الافتراء على الأبرياء جريمة عظيمة
محمد صالح المنجد
وكم أشاع الناس عن الناس أموراً لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، وخصوصاً عند من عرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت، والتحرز، وعدم التسرع..
- التصنيفات: الآداب والأخلاق -
فإن الافتراء على الأبرياء جريمة عظيمة، وخطيئة منكرة: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [سورة النــور 15]. إن إيذاء المؤمنين والمؤمنات، من الأبرياء والبريئات، عاقبته خطيرة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [سورة الأحزاب 58]. إن الظن السيئ، والتسرع في الاتهام، رُوّع به أقوام من الأبرياء، وظُلم به فئام من الناس، وهُجر به صلحاء دون مسوغ شرعي، المبعث على ذلك العداوة، والسلاسل المظلمة من المجهولين الذين ينقلون الأخبار، والظن الآثم، والغيبة النكراء، والبهتان المبين.
إن اتهام الأبرياء بالتهم الباطلة، والأخذ بالظن والتخمين، ورمي المؤمنين بما لم يعملوا، وبهتانهم بما لم يفعلوا، عاقبته وخيمة، وآثاره أليمة في الدنيا والآخرة، لقد صار الحسد، والعداوات الشخصية، من الأمور المستشرية التي تبعث على هذه الافتراءات، وهذا يوصف بالإجرام، وآخر بذهاب الدين، وثالث بالسرقة والاحتيال، ورابع بالفاحشة، وتستمر وسائل التدليس، في ماكينتها الحديثة من مواقع الأخبار في الإنترنت وغيرها، وألسنة الناس تلوك أعراض الأبرياء، ويقولون: فلانة هي التي عملت لكم السحر وهي بريئة، فيصدقون المشعوذ، والذي يتعامل مع الشياطين، فلان عقد لكم السحر، فيتسببون بالقطيعة بين الأقارب، ويأخذون الأخبار من هؤلاء الكهان، والسحرة، أخبار الكذب والدجل؛ لتحدث القطيعة والبغضاء،
قال الشيخ السعدي رحمه الله: "وكم أشاع الناس عن الناس أموراً لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، وخصوصاً عند من عرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت، والتحرز، وعدم التسرع، وبهذا يعرف دين العبد، ورزانته، وعقله، قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [سورة النحل 105].
وقال ﷺ: «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً».
قال شيخ الإسلام: "الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيئات ونظامها، فإن الله سبحانه فطر القلوب على قبول الحق، والانقياد، والطمأنينة به، والسكون إليه، ومحبته، وفطرها على بغض الكذب، والباطل، والنفور عنه، الريبة به، وعدم السكون إليه".