المسلمون ومحنة العصر
هاني مراد
خضعت الدول الإسلامية كلها للاحتلال الأوربي، وعلى رأسه الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي، ثم حل محله الاحتلال الأمريكي
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
يعاني المسلمون واقعا غير مسبوق، ويعيشون عددا غير مسبوق من الحروب، والمجاعات، والصراعات، والأزمات الوجودية، والاحتلال العسكري، والاختراق المعرفي، لم يعرفه تاريخهم من قبل.
فعلى الرغم من ضعف الخلافة العثمانية، وتحولها إلى رجل أوربا المريض، إلا أنها كانت تقف حجر عثرة أمام ما نعيشه اليوم من احتلال وتبعية، وكانت جيوشها وأساطيلها تحمي العالم الإسلامي على مدار ستة قرون، حتى ضعفت، فتعرض العالم الإسلامي للغزو الأوربي الكامل.
وبعد ضعف الخلافة، خضعت الدول الإسلامية كلها للاحتلال الأوربي، وعلى رأسه الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي، ثم حل محله الاحتلال الأمريكي، لا سيما في العراق وسورية وليبيا والصومال والسودان، بالإضافة إلى تأسيس قواعده العسكرية.
وبعد الاحتلال الأمريكي، زاد النفوذ الصهيــوني، لا سيما بعد موجات التطبيع الأخيرة، فحل الاحتلال الصهيــوني محل الاحتلال الأمريكي. ولا شك، أن الخطر الصـهيـــوني يفوق أي خطر يسبقه.
وعلى المستوى الداخلي، كانت الأخطار التي تحدق بالعالم الإسلامي في السابق، تتمثل في تيارات العلمانية والشيوعية والتغريب التي كانت تسعى لتشويه الإسلام وتزييف حقيقته وطمس معالمه، لكنّ علماء المسلمين كانوا يتصدون لهذه التيارات ويصلحون ما أفسدته.
أمّا الآن، فقد أصبحت الأخطار تتمثل في "علمنة الإسلام"، وتشويه أركانه وعقيدته، على يد دعاة مزيفين يدّعون أنهم دعاة إسلاميون، ويبثون الأفكار العلمانية التي يُلبسونها زيا إسلاميا، فظهر "الإسلام الأمريكي" الذي ينفّر المسلمين من مفاهيم المقاومة الجوهرية في الإسلام، مثل الجهاد والخلافة والحكم والشريعة.
وتقف وراء "علمنة الإسلام" مؤسسات وحكومات كبرى، توجّه الدعاة المزيفين لاتهام أي عمل إسلامي بأنه إسلام سياسي، واتهام أي مقاومة بالإرهاب!
ذلك يفسر ما نعيشه من انهيار عقدي وانحسار أخلاقي. فعلينا مقاومة "علمنة الإسلام"، ومواجهة محنة العصر التي أصبحت واقعا نعيشه.