فوائد من مصنفات العلامة ابن عثيمين: أهمية وفوائد دراسة السير وعلم التاريخ
وقال رحمه الله: اقرأ التاريخ يتبيَّن لك ما قدره الله على العباد، وأن سنة الله سبحانه وتعالى في السابقين ستكون في اللاحقين.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:
أهمية وفوائد دراسة سيرة الرسول علية الصلاة والسلام:
قال الشيخ رحمه الله: اقرؤوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ترشدوا، وتفلحوا، أنصحكم ونفسي بوجوب معرفة سيرة الرسول علية الصلاة والسلام؛ لأن معرفتها تُكسب الإنسان أسوةً حسنة، فمعرفة السيرة أمر مهم جدًّا، أكررُ على إخواني المسلمين أن يقرؤوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك يزيد في الإيمان، ويزيد في محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتزيد القلب خشوعًا، وتزدادُ به معرفة منهجه عليه الصلاة والسلام في الدعوة إلى الله، وتبصير عباد الله.
وقال رحمه الله: أهمية القراءة في السيرة النبوية لأمور كثيرة:
أولًا: أن نعرف حال النبي صلى الله عليه وسلم نسبًا وشرفًا وحسبًا وعبادةً وخُلُقًا، وجميع الأحوال؛ لأن هذا يزيدنا إيمانًا به علية الصلاة والسلام، ومحبَّةً له، وتعطرًا بذكره علية الصلاة والسلام.
ثانيًا: أن نعرف الأحكام التي تترتب على هذه السيرة النبوية في حال الحرب والسِّلم والشِّدَّة والرخاء والغضب، وغير ذلك.
ثالثًا: أن كثيرًا من السيرة النبوية لها علاقة بالقرآن الكريم وتفسير له، نحتاجُ إلى فَهمها؛ حتى نُطبق عليها ما جاء في القرآن الكريم.
رابعًا: أنه لا يليق بنا ونحن أمة مسلمة نتَّبع هذا الرسول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أن نكون جاهلين بحاله وسيرته,وقال: علاج قسوة القلب: كثرة قراءة القرآن بتدبر، ثانيًا: القراءة في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أهمية وفوائد دراسة سِيَر الخلفاء الراشدين:
قال الشيخ رحمه الله: دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وخُلفائه الراشدين - من الدين؛ لأنها كلها أحكام وفِقه.
وقال رحمة الله: مراجعة كتب التاريخ الحريصة على الضبط والموثُوقة، تزيد الإنسان إيمانًا بالله، لكن إن كانت هذه الحوادث من السيرة النبوية وسير الخلفاء الراشدين، ازداد بها مع الإيمان بالله أن يصطبغ بصبغتها، ويحتذي حَذوها في السير.
الحذر من كتب التاريخ التي فيها إساءة للصحابة رضي الله عنهم:
قال الشيخ رحمه الله: نرى في كتب التاريخ أشياءَ مشوهة إن كان صدقًا، وأشياء كثيرة مزورة مكذوبة، لا سيما فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم مما هم فيه معذرون؛ لأنهم مجتهدون، ومن أصاب منهم له أجران، ومن أخطأ فله أجر وخطؤه مغفور.
فيجب على المرء أن يحذَر من مثل هذه الكتب المزورة، أو المشوهة بزيادة أو نقص، لا سيما إذا يشعر بأن هذا الكتاب مثلًا يُسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم في تشويه حياتهم ومجتمعاتهم، وكتب التاريخ قد يكون بعضها متناولًا لهذا الأمر؛ مما يكون دالًّا على القدح في الصحابة؛ إما تصريحًا أو تلميحًا، فليحذر المؤمن من مثل هذه التواريخ التي تُضله، والله والمستعان.
أهمية علم التاريخ:
قال الشيخ رحمه الله: علم التاريخ علم مهم.. قال الله عز وجل: ﴿ {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} ﴾ [النمل: 14].
قال الشيخ رحمه الله : من فوائد الآية الكريمة: فيها دليلٌ على فضيلة التأمل والتفكر في أخبار من مضى، وأن دراسة علم التاريخ من الأشياء التي جاء بها الشرع، فإننا لا يمكن أن ننظر كيف كان عاقبتهم إلا بدراسة أخبارها وتتبُّعها، فعلم التاريخ إذًا من الأمور المقصودة، لكن هل من الأُمور المقصودة ذاتيًّا أو عرضيًّا؟ عرضيًّا.
قراءة تاريخ الأمم السابقة من المصادر الثابتة الصحيحة:
قال الشيخ رحمه الله: ينبغي أن نقرأ تاريخ الأمم السابقة، وأفضل ما نقرؤه منه هو القرآن وصحيح السنة؛ لأن من الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة عن الأمم السابقة ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، والعبرة بالصحيح، وما أكثر الأحاديث التي فيها الأخبار عن الأمم السابقة.
وقال رحمه الله : مصدر التاريخ في الأمم السابقة ما أخبر الله به ورسوله؛ قال الله تعالى: ﴿ {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ } ﴾ [التوبة: 70]، ﴿ {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} ﴾ [إبراهيم: 9]، فنفى أن يكون لأحدٍ علمٌ به إلا الله.
فوائد قراءة كتب التاريخ:
وقال رحمة الله: من السير في الأرض بالقلوب مراجعة كتب التاريخ والأمم؛ لأن من راجعها - لا سيما التواريخ الحريصة على الضبط والموثُوقة - يتبيَّن له العجب العجاب في خلق الله عز وجل ومداولته الأيام بين الناس، وتغييره للأمور، وتزيد الإنسان إيمانًا بالله.
وقال رحمه الله: ينبغي للإنسان أن يقرأ كتب التاريخ الماضية للاعتبار، وقال رحمه الله: في التاريخ عبر يعتبرُ بها العاقل؛ لقوله تعالى: { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الروم: 9].
وقال رحمه الله: ينبغي للإنسان أن يكون عنده علم بأحوال الأُمم السابقة، من أجل أن يكون معتبرًا بمن مضى فيمن بقي.
وقال رحمه الله: اقرأ التاريخ يتبيَّن لك ما قدره الله على العباد، وأن سنة الله سبحانه وتعالى في السابقين ستكون في اللاحقين.
وقال رحمه الله: تدبروا التاريخ من أوله إلى آخره, وانظروا ماذا حصل من الفتن والبلاء وتمزق الأُمة بسبب الخروج على الأئمة, فالأمةُ الإسلاميةُ كانت تحت رايةٍ واحدة, وتمزقت بالخروج بعضها على بعض حتى تفرقت الأمة...اقرءوا التاريخ في الماضي...ماذا حصل في القيام على الحكام من البلاء والشرِّ واستحلال الدماء, وانتهاك الأعراض المسلمة, واستحلال الدماء والأموال.
كتب التاريخ بعضها غير صحيح:
قال الشيخ رحمه الله: كتب التاريخ بعضها مزيف ليس على حقيقته، وقال رحمه الله: يجب أن يعلم أن التاريخ أصابه شيء من الوضع؛ أي: من التحريف والتغير والكذب والزيادة والنقص.
وقال رحمه الله: التاريخ حوادث ووقائعُ ينقلها الناسُ، قد تكون محررة مضبوطة وقد تكون غير محررة مضبوطة.
"زاد المعاد" لابن القيم، و"البداية والنهاية" لابن كثير - من أحسن الكتب.
قال الشيخ رحمه الله: أما السيرة، فمن أحسن ما رأيتُ كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله تعالى في باب السيرة؛ لأنه يذكر سيرة النبي عليه الصلاة والسلام في جميع أحواله؛ في أحواله الشخصية، وأحواله الاجتماعية، وأحواله العسكرية القتالية، وغير ذلك، ثم هو مع هذا يضيف رحمه الله استنباط أحكام كثيرة من الغزوات، فهو كتاب نافع لطالب العلم.
وقال رحمه الله: بالنسبة للكتب المؤلفة فيما مرَّ عليَّ، فإن أحسن كتاب يرجع إليه في ذلك هو: البداية والنهاية لا بن كثير؛ لأنه رجل محدث ومحقِّق، فهو من خير مَن كتَب في تاريخ الرسل وأُممهم، فالمرجع إليه جيد، من خير ما هو مؤلف في السيرة، وفيه تمحيص جيد، مِن أحسن ما رأيت، وأنا لم أر كثيرًا في كتب التاريخ والسيرة.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: