فضل الصلاة على النبي ﷺ ليلة الجمعة ويوم الجمعة

منذ 2024-10-18

إن الصلاة على النبي عامة لها فضل عظيم، ويزداد هذا الفضل ويكثُر الأجر بالصلاة عليه، في ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وهذا ما جاء به الحديث «إنَّ من أفضَلِ أيامِكُم يومَ الجُمُعة؛ فأكْثِرُوا علي مِن الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةٌ عليَّ»،

إن الصـلاة على النبي عامة لها فضل عظيم، ويزداد هذا الفضل ويكثُر الأجر بالصلاة عليه، في ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وهذا ما جاء به الحديث حاثًّا عليه ومحفزًا للقيام به، فعن أوس بن أوس قال: قال النبي صلَّى الله عليه وسلم: «إنَّ من أفضَلِ أيامِكُم يومَ الجُمُعة؛ فأكْثِرُوا علي مِن الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةٌ عليَّ»، قال: فقالوا: يا رسولَ الله، وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليك، وقد أرَمْتَ؟ قال: يقولون بَليتَ، قال: «إن الله حرَّم على الأرضِ أجْسادَ الأنبياء»[1].

 

وتعود هذه الفضيلة المخصـوصة للصلاة عليه في يوم الجمعة إلى فضل هذا اليوم العظيم الذي هو أفضل الأيام عند المسلمين كما مر في بداية الحديث، وقد جاء في أحاديث كثيرة بيان فضيلة هذا اليوم؛ حيث قال النبي صلى الله عليه وسلـم: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أُخرج منها»[2].

 

ويوم الجمعة هو سيد الأيام وأعظمها عند الله، وقد تميز بخصال وخلال ليست في غيره، ومن خصاله أن يوم الجمعة من أعظم الأيام عند الله تعالى، وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِالْمُنْذِرِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ، فِيهِ خَمْسُ خِلَالٍ، خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا سَمَاءٍ، وَلَا أَرْضٍ، وَلَا رِيَاحٍ، وَلَا جِبَالٍ، وَلَا بَحْرٍ، إِلَّا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ» »[3].

 

ولفضيلة هذا اليوم أيضًا ولعظمته عند الله ولما تَميَّز به من خصال، فإنه أفضل ما يعمل في هذا اليوم الفضيل الصلاة على النبي، وعلى هذا فينبغي إشغال النفس بالإكثار من الصلاة عليه وذلك لأجل تحصيل الأجر والثواب، "فإن العمل الصالح يزيد فضلًا بواسطة فضل الوقت"[4]، ولهذا قال: «فأكثِروا عليَّ مِن الصَّلاةِ فيه» [5]؛ "أي في يوم الجمعة، فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها لاختصاصها بتضاعف الحسنات إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل، هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام، فيصرف في خدمة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام"[6].

 

وإنما خص يوم الجمعة؛ لأن يوم الجمعة سيد الأيام والمصطفى سيد الأنام، فللصلاة عليه فيه مزية ليست لغيره، وللصلاة على النبي يوم الجمعة فضائل وأجور، ومن فضائل الصلاة على النبي في يوم الجمعة أن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، وهذا ما جاء به الحديث، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا»[7]، قال القاضي: "معناه رحمته وتضعيف أجره؛ كقوله تعالى:  «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» [الأنعام: 160]"[8].

 

وفي تخصيص الصلاة عليه في يوم الجمعة؛ حيث إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرن بين الحث بالصلاة عليه، وبيان شهود الملائكة لذلك اليوم، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا» قَالَ: قُلْتُ: وَبَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ:  «وَبَعْدَ الْمَوْتِ، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» [9]، فإذا كان هذا اليوم المشهود تهتم به الملائكة وتشهده وتتجلى فيه، فإنه يدلل على عظمته وأهميته، أفلا ينبغي أن نكثر من الصلاة على النبي فيه؟ بلى.

 

وقد روي في الحديث أن الملائكة تسمي هذا اليوم بيوم المزيد، وذلك لأن الله ينزل نزولًا يليق به جل في علاه، وفيه يكرم عباده، أفلا ينبغي لنا أن نكرم هذا اليوم بالتقرب إليه بالصلاة على نبيه المكرم من ربه والزيادة فيها في يوم المزيد؟ بلى.


[1] أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني، (المتوفى: 275هـ)؛ السنن، تحقيق: شعَيب الأرنؤوط، نشر: دار الرسالة العالمية، (ط1 /1430هـ - 209 م)، أبواب فضائل القرآن، باب في الاستغفار، (حديث رقم: 1531 ج2/ 636)، الحديث صحيح لغيره.

[2] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل يوم الجمعة، (حديث رقم: 854،ج2/ 585).

[3] ابن ماجه، أبو عبدالله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى: 273هـ)، السنن، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، نشر: دار إحياء الكتب العربية، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فضل الجمعة، (حديث رقم:1084،ج1/ 344)، والحديث ضعفه الشيخ الألباني، وحسَّنه الشيخ الأرنؤوط.

[4] السندي، محمد بن عبدالهادي التتوي، أبو الحسن، نور الدين السندي (المتوفى: 1138هـ)؛ حاشية السندي على سنن النسائي، مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب (ط2/ 1406 – 1986)، ج3/ 91.

[5] أبو داود، السنن، تفريع أبواب الجمعة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، (حديث رقم: 1047 ج 1 /275 )، حكم الألباني: صحيح.

[6] العظيم آبادي، محمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر، أبو عبدالرحمن، شرف الحق، الصديقي (المتوفى: 1329هـ)، عون المعبود وحاشية ابن القيم، نشر: دار الكتب العلمية – بيروت (ط2/ 1415 هـ)، ج3/ 260.

[7] البيهقي: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)؛ السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (ط3/ 1424 هـ - 2003 م)، كتاب الجمعة، باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها، (حديث رقم: 5994 ج3/ 353)، حكم الألباني: حسن.

[8] النووي: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)؛ شرح النووي على مسلم؛ تحقيق: دار إحياء التراث العربي – بيروت (ط2/ 1392)، ج4/ 128.

[9] ابن ماجه؛ السنن، كتاب الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، (حديث رقم: 1637 ج1/524)، حكم الألباني: حسن لغيـره.

__________________________________

المؤلف: محمد فقهاء

 

  • 61
  • 7
  • 171,158
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    شجاعة المؤمن المتوكل على ربه • إن المؤمن المتوكل على الله حق توكله الموقن بوعده المنتصر على نفسه، لا يهاب ما حشده عدوه ضده من إمكانيات مهما عظمت من قوة، فهو يدرك أن كل ما صنعه البشر تحت قدرة من توكل عليه سبحانه، ولا يحصل له إلا ما قدره الله عليه وعليهم، وتأمل قول نوح - عليه السلام - لقومه: { یَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِی وَتَذۡكِیرِی بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَیَّ وَلَا تُنظِرُونِ }، فهو - عليه السلام - يخبرهم أنه إن كانت أنفسهم قد ضاقت بدعوة التوحيد ذرعا، فليجمعوا كل ما يستطيعون عليه هم وشركاؤهم، ثم ليستخدموا كل ما عندهم من قوة ضده فإنه قد توكل على الله رب العالمين، وهذا هو طريق الأنبياء الذين كانوا فرادی وسط جموع الكافرين وسطوتهم، لم تمنعهم الحسابات المادية من الصدع بالحق مع تخويف الباطل وإزباده وإرعاده. والواجب على المسلمين اليوم أن يتنبّهوا لهذا الخطر الداخلي، وتلك النفوس المهزومة فإنها تجرّ على أبناء المسلمين ضعفا وخورا، وتزين لهم الخنوع والقعود وتروج له، وتعلّم العامة سوء الظن بربهم والتمادي في معصية تعطيل الجهاد والتثاقل إلى الأرض. [ إفتتاحية النبأ - المهزومون المهزوزون - العدد: 440 ]

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً