فوائد من مصنفات العلامة ابن عثيمين: استشعار امتثال أمر الله عند أداء العبادة
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
وقال رحمه الله : إذا استشعر الإنسان عند فعل العبادة أنه يفعلها امتثالاً لأمر الله فإنه يجد لها لذةً وأثراً طيباً.
- التصنيفات: فقه العبادات -
{بسم الله الرحمن الر حيم }
من فوائد استشعار امتثال أمر الله عند فعل العبادة:
قال الشيخ رحمه الله: مطلوب منا عندما نفعل العبادات أن نستشعر بأننا نقوم بها امتثالاً لأمر الله تعالى, لأن شعور الإنسان عندما يفعل العبادة بأنه يفعلها امتثالاً لأمر الله تعالى فإن هذا مما يزيد في إيمانه, ويجد لها لذة وهذه هي نية المعمول له.
وقال رحمه الله : إذا استشعر الإنسان عند فعل العبادة أنه يفعلها امتثالاً لأمر الله فإنه يجد لها لذةً وأثراً طيباً.
استحضار القيام بأمر الله واتباع رسوله عند الوضوء:
قال الشيخ رحمه الله: إذا أردنا أن نتوضأ نقصد أن: هذا شرط من شروط الصلاة, لا بد من القيام به, ونستحضر أننا نقوم بأمر الله تعالى في قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} [المائدة:6] قد نذكره أحياناً, ولكننا ننساه كثيراً, وهل عندما نفعل هذا نشعر بأن الرسول كأنه أمامنا وأننا نقتدي به فنكون بذلك متبعين ؟ هذا قد نفعله أحياناً, ولكنه قد يفوتنا كثيراً, فينبغي للإنسان أن يكون حازماً لا تفوته هذه الأمور والأجور بمثل هذه الغفلة.
وقال رحمه الله: نستحضر أن الخطايا التي عملناها بهذه الجوارح تزول مع آخر قطرة من الماء...إننا لا نستحضر إلا أن يشاء الله...مع أن هذا هو الاحتساب على الله عز وجل, والاحتساب له أثره في كثرة الثواب, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً» احتسب الأجر على الله عز وجل.
استشعار التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم عند أداء الصلاة:
قال الشيخ رحمه الله: في الصلاة كثير من المسلمين – والحمد لله – الذين يتحرون العمل بالسنة, يصلون على حسب السنة, لكن يغيب عن بالهم أنهم يتأسون برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حركة وكل قول, وهذا غفلة, لكن لو كان الإنسان حين يصلي يشعرُ بأنه متأسٍّ برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وكأنما ينظرُ إليه وهو يصلى, لوجد لذلك أثراً عظيماً في قلبه.
استحضار ترك شهوات النفس في الصيام لرضا الله عز وجل
قال الشيخ رحمه الله: الغرض من الصيام ليس ترويضَ البدن على تحمُّل العطش والجوع والمشقَّة، ولكن هو ترويض النفس على ترك المحبوب لرضا المحبوب، والمحبوب المتروك هو الأكل والشرب والجماع، هذه هي شهوات النفس، أما المحبوب المطلوب رضاه، فهو الله عز وجل، فلا بدَّ أن نستحضر هذه النية، وهي أننا نترك هذه المفطرات طلبًا لرضا الله عز وجل.
استشعار أمر الرسول علية الصلاة والسلام عند الإفطار:
قال الشيخ رحمه الله: في الإفطار، نتناول الإفطار؛ لأن الطبيعة تقتضي ذلك وتَطلُبه، فنأكله تمتُّعًا وتلذُّذًا لكن هل نشعُر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول «إذا أفْطَرَ أحدُكم فليُفْطِرْ على رُطَبٍ فإن لم يجد فعلى تَمْرٍ فإن لم يجِدْ فعلى ماء» هل نشعر بهذا؟ وأننا نفطر امتثالًا لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام؟ أو نشعُر بأننا نُفْطِر ونبادر بالفطور رجاء الخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطر» ، وقال رحمه الله: إذا انقلبت هذه النعمة التي يتمتَّع بها أكثرُ الناس تَشهِّيًا، انقلبت عبادةً، فبإمكان الإنسان الموفَّق أن يقلِب عاداتِه عباداتٍ.
فوائد ينبغي تذكُّرها عند أكل السحور:
قال الشيخ رحمه الله: السحور فيه فوائد:
أولًا: امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «تسحَّروا» .
ثانيًا: الاقتداءُ بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يتسَحَّر، ولم يكن بين سحُوره وبين صلاته إلا مقدار خمسين آية، فكان يُؤخِّر السحور.
ثالثًا: أن هذه الأكلة معينةٌ على طاعة الله؛ لأن الإنسان إذا تَسَحَّر كفَاهُ ذلك كُلَّ اليوم، فأنت تشرب في اليوم - إذا لم تَكُنْ صائمًا - كثيرًا، لكن إذا كنت صائمًا، فالشرب الذي في السحور يكفيك، سبحان الله! هذا من بركته؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تسحَّروا؛ فإن في السحور بركةً» .
رابعًا: إظهار المخالفة لليهود والنصارى؛ لأن هذا السحور هو فصلُ ما بيننا وبين صيام اليهود والنصارى، ولا شك أن إظهار مخالفة اليهود والنصارى مما يُقرِّبُ إلى الله: «مَن تشبَّه بقوم فهو منهم» ، بل إغاظة اليهود والنصارى مما يُقرِّبُ إلى الله، بل إغاظة كُلِّ كافر مما يُقرِّب إلى الله؛ قال الله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } [التوبة: 120]، وقال الله
تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن معه قال: { لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } [الفتح: 29]، لا نصانعُ الكفَّار؛ لأن الكفار لا يصانعوننا.
خامسًا: السحور أكل، فيه التنعُّم بنِعَمِ الله، وحفظ البدن، وامتثالُ أمر الله، وغير ذلك.
لكن كل هذه الأمور تحتاج من الإنسان أن يتذكَّر، فأكثر الناس لا يتذكر، يأكلُ الأكل ويتنعَّم به ترفُّهًا بدنيًّا، لا أنه يتنعَّم به تنعُّمًا عباديًّا، إلا مَنْ شاء الله.
استحضار تلبية دعاء الله عند الذهاب إلى مكة لأداء الحج:
قال الشيخ رحمه الله: ينبغي للإنسان أن يستحضر أنه في مجيئه إلى مكة وإحرامه أنه إنما يفعل ذلك تلبية لدعاء الله, قال الله تعالى: ] وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كُل فجٍ عميق ~ ليشهدوا منافع لهم[ فالأذان بأمر الله يعتبر أذاناً من الله, فإذا كان الله هو الذي أذن فأنا أجيبه, وأقول: لبيك اللهم لبيك...الخ.
استشعار طاعة الله عند قراءة قوله:)إن الصفا والمروة من شعائر الله [ إذا دنا من الصفا
قال الشيخ رحمه الله: قوله : (فلما دنا من الصفا) يعني قرب منه, ( قرأ )إن الصفا والمروة من شعائر الله [ أبدأ بما بدأ الله به ) وفائدة هذه القراءة إشعار نفسه بأنه إنما اتجه إلى السعي امتثالاً لما أرشد الله إليه في قوله: )إن الصفا والمروة من شعائر الله [ وليعلم الناس أنه ينبغي إذا فعل عبادة أن يشعر نفسه أنه يفعلها طاعة لله عز وجل.
استشعار المرء أنه من أن يحرم إلى أن يحلَّ منه وهو في عباده:
قال الشيخ رحمه الله: ليعلم أنَّ المرءَ من حين يدخل في الإحرام إلى أن يحِلَّ منه فهو في عباده, في ليله ونهاره, ونومه ويقظته, وقيامه وقعوده, فليشعر بذلك شعوراً تاماً, حتى يحصل له زيادة الإيمان, والرجوع إلى الله عز وجل, فإن ذلك من أهم الأمور التي ينبغي للإنسان أن يعتني بها.
استحضار نية التعبد لله عز وجل في النكاح:
قال الشيخ رحمه الله: ينبغي للمتزوج أن يلاحظ...نية التعبد والتقرب إلى الله عز وجل في نكاحه حتى يحصل على فائدتين: فائدة العبادة, وفائدة قضاء الوطر, وهذه النية تغيب عن كثير من المتزوجين حيث إن كثيراً منهم لا يلاحظ ولا يستشعر عند عقد النكاح والدخول إلا قضاء الوطر, وهذا في حد ذاته خير, لأن فيه الاعفاف وكفّ البصر وغضه, لكن استشعار التعبد لله تعالى بطاعة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير من ذلك وأعلى.
استحضار التسوك بنية مرضاة الله عز وجل:
قال الشيخ رحمه الله: ثم إننا ننبه في آخر كلامنا هذا على أن تقصد بالسواك مرضاة الرب, فهو أهم من كونك تنظف الفم, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السواك مطهرة للفم, مرضاة للرب ) فأنت إذا تسوكت تنال بذلك رضا الله عز وجل, فانتبه لهذه النقطة, لأن كثيراً من الناس لا ينتبهون لمثل هذه الأشياء الدقيقة, فيفوتهم خير كثير.
الأكل والشرب بنية: التنعم بنعم الله, وحفظ البدن, والتقوى على الطاعة:
قال الشيخ رحمه الله: ينبغي لنا – نسأل الله أن يوقظ قلوبنا – ألا ننوي بأكلنا وشربنا مجرد التشهِّي, بل ننوي به :
أولاً: امتثال أمر الله عز وجل لأن الله أمرنا بالأكل والشُّرب في قوله تعالى:{وكُلُوا واشربوا ولا تسرفوا} [الأعراف:31]
ثانياً : ننوى بذلك حفظ أبداننا لأن بدنك أمانة عندك ائتمنك الله تعالى عليه { يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً }[التحريم:6] هذه الأمانة الدينية, والأمانة البدنية الدنيوية {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء:29] { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]
ثالثاً: ننوى بذلك التنعم بنعم الله, والتنعم بنعم الله قربة, لأنه يدلُّ على قبولك لنعمة الله عليك, ومعلوم أن قبول ذي المنة اعتراف بفضله عز وجل.
رابعاً: تنوى بذلك التقوى على الطاعة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام «تسحروا فإن في السحور بركة» أمرنا بالسحور من أجل التقوى على الصيام.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ