التواضع بين الحقيقة والكذب
ألم أقل لك إنني مشغول للغاية، وإنني أحد العلماء؟ هل ترى كل الناس فارغين مثلك؟ ثم كيف يجرؤ أحدهم وينتقدني أو يخالفني؟
إنني مشغول للغاية. إنني شخصية مهمّة! إنني أحد العلماء، أو أحد العباقرة، تواضعا مني!
إنني أحد الأفذاذ! كما إنني عالم في الشرع والدين، وعلوم الأولين والآخرين!
إنني إذا ما قابلت أحدهم، تبسمت في وجهه وشددت على يده تواضعا! وكلما ذُكر التواضع، ذكرت قصتي! ألم أخبرك أنني متواضع؟
لكنك أيها المتواضع، يحمرّ وجهك وتثور ثائرتك، إذا خالفك أحدهم، فضلا عن أن ينتقدك!
وأنت أيها المتواضع، عندما تضع منشورا على صفحات الإنترنت، قد تردّ على بعض المعلقين! أو قد لا تردّ! وقد تتفضّل بإشارة إعجاب، أو قد تتناسى تلك الإشارة، ثم إن كل منشوراتك تدور حول ذاتك!
ألم أقل لك إنني مشغول للغاية، وإنني أحد العلماء؟ هل ترى كل الناس فارغين مثلك؟ ثم كيف يجرؤ أحدهم وينتقدني أو يخالفني؟
لكنني رأيت من تكثر مشاغلهم، ومع ذلك يردون على التعليقات، ويحرصون على الاستجابة لها، ولو باستحسان أو بمجرد إشارة! ويستقبلون النقد والخلاف بصدر رحب! بل قد ينزلون عن رأيهم! ثم لا تدور كل منشوراتهم حول ذواتهم!
أين؟ أين؟ لكنني قد أردّ لأثني على إطراء! أو لأضفي مزيدا من التواضع على كلامي، أو على ابتسامتي إذا قابلتك وصافحتك! ألا يكفي كل ذلك من تواضع؟
كفى! كفى! إن كريم الأصل كالغصن، كلما ازداد من خير، تواضع وانحنى.
- التصنيف: