العنصرية في العالم العربي
هاني مراد
نجد بعضهم ينظر إلى غيره على أنه من الشمال أو من الجنوب! بل تصل العنصرية إلى وسم كل مدينة بصفة أو صفات ذميمة.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
تتعدد أنواع ودرجات العنصرية في العالم العربي، بما يثير الدهشة. فالعرب لم يتخلوا عن طابع العنصرية الذي اشتهروا به منذ عصور الجاهلية.
لكن ما يثير الدهشة أكثر، هو أن عنصرية العرب اليوم تفوق - في أشكالها وألوانها - ما كان عليه العرب في الجاهلية، حينما كانت عنصريتهم غير معقدة، وترتبط بالقبيلة والنسب، وتفضيل الذكور على الإناث! فعنصرية العرب اليوم لا تكاد تترك جانبا من جوانب الحياة إلا صبغته.
وإذا ألقينا نظرة بعيدة على الشعوب العربية، نجد أن كلا منها يفاخر بجنسيته على جنسية غيره. وتنظر بعض الشعوب إلى غيرها على أنها شعوب فقيرة، تأتي إلى بلادها لتسرق أموالها، مع أن هؤلاء المهاجرين لا يسعون إلا لطلب الرزق، ويبذلون حياتهم وجهدهم نظير ما يتقاضون من مال!
وتنظر شعوب أخرى إلى غيرها، على أنها شعوب جاهلة، لا تفهم شيئا ولا تملك شيئا غير النقود، وهي شعوب بدوية لا صلة لها بحضارة أو فهم، مع أن الشعوب التي تُنظر لها هذه النظرة لا تختلف عن غيرها من الشعوب العربية في الفقر الحضاري والعلمي والإنساني.
فإذا ما اقتربنا بنظرتنا إلى كل شعب - على حدة - وجدنا أن العنصرية تخترم هذه الشعوب. فهذا ينظر إلى غيره على أنه من قبيلة كبيرة، وذلك ينظر إلى غيره على أنه غير عربي الأصل. وفي شعوب أخرى، نجد بعضهم ينظر إلى غيره على أنه من الشمال أو من الجنوب! بل تصل العنصرية إلى وسم كل مدينة بصفة أو صفات ذميمة.
وتتعقد العنصرية لتظهر في الفوارق الطبيعية بين البشر. فهذا يحتقر ذاك لأنه يعمل في مهنة متواضعة، أو يسكن في حي فقير، أو يمتلك سيارة قديمة، أو حصل على تعليم محدود.
وكأننا لا نترك جانبا من جوانب الاختلاف الطبيعية، إلا وجعلناه معيارا لتقييم غيرنا، وذريعة لوصفه بأقبح الصفات، وسببا لمعاملته دون رادع من ضمير أو خلق.
ومن يراجع التاريخ والحاضر العربي، يعلم جيدا كيف استغل ويستغل الاحتلال الغربي لبلادنا هذه العنصرية في تحقيق أهدافه.
فهلا راجعنا أنفسنا بعد انحطاط مجتمعاتنا إلى هذه الهوة السحيقة التي نهوي فيها من درك إلى درك؟