خطر المخدرات
العلامات الجسدية والنفسية والسلوكية لتعاطي المخدرات،
- التصنيفات: قضايا الشباب - قضايا إسلامية -
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ما ترك خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا ترك شرًّا إلا حذَّرنا منه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن شر الشيطان الرجيم وشركه، وهَمْزِه ونفخه ونَفْثِهِ ووسوسته، ونعوذ بالله من شرور جنوده أجمعين؛ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
أما بعد:
فحديثنا اليوم عن آفةٍ هُتكت بسببها أعراضٌ، ووقع بعض الإخوة على أخواتهم، وتحرَّش بعض الآباء ببناتهم، وقتل بسببها الأخ أخاه، ونحر - كما تُنحر النعاج - والديه، ورفع السلاح على زوجته، وروَّع أولاده، وأشعل النار في جسده، مشاهدٌ مروِّعةٌ متكررةٌ، لا تنقطع أخبارها في غالب دول المعمورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. حديثنا اليوم عن آفة المخدِّرات، وجريمة المُسكِرات، وقانا الله وإياكم وذَرَارِينا من شرِّها، ووقى المسلمين والبشرية؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90، 91]، وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: ( «(أتاني جبريل، فقال: يا محمد، إن الله لعن الخمر، وعاصِرَها، ومُعتصِرَها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومُبتاعها، وساقيها، ومُسقاها»، وفي رواية: «وآكل ثمنها»، والمخدرات هي أمُّ الخبائث.
عباد الله:
إن شباب وطننا الغالي، وشباب جميع بلاد المسلمين مُستهدَفون من قِبل الشيطان الرجيم، وجنوده من الإنس والجن، وإن من أكبر وسائلهم إفساد الأخلاق، وإضعاف الصحة، وإفقار الأمة، وإشغالها عن طاعة الله سبحانه وتعالى، وصرفها عن العلم والبناء، والأخذ بأسباب القوة، وإن المخدرات والمسكرات والمفترات من وسائلهم الشريرة لتحقيق أهدافهم الدنيئة، وأنتم تسمعون بين الفَينة والأخرى عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات والمسكرات والمفترات على منافذ بلادنا الغالية، ووالله لو نفذت إلى داخل البلاد لأتلفت عقول الكثير من الشباب والشابات.
عباد الله:
لكي نستطيع المساهمة في علاج جريمة تعاطي المخدرات؛ فلا بد أن نتعرف على الأسباب التي تجعل الشاب يقع في مشكلة المخدرات.
أولًا: ضعف الشخصية:
فالشخصية المترددة الخارجية المرجعية من أسباب الوقوع في المخدرات.
ثانيًا: الجهل:
كلما زاد الجهل، زاد احتمال الوقوع في المخدرات استعمالًا أو ترويجًا، وخاصة الجهل بالعلم الشرعي، والجهل بالعدو وحِيَلِهِ، وغفلة القلب.
ثالثًا: الفقر والحاجة:
وهذا السبب من أقوى الأسباب لاستقطاب الضحايا سواء كانوا من المُروِّجين أو المُتعاطين.
رابعًا: ضعف الترابط الاجتماعي ابتداء من الأسرة إلى المجتمع بأسره:
فقد ثبت أن الخلافات الزوجية والطلاق وضعف العلاقة بالأولاد من أكبر الأسباب، وهذه ثغرة يستثمرها كثيرًا تجار المخدرات والمروجون.
خامسًا: ضعف القيم والدين والبعد عن الاستقامة.
سادسًا: أصحاب السوء أو سوء أقوال وأفعال الوالدين أو أحدهما.
سابعًا: ضعف مهارات الحياة ومواجهة الصعوبات.
ثامنًا: البحث عن السعادة:
فالمتعاطي يبحث عن السعادة الوهمية عن طريق المخدرات التي تُغيِّبه عن واقعه، وتجعله يُحلِّق في عالم الخيال، ويشعر بسعادة كاذبة مؤقتة؛ لأنه ابتعد عن مشاكله التي عجز عن مواجهتها، وهذا حل مؤقتٌ، وسعادةٌ زائفةٌ، ثم يعقبها العذاب؛ فما جعل الله شفاء الأمة فيما حرَّم عليها؛ لذلك حذرت الأجهزة الأمنية والمتخصصون في المخدرات وعالم الجريمة من نشر الطُّرَفِ المُختلَقة على ألسنة المحششين ومتعاطي المخدرات، والتي تُظهِر أن متعاطِي المخدرات أذكياء أو ظُرفاء أو سريعو البديهة، وهذا كذبٌ وَدَجَلٌ؛ فانخدع بهذه الطرف بعض الشباب، فصدقوا بأن المتعاطين ظرفاء سعداء أذكياء، فخاضوا التجربة، بسبب هذا الترويج الشيطاني، وهذه النكت – وربي - من اختلاق الشياطين، ولا ينشرها إلا سُذَّجٌ أو مفسدون غير مصلحين، أو أناسٌ لا يعُون خطرَ ما يرسلون؛ فيتعاونون على الإثم والعدوان.
وقد أثبتت دراساتٌ علميةٌ أن كثيرًا من الشباب وقع في تعاطي المخدرات بسبب النكت التي تصل إليه؛ فالويل لمن أرسل هذه الطرف: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].
تاسعًا: التدخين:
حيث يعتبر بوابة إدمان المخدرات، وثبت من خلال الدراسات العلمية أن %25 من المدخنين يتعاطَون المخدرات، فالتدخين هو ربع البوابة لهذا الشر المستطير.
عاشرًا: التغرير بالطلاب حول دور المخدرات في النجاح والتفوق.
حادي عشر: المُهدئات والمُنومات:
فبعض الشباب إذا تأخر في النوم، أو أصابه قلقٌ أو توترٌ، فبدلًا من التحصن بالأدعية والأذكار، يلجأ لهذه المهدئات بنصح أصدقاء السوء، وبعض الصيادلة ممن خانوا الأمانة؛ فينتقل بعدها إلى المخدرات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فعلى الآباء والمربين أن يتنبَّهوا لهذه الأسباب، وسوف نسلط الضوء على معالجة هذه الأسباب في الخطبة الثانية بإذن الله كالعادة.
أيها المسلمون:
إن المخدرات من آفات العصر، وإن معرفة العلامات الدالة على الشخص المتعاطي للمخدرات من أهم الأمور، وإليكم أهم علامات المتعاطي للمخدرات النفسية والجسدية والسلوكية التي تظهر عليه، وقد حددها مستشفى الأمل فيما يلي:
أولًا: العلامات الجسدية لتعاطي المخدرات:
1- احمرار العين.
2- الجروح والكدمات على الذراعين.
3- طلب الأموال بإلحاح.
4- اضطرابات في الوزن؛ إما زيادة أو نقص بمعدل متسارع.
5- المظهر السيئ في اللباس، وطول الأظافر والشارب، وعدم الاهتمام بنظافة الفم والأسنان.
6- نزيف الأنف، وخاصة للمتعاطي عن طريق الشم.
7- التعرق الشديد حتى في أوقات البرد.
8- اتساع حدقة العين.
9- هالات سوداء حول العين.
10- جفاف الفم والشفتين.
11- ظهور التجاعيد في الوجه.
12- الاصفرار والشحوب في الوجه.
13- بروز الوجنتين، ونحافة الوجه بشكل ملحوظ.
ثانيًا: العلامات النفسية لمتعاطي المخدرات:
1- الاكتئاب والعزلة الاجتماعية.
2- الحزن والانسحاب.
3- ضعف الإدراك والانتباه والتركيز.
4- التبلد واللامبالاة.
ثالثًا: العلامات السلوكية:
1- تغيير دائرة الأصدقاء.
2- الخروج من المنزل والسهر ليلًا بكثرة.
3- النوم كثيرًا.
4- الميل للعنف.
5- التحدث كثيرًا.
6- القيء والغثيان.
7- إهمال العمل والدراسة والرياضة.
8- الضحك كثيرًا.
9- الشعور بالنشوة.
10- ارتفاع نبضات القلب.
11- الخمول والاسترخاء.
12- الرعشة في الأطراف.
بارك الله لي ولكم وللمسلمين في القرآن العظيم، ونفعنا بهديِ سيد المرسلين، وأستغفر الله لي ولكم، وللمسلمين والمسلمات من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
فإليكم بعض الوسائل المجملة التي تساهم في حماية المجتمع من المخدرات والمسكرات والمفترات:
1- الاستقامة على دين الله سبحانه وتعالى، والاهتمام بالقيم الإسلامية.
2- تعلم مهارات التأثير ومنها مهارة الاتصال والإقناع، والثواب والعقاب، والتحفيز والتعليم والتدريب، والتربية والحوار.
3- ترك جميع المعاصي والمنكرات.
4- التعلم، والعمل بالعلم، ونشر العلم.
5- العملَ العملَ العملَ، وأفضله في التجارة والصناعة والزراعة.
6- تنمية العلاقات الاجتماعية، وتقوية الروابط ابتداءً من الأسرة إلى المجتمع.
7- تعلم مهارة لغة الجسد.
8- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونشر العلم والتوعية باستمرار.
9- اختيار شريك الحياة بعناية تامة، وأفضل شريك حياة هو الذي يتقي الله، صاحب الدين والقوة الاقتصادية والإدارية والجسمية.
10- حسن العشرة بين الزوجين، والاحترام والتقدير والثقة، والمودة والرحمة، وتعظيم كلٍّ منهما الآخر نفسيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا.
11- حسن تربية الأولاد، والاهتمام بتقوية الشخصية، ورفع الثقة بالنفس، وإدارة الأزمات، وإدارة السلوك والفكر والمشاعر، وغرس القيم الفاضلة، والذكاء العاطفي والاجتماعي، وحسن التعامل، وإدراك المخاطر، وقوة التقييم، ومعرفة أعداء البشرية وطُرُقهم وحيلهم.
12- اختيار الصديق الصالح.
13- اختيار موقع السكن والجار.
14- عدم السفر إلا لضرورة؛ مثل: التعليم والتعلم، أو التطبيب والتطبُّب، أو الاستيراد والتصدير، أو العمل.
15- مراقبة ومتابعة وسائل التواصل.
16- الإبلاغ عن أي مروج، والتعاون مع الجهات الحكومية، والجمعيات المتخصصة لمكافحة المخدرات.
17- إقامة البرامج التوعوية.
18- مساعدة المتورط في الوصول للمشافي المتخصصة.
19- التوقف عن نشر نكت المحششين.
20- ترك التدخين.
21- الاهتمام بالصلاة مع الجماعة، وأدائها بأركانها وشروطها؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
22- الدعاء الدعاء الدعاء بعد فعل الأسباب السابقة.
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وجميع بلاد المسلمين والبشرية من شر الشيطان وجنوده.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثِروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ»، وقال صلى الله عليه وسلم: «أولَى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة».
[1] استفدنا في هذه إعداد هذه الخطبة من خطبة الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي على الرابط:
https://www.alukah.net/sharia/0/143899/
________________________________
الكاتب: لاحق محمد أحمد لاحق