ثمرات المحافظة على الوقت

الأيام أجزاء من العمر ومراحل من الطريق، تفنى يوماً بعد يوم، ومضيها استنفاد للأعمار واستكمال للآثار وقرب من الآجال، وغلق لخزائن الأعمال، والشاب الحاذق يغتنم زهرة شبابه في حفظ القرآن والمتون وحضور دروس العلماء وقراءة الكتب والعبادة عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَزْ» (صحيح مسلم حديث رقم 2664). وما نبغ من نبغ من العلماء إلا بمحافظهم على أعمارهم بحفظ زمانهم، وصحبة صالحة أعانتهم على طاعة ربهم.

واعلم أن العلم أفضل مكسب، وأشرف منتسب، وأنفس ذخيرة تقتنى، وأطيب ثمرة تجنى، وما اكتسب مكتسب مثل علم يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى، يقول سفيان بن عيينة: (من طلب العلم فقد بايع الله).

وهو ميراث النبوة كما قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل :16] ومن ورثه الله علم الكتاب والسنة فقد اصطفاه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (رواه البخاري 71).

طلب العلم والاستزادة منه شرف لا يضاهى، وفضل لا يحد، ثمراته معجلة، وقطوفه دانية، طالبه منظوم في سلك العظماء، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة / 11] ولا انفع بإذن الله للعبد من التحصين بعلم الشريعة.
________________________________
المصدر: كتاب خطوات إلى السعادة – د. عبد المحسن بن محمد القاسم – إمام وخطيب المسجد النبوي.