».
5) والامتناع عن التعامل مع المحادين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم مأثور عن بعض من سلف من علماء الأمة، فقد ورد في ترجمة الإمام البهلول بن راشد القيرواني المالكي أحد أصحاب الإمام مالك رحمه الله أن البهلول دفع إلى بعض أصحابه دينارين ليشتري له بهما زيتا يستعذبه له، فذكر للرجل أن عند نصراني زيتا أعذب ما يوجد، فانطلق إليه الرجل بالدينارين فأخبر النصراني أنه يريد زيتا للبهلول فقال النصراني: نحن نتقرب إلى الله بالبهلول كما تتقربون أنتم إليه، وأعطاه بالدينارين من ذلك الزيت ما يعطى بأربعة دنانير من دنيء الزيت ثم أقبل إلى البهلول فأخبره الخبر فقال البهلول: قضيت حاجة فاقض لي أخرى، رد علي الدينارين، فقال: ولم؟ قال: ذكرت قوله تعالى:" لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله" فخشيت أن آكل زيت النصراني فأجد له في قلبي مودة، فأكون ممن حاد الله ورسوله على عرض من الدنيا يسير ([4]).
6) وبنظرة عابرة في التاريخ الإسلامي نجد أن المسلمين قد يستخدمون المقاطعة أحيانا إذا ثبتت جدواها وأمنت أضرارها، فقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة ثمان وستين وسبعمائة:" وفي يوم الأربعاء خامس عشرِهِ نودي بالبلدان ألا يعامل الفرنج البنادقة والجنوية والكنبلان"([5]). وهؤلاء طائفة من الفرنج من أهل البندقية بإيطاليا وجنوة، ولم يذكر رحمه الله سبب المقاطعة.
7) وأما حكم التعامل التجاري مع من يسعى في الإضرار بالمسلمين، فإن من المقرر أن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن " الأصل أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه"([6]). فإن كان في معاملتهم ضرر للمسلمين، بأن يستخدموا ما اشتروه لقتال المسلمين فلا يجوز ذلك، فقد سئل الإمام ابن تيمية – رحمه الله - عن معاملة التتار فقال:" يجوز فيها ما يجوز في معاملة أمثالهم ويحرم منها ما يحرم في معاملة أمثالهم، فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم وخيلهم ونحو ذلك، كما يبتاع من مواشي الأعراب والتركمان والأكراد ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك مما يبيعه لأمثالهم. فأما إن باعهم أو باع غيرهم ما يعينهم به على المحرمات كبيع الخيل والسلاح لمن يقاتل به قتالا محرما فهذا لا يجوز ، قال تعالى:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان..."([7]). ونقل الإمام ابن تيمية – رحمه الله – في اقتضاء الصراط المستقيم (2/19( قال: سئل ابن القاسم – رحمه الله - عن النصراني يوصي بشيء يباع من ملكه للكنيسة هل يجوز لمسلم شراؤه فقال : لا يحل ذلك له لأنه تعظيم لشعائرهم وشرائعهم . وسئل في أرض لكنيسة يبيع الأسقف منها شيئاً في إصلاحها ؟ فقال : لا يجوز للمسلمين أن يشتروها من وجه العون على تعظيم الكنيسة. وسئل الإمام أحمد عن نصارى وقفوا ضيعة للبيعة أيستأجرها الرجل المسلم منهم ؟ قال : لا يأخذها بشيء لا يعينهم على ما هم فيه. نقله الإمام ابن تيمية – رحمه الله – في اقتضاء الصراط المستقيم (2/20(. وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله - : « الكافر الحربي لا يُمَكَّن مما يعينه على حرب أهل الإسلام ولو بالميرة والمال ، ونحوه ، والدواب والرواحل ، حتى قال بعضهم بتحريق ما لا يتمكن المسلمون من نقله في دار الحرب من أثاثهم وأمتعتهم ، ومنعهم من الانتفاع به » (الدرر السنيّة (8/340). وقال ابن بطال:" معاملة الكفار جائزة إلا بيع ما يستعين به أهل الحرب على المسلمين"([8]).
8) وبالجملة، فمن نوى بترك شراء بضائع الدول الظالمة واعتاض عنها ببضائع المسلمين حبا للإسلام وأهله وكرهاً للكفر وأهله فنيته مأجور عليها، ومن عجيب ما يذكر في ترجمة الإمام أحمد – رحمه الله - أنه كان إذا نظر إلى نصراني غمض عينيه فقيل له في ذلك فقال : لا أقدر أنظر إلى من افترى على الله و كذب عليه ([9]) . وكان يقول : لا تأخذوا عني هذا فإني لم أجده عن أحد ممن تقدم ولكني لا أستطيع أن أرى من كذب على الله ([10]). وقال ابن عقيل في الفنون:" إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة "([11]).
9) والمسلم إذا وطن نفسه ألا يعين الكافر الظالم على كفره بشراء بضاعته فإنه سيحصل على فوائد له ولمجتمعه منها:
1- أنه سيؤجر على صدق نيته وحبه للمؤمنين وبغضه لمن حاد الله ورسوله.
2- أن ذلك الولاء والحب للإسلام وأهله والبراء والبغض للكفار الظالمين سيتجدد دوما وتزيد مما ينتج عنه زيادة ترابط المسلمين واتحاد قلوبهم قبل بلادهم.
3- أن هذا سيزيد اقتصاد الدول الإسلامية وسيضعف اقتصاد الدول الظالمة على المدى البعيد.
10) والكلام في هذا المقام عن التعامل الشعبي، وأما الحكومات فالتعامل أو المقاطعات ينظر فيها للمصالح والمفاسد حسب نظرة أولي الأمر، فقد قرر فقهاء المسلمين أن:" تصرفات الإمام منوطة بالمصلحة" ([12])، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – كما في الاختيارات الفقهية 311 . : « الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين ؛ فلا يؤخذ رأيهم ، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا ». وقد نبه الإمام الشاطبي - رحمه الله – إلى أهمية النظر في المآلات فقال: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل المشروع لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تُدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد منه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تُدْفَع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى دفع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية، وهو مجال للمجتهد صعب المورد عذب المذاق، محمود الغب، جارٍ على مقاصد الشريعة" ([13]). وقال الإمام العز بن عبدالسلام - رحمه الله -: "يتصرف الولاة ونوابهم بما هو أصلح للمولّى عليه درءًا للضرر والفساد وجلباً للنفع والرشاد، ولا يقتصر أحدهم على الصلاح مع القدرة على الأصلح إلا أن يؤدي إلى مشقة شديدة، ولا يتخيرون في التصرف حسب تخيرهم في حقوق أنفسهم"([14]).
11) قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي – رحمه الله – في خطبة له في مجموع خطبه ص 107 حيث يقول: "ومن أعظم الجهاد وأنفعه السعي في تسهيل اقتصاديات المسلمين والتوسعة عليهم في غذائياتهم الضرورية والكمالية، وتوسيع مكاسبهم وتجاراتهم وأعمالهم وعمالهم، كما أن من أنفع الجهاد وأعظمه مقاطعة الأعداء في الصادرات والواردات، فلا يسمح لوارداتهم وتجاراتهم، ولا تفتح لها أسواق المسلمين، ولا يمكنون من جلبها على بلاد المسلمين؛ بل يستغني المسلمون بما عندهم من منتوج بلادهم، ويوردون ما يحتاجونه من البلاد المسالمة. وكذلك لا تصدر لهم منتوجات بلاد المسلمين ولا بضائعهم، وخصوصاً ما فيه تقوية للأعداء كالبترول، فإنه يتعين منع تصديره إليهم.. وكيف يصدر لهم من بلاد المسلمين ما به يستعينون على قتالهم؟؟! فإن تصديره إلى المعتدين ضرر كبير، ومنعه من أكبر الجهاد ونفعه عظيم. فجهاد الأعداء بالمقاطعة التامة لهم من أعظم الجهاد في هذه الأوقات، ولملوك المسلمين ورؤسائهم -ولله الحمد- من هذا الحظ الأوفر والنصيب الأكمل، وقد نفع الله بهذه المقاطعة لهم نفعاً كبيراً، وأضرت الأعداء وأجحفت باقتصادياتهم، وصاروا من هذه الجهة محصورين مضطرين إلى إعطاء المسلمين كثيراً من الحقوق التي لولا هذه المقاطعة لمنعوها، وحفظ الله بذلك ما حفظ من عز المسلمين وكرامتهم. والمقصود أن مقاطعة الأعداء بالاقتصاديات والتجارات والأعمال وغيرها ركن عظيم من أركان الجهاد، وله النفع الأكبر وهو جهاد سلمي وجهاد حربي.
12) ومن قاطع المعتدين بنية طيبة، فإنه مأجور بنيته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى (7/43) : « المباح بالنيّة الحسنة يكون خيراً ، وبالنيّة السّيئة يكون شراً ، ولا يكون فعل اختياري إلا بإرادة .. فإذا فعل شيئاً من المباحات فلا بد له من غاية ينتهي إليها قصده ، وكل مقصود إما أن يقصد لنفسه وإما أن يقصد لغيره فإن كان منتهى مقصوده ومراده عبادة الله وحده لا شريك له وهو إلهه الذي يعبده لا يعبد شيئاً سواه وهو أحب إليه من كل ما سواه ؛ فإن إرادته تنتهي إلى إرادته وجه الله ، فيثاب على مباحاته التي يقصد الاستعانة بها على الطاعة ، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « نفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة ».
13) والغيرة للدين القويم والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم دليل إيمان، قال القرافي – رحمه الله – " في قوله تعالى (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح): فأثابهم الله على الظمأ والنصب وإن لم يكونا من فعلهم بسبب أنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين فيكون الاستعداد وسيلة الوسيلة] الفروق 2/33.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
----------------------------------------
([1]) رواه البخاري(1590).
([2]) زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 3/31.
([3])الولاء والبراء في الإسلام ، محمد سعيد القحطاني ، 356 ..
([4])ترتيب المدارك 3/98.
([5])البداية والنهاية 18/722 طبعة دار هجر.
([6])السياسة الشرعية لابن تيمية /155 .
([7])المسائل الماردينية لابن تيمية /132.
([8])فتح الباري شرح صحيح البخاري 4/410.
([9])الآداب الشرعية لابن مفلح 1/391 .
([10])الآداب الشرعية لابن مفلح 1/391 .
([11])الآداب الشرعية لابن مفلح 1/268. .
([12]) الأشباه والنظائر للسيوطي – طبعة دار الكتب العلمية ص 121، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 105، الوجيز في إيضاح القواعد الفقهية الكلية للبورنو ص 347.
([13]) الموافقات للإمام الشاطبي، الطبعة الأولى، السعودية، الخبر: دار ابن عفان، 5/177 و178.
([14])القواعد الكبرى، الموسوم بقواعد الأحكام في إصلاح الأنام. - عبد العزيز بن عبد السلام -تحقيق: نزيه حماد، وعثمان ضميرية، الطبعة الأولى، دمشق: دار القلم. 1/75.