نصائح للنساء في حياتهن الزوجية
وأرى من نعمة الله على الزوج أن تكون المرأةُ تُحبُّه إلى هذا الحدِّ، ولكني أقول للمرأة: خفِّفي من الغَيْرة، لئلا تَشُقِّي على نفسك وتَتعبي.
{بسم الله الرحمن الرحيم }
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه نصائح للنساء في حياتهن الزوجية, جمعتها من مصنفات العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفع بها.
تخفيف المهر من أسباب بركة النكاح، والمغالاة فيه تسبُّب المشاكل بين الزوجين:
قال الشيخ رحمه الله: المبالغة والمغالاة في الصداق خلافُ السُّنَّة، فإن السُّنَّة تخفيفُ الصَّداق، وكلما خفَّ الصداق كان أبركَ للنكاح، فإن أعظمَ النكاح بركةً أيسرُه مؤونةً، والمغالاة في المهور تُسبِّب مشاكلَ كثيرةً، منها: أنها تضرُّ الزوج، وربما يحتاج إلى الاستدانة من الغير، وتتراكم عليه الديون، وإذا قدر أنه حصل بينه وبين الزوجة وأهلها مشاكلُ، فصَعْبٌ عليهم استخراجُها من هذا الزوج، واستنقاذها منه؛ لأن الزوج قد بذل شيئًا كثيرًا، فالسُّنَّة تخفيفُ المهر، وهو من أسباب بركة النكاح، ومن أسباب سهولة الانفصال إذا حصل بينهما مشاكلُ.
ثواب الزوجة إذا خدمت زوجها في البيت:
سألت زوجةٌ الشيخَ أريد أن أُصلِّي في الليل لكن طول النهار أكون في خدمة البيت حتى الساعة العاشرة مساءً ممَّا يجعلني في حالة إرهاق شديد فهل أُثابُ على نيَّتي؟
فأجاب الشيخ رحمه الله: نعم يُثابُ المرءُ على نيَّته إذا اشتغل بما هو أفضل ممَّا ترك، وهذه المرأة قامت بواجب من واجبات حياتها، وهو خدمة زوجها في البيت، وهو أفضل مِنْ أن تتهجَّد، فإذا علم الله من نيَّتِها أنه لولا قيامها بهذا الواجب الذي تُخْشى أن يكون في إضاعته إثمٌ، فإنه يُرجَى أن يكتب اللهُ لها الأجْرَ كامِلًا.
عدم إحضار الخادمة إلا للضرورة القصوى لما يترتَّب على وجودها من أخطار:
قال الشيخ رحمه الله: مسألة الخدم أصبحت مشكلةً اجتماعيةً، كل واحد يُريد أن تكون عنده خادمة، وقد يكون ذلك بلا حاجة، مع أنه يترتَّب على وجود هؤلاء الخدم مفاسدُ في بعض الأحيان، فالخادمة قد تكون على جانبٍ من الجمال
والشباب، فيَفْتَتِن بها صاحبُ البيت، ويفتتن بها أولادُ أصحاب البيت أيضًا، ولا سيما الشباب، و((الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم))، ويُزيِّنُ له سوءَ عمله، تجد الرجل عنده زوجة من أحسن النساء جمالًا وشبابًا، فإذا أتى بهذه الخادمة التي تكون متزوجةً وثيبًا، فإذا به يُزيِّنها الشيطانُ في قلبه حتى يفعل الفاحشة بها.
وإننا لترِدُ علينا مسائلُ من هذه الأشياء، واستفتاءات، وأسمعُ ما يشيبُ منه الرأسُ ممَّا يقَعُ من هؤلاء الخدم من الفتنة، فالذي أرى أنه يجب علينا أن يُرشِدَ بعضُنا بعضًا حول هذا الموضوع، وألَّا نسمح بإحضار الخادمة إلا للضرورة القصوى، وبشرط أن يكون معها مَحْرَمٌ، فإن لم يكن معها مَحْرَمٌ، فلا نُدخِلها لما في ذلك من الفتنة.
دعوة الزوجة للنساء محمودٌ بشرط ألَّا تكون على حساب الواجب للزوج والأولاد
قال الشيخ رحمه الله: دعوة النساء إلى الشريعة وإلى الخير كدعوة الرجال، فينبغي للمرأة أن تكون داعيةً كما ينبغي للرجل أن يكون داعيًا، ولكن لا تكون هذه الدعوة على حساب ما يجب عليها من معاشرة الزوج وقضاء حاجاته لأن الله تعالى
أوجب على كلِّ واحد من الزوجين أن يُعاشِرَ الآخر بالمعروف فقال تعالى: ﴿ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ﴾ [النساء: 19] وقال تعالى: ﴿ {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ﴾ [البقرة: 228]؛ لذلك نقول: إن وجود داعيةٍ بين النساء محمودٌ لكن بشرط ألَّا يكون على حساب الواجب على المرأة لزوجها أو أولادها.
من الخطأ أن تدعو الأُمُّ بالموت على ولدها الذي يرتكب المُحَرَّمات ولا يخاف الله:
سألت امرأة متزوجة الشيخ سؤالًا ذكرَتْ فيه: أن ابنها الأكبر يُقلِّد أباه في فعل بعض المحرَّمات؛ ولذلك فهي تكرهه أيضًا لتقليده أباه في فعل الحرام، وعدم خوفه من الله، وتدعو عليه بالموت، وتسأل عن حكم الدعاء على الولد؟
فأجاب رحمه الله: الدعاء على ولدها بالموت خطأٌ، ولا ينبغي للإنسان إذا رأى ضالًّا أن يدعوَ عليه بالموت، بل الذي ينبغي أن يحاول النصيحة معه بقدر الإمكان، ويسأل الله عز وجل له الهداية؛ فإن الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، والقلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه وتعالى يُقلِّبُها كيف شاء، وكم من شيء أَيِسَ الإنسانُ منه في تصوُّره، فيسَّر الله تعالى حُصُولَه، فلا تستبعدي أيتها المرأة أن يهدي اللهُ سبحانه ولدك، ادعي له بالهداية، وكرِّري له النُّصْحَ، والله على كل شيء قدير.
غَيرة الزوجة على زوجها إذا زادت صارت غبرةً أتعبتْها:
قال الشيخ رحمه الله: من طبيعة المرأة أن تغار على زوجها، وهذا دليلٌ على محبَّتِها له، ولكني أقول: الغيرة إذا زادت صارتْ غبرةً وليست غَيْرة، وتُتعِب المرأة تعبًا شديدًا؛ لذلك أُشيرُ على هذه المرأة أن تُخفِّفَ من غيرتها، وأُشير على الرجل أيضًا أن يحمَد الله عز وجل على أن هيَّأ له امرأةً صالحةً تُحبُّه؛ لأن هذا - أعني: التحابَّ بين الزوجين - ممَّا يجعل الحياة بينهما سعيدةً، وإلَّا فإن الغَيْرة أمرٌ فِطْريٌّ لا بُدَّ منه.
أرسلت إحدى أُمَّهات المؤمنين إلى النبي عليه الصلاة والسلام طعامًا في إناء وهو في بيت إحدى نسائه فلما دخل الرسول-الخادم- بالطعام والإناء فرحًا به، يُهديه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام لكن من امرأةٍ أخرى فهذه المرأة التي هو في بيتها غارَتْ فضربَتْ يد الرسول وطاح الإناء وتكسَّر وتبعثَرَ الطعام ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُوبِّخْها بل قال:( «غارَتْ أُمُّكُم» ) ثم حبَس الخادم حتى أُتِيَ بصَحْفة مِن عند التي هو في بيتها, فدفع الصَّحْفة الصحيحة إلى التي كُسِرَتْ صَحْفتُها, وأمسَك المكسورة في بيت التي كسرت الصَّحفة؛ لأن الرسول إذا رجع وقال: إن المرأة هذه فعلتْ كذا وكذا، سوف تتكدَّر المرسِلة، فإذا جاءها إناء ضَرَّتِها وطعام ضَرَّتِها فسوف تبرد وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام...المهم أن الغَيْرة بين النساء أمرٌ لا بُدَّ منه، وأرى من نعمة الله على الزوج أن تكون المرأةُ تُحبُّه إلى هذا الحدِّ، ولكني أقول للمرأة: خفِّفي من الغَيْرة، لئلا تَشُقِّي على نفسك وتَتعبي.
وقال رحمه الله: مهما تَصافَتِ النساءُ بينهن، فلا بُدَّ من غَيْرة، لكن يجب على المرأة إذا غارت ألَّا تأْثَمَ.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: