مالكم لا تناصرون
إيمان الخولي
كان هذا منهم و هم أهل جاهلية فأين أنتم يا أمة الإسلام ؟ألسنا أولى منهم بهذا الاجتماع الطيب على نصرة المظلوم؟
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
أكتب هذه الرسالة لما أجده يتكرر فى مجتمعنا هذه الأيام من سلبية تجاه الآخرين وكأن لسان حالنا يقول ماليش دخل طالما لم يحدث لى أو لاولادى فليس لى دخل فيمتنع عن شهادة حق أو الرد عن عرض أخيه أو أن يأتى له بمظلمته وهو قادر على ذلك لأنه لا دخل له ولا يهمه أو يخشى أن يأتى بالضرر عليه وعلى أولاد فكان الحال الذى وصلنا له من غياب التناصر بين الناس
ألم يسمعوا قول الله تعالى : {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الأنفال ] وكونه نصاً صريحاً يعنى أنه فرض عليك أن تنصر أخاك ولا تتركه فريسة لأعداءه وكلمه "فى الدين" يعنى أن تكون النصرة خالصة لوجهه الله وليس لأن بينك وبين الآخر مصلحة أو خدمات متبادلة
و لم يسمعوا قول نبينا الكريم " فَعَن أَنَسٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «اُنصُرْ أَخَاكَ ظَالمًا أَو مَظلُومًا» ، «فقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظلُومًا، أَفَرَأَيتَ إِذَا كَانَ ظَالمًا كَيفَ أَنصُرُهُ؟! قَالَ: ((تَحجُزُهُ ـ أَو: تَمنَعُهُ ـ مِنَ الظُّلمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصرُهُ))» . [أخرجه البخاري]
إذا فتشنا فى السيرة النبوية والتاريخ نجد أن نصرة المظلوم كانت من شيمة العرب فى الجاهلية على الرغم من كفرهم وعنادهم كانوا قد كونوا حلفاَ يسمى حلف الفضول مناصراً المظلوم وقد شارك فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو في سن العشرين، وكان أن اجتمعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان، لشرفه وسنه، فكان حلفهم عنده، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلومًا دخلها من سائر الناس، إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول انظر ماذا يقول عنه نبينا الكريم : " «لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبّ أَنّ لِي بِهِ حُمْرَ النّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْت» "
كان هذا منهم و هم أهل جاهلية فأين أنتم يا أمة الإسلام ؟ألسنا أولى منهم بهذا الاجتماع الطيب على نصرة المظلوم؟
وما وقعت غزوة بنى قينقاع إلا نصرة لامرأة مسلمة ويقولون الإسلام بخس المرأة حقوقها كيف ذلك ؟والمسلمون الأوائل قد غزوا من أجل نصرة امرأة فحين احتال يهودي من يهود المدينة لكشف ساق امرأة مسلمة في سوق بني قينقاع لم يجد الصحابي الجليل الذي رأى هذا ما يروي غليله سوى قتله، وعندها ثار عليه اليهود فقتلوه رضي الله عنه، وكان هذا سببًا لوقوع غزوة بني قينقاع، وإجلائهم إلى غير رجعة عن هذه البقاع الطاهرة. أرأيتم أن ستر عورات المسلمين ونصرتهم لها ثمن غالى على عكس ما نرى هذه الأيام ممن يسعون لكشف عورات المسلمين وفتنتهم فى دينهم
وحين صرخت مسلمة في أقصى الأرض: وا معتصماه جهَّز لها المعتصم جيشًا جرارًا لدفع مظلمتها، وتأديب من اعتدى عليها.
ونحن نرى الناس تقتل وتُسرق فى وضح النهار ويُغتصب النساء ويُخطف أطفالها ولا أحد يحرك ساكناً ألا تسمع قول النبى صلى الله عليه وسلم :(( « من رد عن عرض أخيه رد الله عنه النار يوم القيامة» )) [صححه الألباني]
ثق أن ما تفعله من خير لن يضيع عند الله ستجد أثره فى الدنيا والآخرة تغلب على مخاوفك واستعن بالله ولا تعجز واستحضر النية لله وهو يؤيدك بجنوده ودافع عن المظلوم بمالك أو كلمة حق ستجد التأييد الرباني لك فلا تيئس من الدفاع عن الحق والمطالبة به
وكم من موقف فى الدنيا تجد نفسك فيه تصرخ هل من مغيث يرد عن عرضي أو يدفع عنى الظلم ؟ فإذا أنت دفعت عن أخيك الظلم ستجد من يدفع عنك هذه بتلك كما يقال نحن كلنا فى دائرة واحدة كما قال تعالى:" {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً } [ الأنفال 25] ألسنا فى زمان فتن تعم فيه البلوى تدخل كل بيت لا تفرق بين ظالم ومظلوم .
إخوانى أخواتى ليس كالتناصر حل للعبور من المحن التى تمر بها الأمة فننعم بالاستقرار والأمان ولن يتم ذلك إلا إذا أحس كل فرد أن الضرر الواقع على أى فرد من المجتمع كأنه واقع عليه هو شخصياً فيسعى ليرفع عنه الضرر والأذى ويتساءل البعض كيف أكون أهلاً للنُصرة وذلك يتحقق بإرشاده إن ضل الطريق عن الحق والدفاع عنه إذا هاجمه خصومه وحجزه عن التطاول على الآخرين وفى المجمل عدم تركه فى معارك الحياة وحده
وفى النهاية نريد النُصرة فى الحق وليس انتقاماً أو تجاوزاً للأعراف وخروجاً عن دائرة العدل مع مراعاة الأسلوب المناسب لكل فرد غنى وفقير قوى وضعيف والرجوع إلى أهل العلم حتى لا يعود بالضرر على الفرد والمجتمع من حيث لا نحتسب .